منطلقات المصارحة في الخطاب السياسي السعودي
فالح عبدالعزيز الصغير*
،* لم يكن الخطاب السياسي السعودي في اي زمن يخضع لضغوط معينة تجعله يخرج عن مساره الصادق والواضح,, واضعا المنطلق الحقيقي للمنهاج الذي يمنح مضمونا ويعطي
للمتعامل مع السياسة السعودية الثقة والتوازن والبعد المستقبلي الآمن,
المملكة العربية السعودية في تاريخها لم تقفز على الاسوار او تتجاوز الحدود او ترفع شعارات فارغة او تملأ الشوارع واماكن العبادة بالصور والتماثيل ولافتات
تحمل عبارات براقة خادعة لتفرض لغة خطاب تهديدي وتمجيدي او تأكل خبز الشعب وتحوله الى صور وكلمات واحتفالات واعياد لا نهاية لها,
الخطاب السعودي يملك مقومات تفرض الاحترام والتقدير بالمنطق والواقع لافرض قوة برفع العصا على الرؤوس وتصويب المدافع والبنادق صوب الناس المغلوبين على
امرهم لرفع صورة وشعار وكلمات لايقتنع بها المواطن,, هنا يختلف عن هناك حيث التلقائية في التعامل بين المواطن والقيادة,, العلاقة مختلفة,, البنية مختلفة,,
علاقة تقوم على العنف في اوطان اخرى,, وعلاقة تقوم على الود في وطن كان يتهم الى وقت قريب بالرجعية والتخلف والامبريالية وغيرها من الكلمات التي اثبتت
المواقف لمن تلك الكلمات او من يلبسها على مقاسه,
المنظور العام للخطاب السعودي يرسم مضامين واضحة,, بقراءة التاريخ وبالتحديد خلال عهد الملك عبدالعزيز (رحمه الله) هناك منهجية يتضمنها الخطاب لازالت
متواصلة تعتمد في منطوقها على الدين الاسلامي الحنيف وهو مرتكز سارت عليه الدولة وتحول الى دستور,, ففي خطاب للملك عبدالعزيز ألقاه في موسم حج 1365ه/
،1946م قال فيه (يجب ان يتطهرالمسلمون من البهرجة والزيف وان يتمسكوا بدينهم وخير ما يجب في هذا الصدد ان يتقي الانسان في دينه والمحافظة على العمل به كما
اشتمل عليه من الفضائل ومن اتخذ الدين نبراسا له اعانه الله ومن تركه خلف ظهره خذله الله),،
ويقول في خطاب آخر القاه في بداية شهر ذي الحجة عام 1350ه -1/ ابريل 1932م (مسألتان لا يمكن ان نقبلهما ولو قاتلنا اهل الارض حتى لا يبقى فينا احد وهما
التغيير في دين الله ولو مثقال خردلة لانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فالكتاب والسنة لا نحيد عنهما ابدا,, الثاني ان اي امر يلحق استقلال او شرف
بلادنا فهذا مستحيل أن نقبله ولو تكلم من تكلم او قال من قال، انا لست من رجال القول الذين يرمون اللفظ بغير حساب انا رجل عمل، اذا قلت فعلت وعيب عليّ في
ديني وشرفي ان اقول قولا لا اتبعه بالعمل وهذا شيء ما اعتدت عليه ولا احب ان اتعوده ابدا),،
تحمل اوراق التاريخ ايضا وضوح الخطاب السعودي في اوقات مختلفة فخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز في احدى المناسبات يعيد للذاكرة المنهاج
السعودي حينما قال (المملكة العربية السعودية هي واحدة من دول امة الاسلام، هي منهم ولهم، نشأت اساسا لحمل لواء الدعوة الى الله، ثم شرفها الله لخدمة بيته
وحرم نبيه فزاد بذلك حجم مسؤوليتها وتميزت سياستها وتزايدت واجباتها، وهي إذ تنفذ تلك الواجبات على الصعيد الدولي انما تتمثل ما امر به الله من الدعوة الى
سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتتحسس ما كان يفعله رسول الهدى صلى الله عليه وسلم عندما يواجه الشدائد وعظائم الامور يستخدم العقل استخدامه للقوة
فالاسلام دين الرحمة والعقل والقوي يأبى التخريب ويحارب الغوغائية محاربته للذل والضعف والاسترخاء,, هذه هي منطلقات سياستنا في الداخل والخارج ولذا فان
على المؤمنين بالله من قادة المسلمين وعلمائهم مسؤولية كبرى في مؤازرتنا والسير معنا في طريق الدعوة الى الله وتطبيق احكامه في شتى فروع الحياة ونحن نمد
لهم ايدينا باخلاص لا تعكره ريبة وبعزم لا يشوبه وهن ولا تردد وعندما تصدق النية وتصح العزيمة ويتوحد الصف فسوف تكون امة الاسلام اقوى امم الارض بايمانها
اولا ثم بما حباها الله من ثروات هائلة ومراكز جغرافية حساسة تدعم ذلك كله قوة عسكرية نرهب بها الاعداء ونحمي بها الاصدقاء فلو تحقق هذا الهدف الذي لانزال
نسعى اليه لما حاكت الدول الكبرى مؤامراتها ضدنا,, لتفتيتنا وتقطيع اوصالنا وغزو اراضينا),،
بنفس المنهاج يطرح الامير عبدالله بن عبدالعزيز الخطاب السعودي في اكثر من مناسبة سواء خلال جولات الوفاق العربي او العالمي ومنها الجولة الاخيرة التي
بدأت في بريطانيا وتواصلت لدول اوروبية وآسيوية والولايات المتحدة الامريكية,, فهو يقول بوضوح وصراحة سموه (لاننا في المملكة العربية السعودية قبلة
المسلمين نشعر بأهمية مكاننا من الاسلام والمسلمين جاءت زياراتنا هذه قائمة خارج الحسابات السياسية التي ربما تأتي مفاهيمها على درجة كبيرة من الجهل
بفضائل الاسلام وقيمه وتراثه الحضاري والتاريخي والانساني فليس أخطر على الانسان اليوم من سوء الفهم لتعاليم الدين الحنيف المنافي للعصبية والعنصرية,,
فالناس سواسية امام عدل الله ورحمته، ولخطورة ما على الساحة العربية والاسلامية اليوم من خلل سياسي وامني اوجدته مفاهيم تجاوزت ويا للأسف حتى اقدس ما
يملكه الانسان المسلم في هذه الحياة وهو عقيدته الاسلامية والقاء التهم الباطلة عليها وياللاسف ولم تحترم اكثر من الف مليون مسلم على وجه الارض سنكون في
زياراتنا هذه صرحاء مع الاصدقاء او مع من يجهلنا او يتجاهلنا),(نحن العرب والمسلمين سنحمل معنا قضايا امتنا باخلاص ونجري حولها الحوار الهادىء ونجادل
حولها بالحسنى فالشطط في القول سيكون خارج لغتنا سيكون مدخلنا مع الحوار واسعا رحبا مخلصا غير متخاذل سنسعى بكل احساس يقظ الى ما يقال لنا ونتعامل معه
بعدل ومحاججة دون مكابرة او مغالطة في حق يوجهنا الى ذلك سعة الامل في ان تصل بنا زياراتنا هذه الى ان نعود منها وقد اعطيناباعتدال واخذنا به في جميع
القضايا ان شاء الله فعسى ان يوفقنا الله سبحانه في مسعانا ويأخذ بأيدينا الى الخير ويمنح بصيرتنا نحن الامة ان ترى مصادر القوة فيها حين تأخذ بقوله
تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وقوله تعالى: -(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) ,,
وفي هذا التوجيه الكريم سبيلنا ان شاء الله الى مكاننا التاريخي الرحب الذي لنا,, فأمننا واماننا وسعادتنا في هذا ولعلنا بهذا قد وضعنا على اية علامة
استفهام عن زياراتنا هذه شيئا من ملامحها وهي ملامح تتسع باتساع ظروفها واستجابة هذه الظروف لاهم ما يمكن ان يدور حوله الحوار العادل),المحصلة النهائية
تتضح نقاط عديدة من اهمها المصارحة في الخطاب السياسي السعودي,, وقبل ذلك الارتكاز على الدين الاسلامي وهو مع ما يتوافق مع المراحل والاوقات المختلفة اي
ان العناصر في الخطاب واحدة وان اختلف المضمون حسب المناسبة والوقت,,
في خطاب الملك عبدالعزيز عام 1365 قبل اكثر من خمسين عاما يتفق مع خطاب الملك فهد والامير عبدالله عام 1419ه في مساره ومنهجه وصدقه,, لذلك فان الامتداد
التاريخي للخطاب السعودي يأتي منسجما مع الشخصية السعودية بشكل متكامل بلور من خلالها لغة الخطاب والثقة والمصداقية التي تتمتع بها المملكة في النسيج
العالمي وثقلها مما جعلها تكسب احترام العالم وذات صوت مسموع مما يعني انعكاس الخطاب السعودي على توازن العلاقات السعودية باتجاهاتها المختلفة,, الاحترام
المتبادل والصدق في التعامل,, والمصالح المشتركة بشرط الا تؤثر المصالح على المرتكزات الاساسية للمملكة,
* مدير التحرير بجريدة اليوم


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved