تحت الدراسة ومشي حالك!!،
يبدو أن هناك علاقة متماسكة بين العالم العربي,, ومقولة تحت الدراسة فهي ممتدة في العمر الزمني وتدخل في اطار الاستهلاك الاعلامي الذي يجد مرتعاً خصباً
بين أروقة البيروقراطية العربية ,
شعار عربي لا يرفع كما ترفع تلك الشعارات التي تبقى مجرد كلام بلا محتوى، لكنه مغروس في دواخلنا وتعاملنا اليومي,, الكثير من أعمالنا تحت الدراسة,,
التفكير بمستقبلنا ومستقبل أجيالنا تحت الدراسة ,, ربما أكلنا ومنامنا واستيقاظنا في اليوم التالي على المنوال نفسه,, فاستيقاظنا المبكر لا يزال تحت
الدراسة لأننا تعودنا الاستيقاظ متأخراً حتى لو نمنا مبكرين,
تضيع أيامنا ووسادتنا تكبر,, تبقى تحت الدراسة,,
أسئلة مفتوحة,,
الى متى نبقى في دوامة تحت الدراسة ؟!،
المواطن والمسؤول العربي هل يملك القدرة للتخلص منها؟! ذلك المسؤول الذي يردد باستمرار تلك الكلمة,, يتناسى أنه قالها قبل أيام وأشهر وسنوات وما زالت تلوك
في فمه,,
مسؤول عربي لم يشبع من تردادها بقي مقعده الوثير أكثر من عشرين عاماً وهو يرددها,, غادر المقعد وظلت تدور في رأسه وفمه,, ماتت المشاريع العربية,, وهي لا
تزال في ذاكرته,, بيته,, شارعه,, عواصمه العربية,,
العالم العربي يبقى داخل الجدران,, يعيش حالة من الوعود الوهمية التي تشكل تحت الدراسة ركيزة أساسية لها، مشاريع وقرارات مؤجلة تمس الشخصية العربية
والمستقبل العربي,, يدخل الكثير منها وفق مفاهيم خاطئة نضعها شماعة لأخطائنا ونومنا الطويل,, العالم في رأي أولئك,, يحبطنا,, يسحقنا,, يقتلنا وغير ذلك من
المفاهيم التي تعشش في نفسيتنا,, هناك من يرى أن بيته وعمله ورجل الشارع يتآمر عليه,
كيف يحدث ذلك؟
لا اجابات مقنعة وانما تأكيد بلا مسببات وأدلة قاطعة,
الدنيا مصالح وهذا صحيح، لكن لماذا نمنح الآخرين الفرصة للقتل اذا كان هناك قتل وتآمر,, يجب الاعتراف أن العرب بقضاياهم، حلولها معهم وليست من غيرهم,, لا
ننتظر الحل يأتي ونحن نتفرج وفي الوقت نفس نقوم بدور ينعكس سلباً علينا,
بؤر ساخنة في مواقع عربية بعضها تحت الرماد والبعض الآخر فوقه,, قضايا مصيرية لا نملك الشجاعة لتحريكها وانهائها فلا زالت تحت الدراسة,, مشاريع بكميات
وافرة سواء داخل الجامعة العربية أو خارجها ما زالت تخضع للدراسة والتمحيص والتدقيق سنوات طويلة بعمر أجيال,, لا داعي لفتح الأوراق لأنها معروفة سلفاً
للمواطن العربي,,
مؤتمرات ولقاءات عربية تبدأ وتنتهي وقراراتها تدرس ولجان تعقد بشكل متواصل ومكثف ومتثائب وتبقى الدراسة على ما هي عليه,
اذن,,
أين الحل؟,,
سؤال حاد يقفز امام كل عربي,, الحل لا يأتي بقرار من قمة عربية وانما في داخلنا وأنظمتنا العربية التي يعشعش فيها الروتين ممثلاً في أقوال: تحت الدراسة
وتعال بكرة,, معليش,, ومشي حالك ,, وأمثالها,
الانقاذ يأتي من مناهجنا الدراسية وفي طريقة تعليمنا,, وداخل بيوتنا,, وشوارعنا,, وفكر الآباء والأمهات والأبناء,
الحل قريب من أيدينا لكن متى نقبض عليه؟!،
المسؤول العربي عندما يتولى مسؤوليته يحرص على تغيير مواقع الكراسي والطاولات من خلال تجديد أثاث مكتبه ويأخذ ذلك وقتاً طويلاً ومن ثم يبدأ البعض منهم
الانتقاد الحاد للمسؤول السابق وهكذا يدور في حلقة الروتين والتأخير وانتفاخ العمل مما يؤدي الى بطالة داخل ادارته اي ان هناك عددا من الموظفين يحتلون
مواقعهم لكنهم لا يعملون ولا يفكرون الا في: متى ينتهي الوقت؟ والوصول الى العمل متأخراً,
المواطن العربي قد يكون له دور فيما يحدث لأنه يساهم في ذلك من خلال الاتكال على كل ما هو حكومي, فالحكومة في رأيه تملك عصا سحرية لحل مشاكله سواء
الاقتصادية أو العائلية اضافة الى طريقة تعامله فهو لا يقتنع بالقرار الخاص بقضيته مما يجعلها تكبر وربما تهرم وبالتالي تظل حبيسة الغرف المغلقة والعبارات
المتكررة, لذا ليس غريباً أن تبقى القضية سنوات طويلة والنتيجة ما زالت تحت الدراسة,, أو مشي حالك فلست الأول والأخير الذي يمس حياته وخطأ كبير تأتيه بكل
بساطة كلمة,, معليش , في الدول المتقدمة تصل معاملات الانسان الى بيته دون الدوران والانتفاخ والزمن الطويل والكلمات التي لا تنتهي,
متى نصل الى ذلك؟
اعتقد ان الوصول يتطلب وقتاً طويلاً,، الى الآن العالم العربي لا يعرف كيفية الدخول الى القرن الجديد,, مازلنا تحت تلك الكلمات,, دول مستهلكة في كل شيء,,
منامنا,, أكلنا,, تفكيرنا,, نسير في الخلف,, متفرجين قد نضيع مقاعدنا ونبقى واقفين,, لا حيلة ولا قرار,, لم نتعود أن نكون أصحاب القرار,, غيرنا يقرر ونحن
ننفذ,, بأسف وألم هذا هو الواقع!،
،* مدير التحرير بجريدة اليوم
فالح عبدالعزيز الصغيّر *


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved