سيرة ذاتية مبعثرة |
* الكتاب: امرأة: عشق بسيط.
* المؤلف: آني ارنو.
* المترجم: هدي حسين.
* الناشر: شرقيات.
الكاتبة (اني ارنو) لا تذهب بعيدا في كتابها امرأة عشق عما سبق ان قدمته في كتاب (المكان) لا اقصد انها تكرر نفسها في كلا العملين بل اسلوب الكتاب قد يكون واحدا اوهكذا تأتي ملامح مشروعها الابداعي فكل عمل من اعمالها يتخذ من شخصية ما محورا له حافرا بعمق في طبقات هذه الشخصية مزاجها حياتها طريقة عيشها تفاصيلها الصغيرة كل شيء عنها.
في كتاب (المكان) كان ابوها هو موضوع العمل في (امرأة) تكون امها في (عشق بسيط) حبيبها هو الشخصية التي تستأثر بالاهتمام تكاد تقدم لنا في هذه الاعمال صورة مكبرة شيئا ما عن هذه الشخصيات صورة اقرب ما تكون الى السيرة سيرة يكتبها شخص قريب جدا من منطقة المحكي عنه ولا تتكىء على وثائق او معلومات بل علاقة تماس وانجدال مع هذه الذوات في كل الاعمال الكاتبة حاضرة، حاضرة ليس فقط لجهة علاقتها الشخص محور العمل بل حاضرة كروائية يطال الحديث عن شغلها على كتبها وكتابتها مساحة ليست هينة من السرد حتى انه لكثرة ما يتردد الحديث عنها ككاتبة نعتقد انها تكتب سيرتها هي سيرة مبعثرة في عدة أعمال سيرة تعكسها شخصيات عديدة ومختلفة مع ان الكاتبة تطرح في ثنايا كتابها ان هذا ليس سيرة وانه شيء ربما يقع بين الادب وعلمي الاجتماع والتاريخ لكن قد لا يهم تجنيس العمل اي الى اي جنس ينتمي ازاء علاقة السارد أو الكاتبة بمن تحكي عنهم او ما الغاية من الكتابة هنا ولماذا هذه الشخصيات؟ الكتابة هنا تتخذ معاني عديدة وقد تختلف لكنها ربما لن تكون متناقضة وستخدم في النهاية السياق العام في موضع ما من كتابها هذا امرأة عشق بسيط تقول (الكتابة طريقة في العطاء) وان طريقة الكتابة تساعد على الخروج من الوحدة والذكرى وانها تكتب عن امها ربما لكي تعيد بدورها ولادتها الى العالم او انها تكتب لتصل المرأة المعتوهة التي صارتها امها بالمرأة القوية العارفة التي كانتها,, وهي ايضا حينما تكتب مثلا عن امها فذلك لان امها تصل المرأة التي تكونها بالطفلة التي كانتها امها التي بفقدها لها كأنما تفقد آخر ما يربطها بالعالم الذي ولدت فيه,.
في كتابتها تحاول ان تكون محايدة او هي ترغب ان تكون كذلك ان تترك مسافة كافية تمكنها من استيعاب ما جرى وتحليل الذكريات بسهولة كما انها تحرص على ان تكون طريقة كتابتها ملائمة لاكتشاف ما يمكن اكتشافه عن هذه الشخصيات لذلك هي تولي عناية خاصة ل(اختيار وترتيب الكلمات) كأنه يوجد نظام امثل يمكنه وحده ان يعيد الى حقيقة لا اعرفها عن امي ولا شيء يهمني اثناء الكتابة غير اكتشاف هذا النظام.
في (عشق بسيط) تتقدم معرفتنا بالكاتبة بشخصياتها التي لا تكتب عنها بقدر ما تحيا معها أوتستعيد حياتها معهم خلال الكتابة، الكتابة التي تعتبر هنا او انها تمثل احدى تلك الوسائل التي تساعد على تحمل الشجن الوسائل التي تستمر في بعث الامل عندما يقول العقل انه ليس هناك امل في هذا النص نحن ازاء عشق رهيف امرأة تحاول الاحتفاظ ليس بالذكرى فقط ذكرى الغائب بل حتى بأدق الاحاسيس التي انتابتها ذات لحظة مع هذا الشخص حتى الانتظار الانصراف هذه اللحظات العصية تحاول الكاتبة القبض عليها القبض على لحظة لقاء او انتظار شخص ما له معزة خاصة في قلبها ورصد كافة الحركات اكثرها دقة اكثرها متناه في الصغر,, واحيانا اللحظة التي تلي انصرافه فيتبدى العمل وكأنه يسعى الى تثبيت صورة اللقاء شكله رائحته في افق الذاكرة حفاظا على ان لا يتبدد في زحمة اشياء كثيرة التمسك باي علامة كانت تدل على حضوره وحتى ان كانت (حرق سجادة الصالة) والاستمتاع بالحلم بالبقاء مع العشيق بأن تترك نفسها الى جواره هو ما يستحوذ عليها لساعات طويلة ولا تسمح لاي شيء ايا كانت اهميته ان يعيقها,, قصة عشق تعرض امام القارىء عشق مع نوع آخر شفيف وحار, في هذا النص ليس هناك الرغبة عند الكاتبة في البحث عن جذور هذا العشق في تاريخها البعيد او الحالي كما لا ترغب في ايجاد تفسيرات لعشقها.
وتقول انه كان يمكنها ذلك لو كانت تعتبره (خطيئة او فوضى تحتاج الى تبرير) وانها فقط تريد ان تعرضه كما اننا لم نعرف عن هذا الشخص الذي عشقته اي شيء لا اسمه ولا هويته باستثناء كونه من بلاد الشرق ذلك لانه كما تقول الكاتبة لم يختر ان يظهر في كتبها بل في حياتها.
الكاتبة من جهة اخرى ترى ان هناك مهلة تفصل اللحظة التي تكتب فيها تلك الاشياء المتعلقة بعشقها والتي تكون فيها هي القارئة الوحيدة عن اللحظة التي سيقرؤها فيها الناس لذلك وبفضل هذه المهلة تستطيع ان تكتب دون التفكير في العواقب لكن مع اقتراب التفكير بالنشر ودفع هذه الاشياء الى ان تكون في متناول الناس حيث سيكونون على مسافة قريبة جدا من حياتها هنا تتبدى مسألة القلق وتنتهي ممارستها لبراءتها.
فهي تقول: انها الاحكام قيم العالم العادية التي تقترب مع نية النشر (قد يمنع الاضطرار الى الاجابة عن سؤال الناس (هذه سيرة ذاتية؟) او تبرير هذا او ذاك كل الكتب من ان ترى النور اللهم إلا في شكل روائي يحفظ المظاهر).
|
|
|