المفردات المتوازنة للخطاب السعودي
فالح عبدالعزيز الصغير *
،* الذين يعرفون مضمون الخطاب السياسي السعودي جيدا لم يستغربوا مفرداته حينما تحدث وزير الداخلية سمو الامير نايف بن عبدالعزيز,, وبالرغم من الضجيج
الاعلامي والحملات المكثفة من الاعلام اليمني على المملكة الا ان سموه لم يقابل العمل بمثله بل كان يستخدم عبارات تحمل في طياتها الاخوة والحرص على اليمن
وطنا وقيادة وشعبا,, واعطاء صورة واضحة عما حدث من خلال ارقام وحقائق وليست شعارات هدفها اثارة البلبلة والتغطية على احداث اخرى,
ما يعانيه المواطن العربي للاسف الشديد منذ سنوات لا سيما مرحلة الشعارات انه خرج منها بنتائج سلبية اعطت مؤشرا مؤلما لحياة مواطن عربي يجد راحته عندما
يغادر وطنه وخصوصا تلك التي تعلن عن نفسها بكلمات خادعة براقة سرعان ما تتضح حقيقتها,
انظمة عربية يعيش المواطن فيها رحلة عذاب يومية تؤدي به الى ان يبيع كل شيء يملكه لان من حوله يلتهمه,, امثلة متعددة منها (العراق) الوطن الذي يملك ثروات
في ارضه نفطية وزراعية وغيرها لكنها لا تستثمر لصالح تنمية مواطنيه وانما لتخزين الاسلحة واستخدامها ضد المواطن العراقي والجيران,, خطابه السياسي تحول الى
،(نكتة) لانها نفس العبارات والكلمات التي تستخدم في مواقف مختلفة,, خلال الحرب مع ايران كانت نفس الكلمات واحتلال الكويت تتكرر الكلمات وبعدها كذلك حتى
قبل ايام الكلمات تعاد باسلوب متكرر وشكل واحد في لغة الخطاب من الاشخاص محفوظة عن ظهر غيب,, وكأنهم تلقوها في فصل دراسي والعصا فوق رؤوسهم بحيث من يخطىء
ستنزل العصا بقوة على رأسه,
الخطاب السياسي السعودي يختلف عن كل ذلك,, لم يمارس دورا مضللا للمواطن العربي وانما يقدم له الهدوء والعقلانية ولم يرفع الشعارات الخادعة ويستخدم شعبه في
عملية مساومة يدفع ثمنها الشعب الذي يبحث في ازقة المدن العربية والغربية عن قطعة خبز يأكلها بطريقة يصل بعضها الى الاذلال والاهانة,, انظمة ساقت من يحمل
مؤهلات عالية الى الاستجداء والبحث عن ابواب للهروب والعيش بأمان وتعذيب في نفس الوقت,, امان لانه هرب من المطاردة المتواصلة، والتعذيب بسبب مغادرته
وطنه,, وكم هي المعاناة حينما يغادر المواطن وطنه في رحلة لا يعلم نهايتها,
اقرأوا جيدا ما قاله الامير نايف خلال الاسبوع الماضي سواء في مؤتمره الصحفي او تصريحه بعد رعايته احتفال الهلال الاحمر السعودي بمناسبة مرور خمسة وستين
عاما على تأسيسه,, وقارنوا بين ما قيل هنا وهناك وبين ما تردده بعض الاصوات التي تسيء الى العمق والتاريخ,, الامير نايف يؤكد ان امن اليمن هو امننا,
قراءة لتلك الكلمات تكشف الامتداد والحرص على الحفاظ على امن اليمن لانه كما قال سموه خير اليمن خير للمملكة,, بعد كل ذلك تأتي الاصوات النشاز لتحاول
التأثير ومحاولة اثاره الغبار لكن منطقية وعقلانية الامير نايف بن عبدالعزيز تفوّت الفرصة على اؤلئك الذين يهدفون الى دق مسامير سامة,, ولا يهمهم الا
تحقيق اهداف ينسون او يتناسون ان نهايتها لغير مصلحتهم,
في دول عربية يشتم المواطن العربي في الشارع ويهان، يقتحم مسكنه وتمارس عليه اساليب تقوده الى السجن او مستشفيات الامراض النفسية,
مواطن عربي يحكي معاناته خلال وجوده في دولة عربية,, حين ذهابه الى مطعم يواجه معاملة استفزازية رغم انه جاء ليدفع مالا وليس للاستجداء,, آخر وجد نفسه في
مواجهة عنيفة بالشارع، كلمات جارحة قذف بها واياد تمتد للاعتداء عليه وعندما ابلغ رجل الامن لم يحرك ساكنا,
وآخرون لا يسمح لهم بتحويل مائة دولار الى اهلهم واطفالهم وانما عليهم ان يصرفوها في الداخل واذا وجد في جيبه ذلك المبلغ فربما يجد نفسه مسجونا داخل غرف
مغلقة لا يعلم متى يخرج منها,
شخص آخر يتحدث بألم عن تجربة سفره لدولة عربية وفي وسطها التجاري احاط به مجموعة من الناس ووضعوه داخل دائرة رغم انه لم يلبس ملابسه التقليدية,, تلقى
خلالها سيلا من الكلمات الجارحة ورمي بحجارة ومعلبات,, حاول التجاوز والخروج من الدائرة لكنه وجدها تكبر وبصعوبة وبعد اصابته اتجه مسرعا لاختراق الدائرة
والهروب منها وسط هياج وصراخ شكل له تأثيرا نفسيا لزمن طويل,
نماذج لما يعانيه المواطن العربي في بعض الدول العربية ، ولكن ,, في المملكة العربية السعودية يعامل المواطن العربي معاملة خاصة,, الذي يلاحظ ان الكثير من
الاشقاء العرب يبقون لسنوات طويلة يعيشون براحة بال ويمارسون اعمالهم بكل حرية ولا قيود على (تحويل) المبالغ ولا متابعة له عندما يتزوج او يقتني سيارة او
يذهب الى الاسواق وغيرها من الاماكن,, بل ان الكثير منهم اقام علاقات ودية وعائلية تتنامى في ظل من الاخوة والمحبة,, وهذا امر يؤصل مبدأ الترابط العربي
العميق بين ابناء الامة العربية الواحدة فاخواننا العرب الموجودون بين ظهرانينا بالمملكة سواء من ابناء الشعب اليمني او غيرهم لا يشعرون بغربة في وطنهم
الثاني (المملكة) بل يشعرون انهم يعيشون في ديارهم وبين اخوانهم واذا كانت ظروف الحياة قد اضطرتهم للعمل بالمملكة فإن عزاء التغرب يكمن في عدم الشعور به
بين اخوانهم من المملكة، ولهذا فإن الجوانب المضيئة للمفردات السياسية السعودية كانت واضحة اثناء دعم سمو وزير الداخلية لمبدأ الاخاء بين العرب حينما اكد
ان الاخوة اليمنيين يعيشون بين اخوانهم بالمملكة وان الخلافات الجانبية لن تؤثر على الاطلاق على اوضاعهم بالمملكة وهذا يؤكد عمق الروابط التاريخية القائمة
بين المملكة واليمن وهي علاقات تاريخية ضاربة في القدم ولا يمكن على الاطلاق ان يؤثر عليها اي خلاف طارىء ويعلم ابناء البلدين عمق علاقاتهم القديمة
والحديثة وهم جادون لتطويرها باستمرار ، وكما اكد سموه فلن ينعكس الخلاف على الحدود بين البلدين على اوضاع اخواننا اليمنيين في المملكة فسوف يبقون يزاولون
اعمالهم المعتادة مكرمين معززين في بلدهم الثاني وليس من سياسة المملكة ان تعمد الى مضايقة اي جالية من الجاليات سواء كانت يمنية او غيرها من المملكة
عندما يطرأ خلاف في وجهات النظر بين المملكة وأي دولة، او عندما ينشب خلاف بينها وبين اي بلد حول اي مسألة من المسائل,, سياسة البلدين قادرة على احتواء اي
خلاف طارىء بينهما وحلّه بالطرق السلمية المعهودة بين شعبين جارين مصيرهما واحد دائما,
*مدير التحرير بجريدة اليوم


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved