Saturday 13th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,السبت 25 ذو القعدة


الدلالة العظمى ,,!
د, عبد الله ناصر الفوزان

اطلعت منذ أكثر من عامين على مقابلة صحفية مع احد السياسيين العرب، وكانت نوايا نتنياهو من عملية السلام آنذاك قد اتضحت، وهناك جدل كبير في الاعلام العربي حول ما ينبغي عمله رداً على تعنت نتنياهو، وقد سأل الصحفي ذلك السياسي العربي عن رأيه في احتمال قيام حرب عربية اسرائيلية، فرد السياسي بما معناه ان العرب الآن لا يستطيعون الدخول في حرب مع اسرائيل، فقال المحاور اذن يمكن الرجوع لأسلوب المقاطعة، فرد السياسي العربي الكبير بالقول ان ذلك ليس في صالح الفلسطينيين الآن اذ سيكونون هم ضحايا هذا الاسلوب، وحين قال له المحاور كيف؟ قال سترد اسرائيل بالمثل ليس على العالم العربي طبعاً ولكن على الفلسطينيين فتغلق حدودها معهم وتحاصرهم بشكل دائم وحينئذٍ سيجد الأخوة الفلسطينيون انهم اصبحوا مساجين,, فاستفهم الصحفي باستنكار قائلاً: مساجين,,؟؟؟ فقال السياسي العربي بل اسوأ لان المساجين يجدون من يعطيهم الطعام والشراب بينما الفلسطينيون حينئذ قد لا يجدون من يقدم لهم ذلك,, فصرخ المحاور بيأس قائلاً اذن ما العمل؟؟ فقال السياسي العربي ما معناه انه ينبغي التصرف وفق ما هو متاح,, وانتهى الحوار دون ان يوضح السياسي الطرف الذي ينبغي عليه التصرف وفق ما هو متاح,, هل هم العرب عامة ام الأخوة الفلسطينيون، كما لم يوضح ما هو هذا المتاح، ولم يستفهم منه الصحفي عن ذلك لأنه فيما يبدو اصيب بالشلل الكلامي نتيجة لليأس القاتل الذي وجد نفسه فيه.
حينها تخيلت الأخ الفلسطيني واقفاً في الشمس المحرقة خارج غرفته يمد يده متوسلاً للاسرائيلي الذي يجلس مرتاحاً في تلك الغرفة المكيفة بعد ان اغتصبها منه ويمد بندقيته باتجاهه وكأنه يقول له انصرف والا اطلقت عليك النار، وكنت اسأل نفسي ما الذي سيجعل هذا الاسرائيلي يتنازل عن جزء من الغرفة ما دام الامر على هذا النحو، ولم اجد وقتها كاجابة على السؤال الا احتمالاً واحداً ممكنا، وهو ان يسمح هذا الاسرائيلي للفلسطيني بان يقيم له (صندقة) من الصفيح في الشمس مؤقتاً حتى يجد جماعته حلا لمشكلته,, وكنت بعد ذلك مثل غيري اراقب تطورات القضية، وبعد ان لاحظت ان الاخوة الفلسطينيين استجاروا بأمريكا على طريقتنا القبلية، فرفض الاسرائيليون حلول امريكا بكل بساطة، بدأت افقد الأمل حتى في الصندقة الفلسطينية، وازداد املي ضعفاً يوم امس الاول حين شاهدت العقيد القذافي ينصح (ابو عمار) باستخدام الأسلوب الدبلوماسي في مسألة اعلان الدولة الفلسطينية، وطبعاً معروف انه ليس امام الذي يقف في الشمس ويمد يده الا الاسلوب الدبلوماسي ولكن ان يقولها الأخ العقيد فذلك حتماً له دلالة (عظمى).

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
جائزة الامير سلمان
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved