Saturday 13th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,السبت 25 ذو القعدة


جائزة الأمير سلمان تأكيد للاهتمام بحفظة القرآن الكريم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين,, اما بعد:
فإن من نعم الله التي انعمها على عباده، نعمة الدين وإرسال الرسل، وتأييدهم بالمعجزات وتلك نعم توجب الشكر، واعظمها نعمة الإسلام الذي جاء خاتما لجميع الأديان السماوية السابقة والنبي الأكرم الذي ختمت به النبوة والرسالات - صلى الله عليه وسلم - والكتاب المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من عزيز حكيم، ختمت به الكتب، وهو آخر المعجزات التي لا تزال باقية امام البشر إلى ان يرث الله الارض ومن عليها، ولكون هذا الكتاب معجزة، ووعد الله سبحانه وتعالى بحفظه، فقد ظل على مر العصور والأزمان مذ نزل الى يومنا هذا والى ما شاء الله موضع العناية والرعاية من شتى طبقات الأمة المسلمة ومجتمعاتها أينما كانت، عناية بخطه ونسخه، وعناية بحفظه وعناية بتعليمه وتدبره وتفسيره وشرحه، وتوجت في عصرنا الحاضر بالعناية في طبعه ونشره وتوزيعه، والعناية الأكبر والأولى بتطبيقه واتباع أوامره وتنفيذ أحكامه، ورغم ما مر بالأمة الإسلامية من عصور ضعف وتشتت إلا أن اهتمامها بكتاب الله لم يضعف، وإنما كان يعلو أحياناً ويضعف حيناً.
وفي عصرنا الحاضر ابتليت معظم بلاد المسلمين وبالاستعمار، وغيبت الشريعة الإسلامية، وأبعد القرآن الكريم عن حياة المسلمين في محاولة لفصل تلك المجتمعات عن كتاب الله الكريم.
ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون، وذلك بقيام دولة إسلامية في العصر الحديث على كتاب الله وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك حينما تعاهد الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب - رحمهما الله - على إقامة دولة الإسلام، واحياء الشريعة، وتجديد ما اندرس منها، وتنقية العبادات مما شابها من أدران البدع والشركيات، وعلى هذا الأساس المتين المكين، قامت الدولة السعودية الاولى فالثانية ثم الثالثة على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مترسما خطى اسلافه مدركا ببصيرته الثاقبة ان لا حياة لأمة بدون عقيدة التوحيد، فشرعة الله لها الحياة والديمومة، وشرائع البشر لا تعمر طويلا، وحوادث التاريخ وعبره ماثلة امام العقول النيرة التي وهبها الله لهؤلاء القادة العظماء، فلا حياة ولا التئام ولا تآخي بدون عقيدة التوحيد وشريعة الإسلام المستمدة من كتاب الله الكريم وسنة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بالايمان والجهاد والعزيمة والصبر قامت في الجزيرة العربية دولة إسلامية مرموقة ضمت أول وحدة عربية في العصر الحديث بقيادة الإمام عبدالعزيز رحمه الله.
وفي ظل هذا المجتمع الايماني الذي قويت فيه العقيدة، وطبق فيه شرع الله، ونهض العلم الشرعي، وسائر العلوم الاخرى، وكثرت المدارس، ونبغ العلماء في كل ارجاء المملكة الفتية, وقامت نهضة تعليمية متزينة بالرداء الإسلامي الجميل، فاتكأت مناهجها على كتاب الله الكريم، واصطبغ المجتمع بهذه الصبغة، وظهرت ألوان التكافل والمواساة (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة).
ويفتح الله الكنوز لهذه القيادة الحكيمة، فتوجهها في مصارف الخير، وذلك من اثر التربية الايمانية وابتغاء ما عند الله سبحانه، ففتحت المدارس، واجريت المكافآت لطلبة العلم، ووزعت العوائد السنوية للفقراء والأيتام والارامل والمحتاجين وذوي الإعسار، واقيمت المستشفيات، ودور العلم، والمساجد والجوامع، وكل ذلك من مصارف رسمية.
ولكن هل توقف الامر عند هذا الحد؟ لا فإن آثار التربية الايمانية بلغت مداها في القلوب، فأصبحت ترجو ما عند الله، فظهرت الصدقات العينية، والتبرعات لمنكوبي الكوارث، وبنيت المساجد، وقدمت المكافآت والجوائز للنابغين من الطلاب، ودعمت الجهات القائمة على تحفيظ كتاب الله الكريم، طبعت الكتب الدينية، ووقفت لوجه الله، واجريت السقاية والرفادة في رمضان والحج لكل عابد، وكل ذلك يقدم من الاموال الخاصة (انما نطعمكم لوجه الله).
إن المتأمل لحالة المجتمع المسلم في المملكة العربية السعودية وما أحاط به من الأمن والأمان والاستقرار والسلام والعيش الرغيد ما كان ليأتي لو لا فضل الله سبحانه ثم اتباع شريعته وتطبيق احكامه، ثم فضل الله في هذا النمط من القيادات التي وهبت نعمة اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت والمكان اللائقين انه القرار الحكيم وكفى.
وهذا أوجد بفضل الله نعمة الاداء والانتاج في سائر الأعمال، ومنها وأهمها العناية بكتاب الله الكريم الذي حظي بشتى ألوان العناية في المجالين العام والخاص، فقد قامت مناهج التعليم على حفظ كتاب الله الكريم، كما فتحت ابواب الخير لمن أراد، فأقيمت جمعيات تحفيظ القرآن الكريم الخيرية، واتسعت حلقات تحفيظ كتاب الله الكريم في المساجد، وتطورت أعداد حفاظ كتاب الله، واتخذت الأساليب المشجعة على حفظه وتجويده وتفسيره، فوزعت المكافآت، وأقيمت المسابقات، وقدمت الجوائز، وقام خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بالتوجيه الكريم لإقامة مسابقة دولية لحفظ القرآن الكريم، وتقديم الجوائز السخية للفائزين.
ثم أصدر قراره الكريم بتخفيض محكومية السجين الى النصف حينما يحفظ كتاب الله الكريم، وليحول السجون الى مدارس تهذيب وإصلاح، ثم يصدر أمره - حفظه الله - بإنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، ليكون أعظم مجمع للقرآن الكريم في العالم وفي التاريخ حيث سيقف عنده كل من يؤرخ للقرآن الكريم وجمعه ونسخه، وفي ظل هذا الجو الوارف المشبع بعبق الإيمان، تظهر آثار التربية الإيمانية لابناء الملك عبدالعزيز فنرى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز يتقدم في ميدان البر والأعمال الإنسانية حتى لا يكاد يمر يوم دون ان ترى اثرا لعمل إنساني له، أو لأحد أبنائه، ومن ضمن ذلك توليه بالدعم والتشجيع والرعاية لمناشط حفظ القرآن الكريم، سواء في الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، او في مسابقات تحفيظ القرآن الكريم التي تقيمها وزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والإرشاد، نعم إن التربية الايمانية والمجتمع المتكافل والبطانة الصالحة تورث العجائب بفضل الله وتوفيقه.
كانت المسابقة المحلية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره مجرد اجراء عادي، يتخذ قبيل المسابقة الدولية من اجل اختيار مرشحي المملكة العربية السعودية في المسابقة الدولية حتى جاء معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، فوضع لها تنظيما خاصا، ورفع من شأنها، وزاد من الحفاوة بها دعم صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز لها بالتشجيع والرعاية.
ولما لاحظه معالي الوزير من اهمية تشجيع ابناء المملكة العربية السعودية على الإقبال على كتاب الله الكريم بالحفظ والتدبر لبناء مجتمع إيماني، ولمعرفته بحب سموه الكريم لأعمال الخير وابتغاء ما عند الله الكريم عرض عليه - حفظه الله - تقديم جائزة سنوية باسم سموه على نفقته الخاصة لحفظة كتاب الله الكريم من ابناء مناطق المملكة فبادر سموه الكريم مرحبا وشاكرا لمعاليه الدلالة على الخير، وموجها بسرعة إعداد نظام لهذه الجائزة، وتصور عام عنها، وبمتابعة من سموه الكريم تم إعداد تصور قائم على ميزتين جديدتين لم يسبقهما سابق.
الأولى: تقديم جوائز لحفظة كتاب الله الكريم تبدأ من سبعين ألف ريال للفائز الاول وتنتهي بستة عشر الف ريال للفائز الاخير، وعددهم خمسة عشر فائزا عدا المكافآت للمشاركين من غير الفائزين، وبلغ مجموع ما رصد سبعمائة وخمسون ألف ريال.
والثانية: إقامة مسابقة مماثلة للبنات وتقديم جوائز ومكافآت بنفس المبلغ، وهو سبعمائة وخمسون الف ريال.
نعم لقد حقق سموه الكريم - بفضل الله - التفرد في هاتين المسابقتين، فهنيئا لسموه الكريم هذا الخير العميم من الله سبحانه، وهنيئا له بالدعوات الصادقة - بإذن الله - من هؤلاء الحفاظ ومن آبائهم وامهاتهم لسموه الكريم بالتوفيق والتسديد، وهنيئا لمعالي الوزير الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي بهذه السابقة الخيرية، وهنيئا له الأجر والمثوبة - ان شاء الله - على دلالته على الخير.
إنها مآثر حميدة وجوهرة فريدة في عقد اعمال سموه الإنسانية، وليهنأ مجتمعنا المسلم بهذه الاسوة الحسنة، والحمد لله الذي وهبنا هذا الخير، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون,.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
الامين العام لمسابقة القرآن الكريم
عبدالعزيز بن عبدالرحمن السبيهين

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
جائزة الامير سلمان
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved