Saturday 13th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,السبت 25 ذو القعدة


تحت راية التوحيد الخفاقة:
الحج اعتصام بحبل الله

عزيزتي الجزيرة الغراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الحج فريضة تجمع الأمة الإسلامية في لقاء روحي مشهود تعجز الكلمات عن وصفه، لقاء إسلامي عظيم تتجسد فيه معاني الإسلام، وتتأكد فيه أواصر الاخوة، وتتوثق فيه عرى الأمة الواحدة المتوحدة المؤمنة الموحدة وتغمر فيه نفحات الرحمن وشمول رحمته ومغفرته لعباده المؤمنين المخلصين الذين جاءوا من كل بقاع الارض ملبين فريضة ربهم يرجون رحمته وغفرانه ويذكرونه في ايام معدودات على ما رزقهم وأنعم عليهم، وهؤلاء هم ضيوف الرحمن جاءوا خاضعين خاشعين ملبين ذاكرين الله العلي الكبير، يسألون ربهم العظيم ان يطهر قلوبهم ويغفر لهم ذنوبهم ويؤلف بين قلوبهم ويجمعهم على كلمة سواء وشعائر ومناسك واحدة.
الكل تظلهم راية التوحيد خفاقة عالية، ألسنتهم تلهج بذكر الله لبيك اللهم لبيك,, لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك,, لبيك لاشريك لك، بهذا المظهر الرائع بتوحيد رب العالمين وحده لا شريك له اجتمعت قلوب الأمة الإسلامية كالبنيان المرصوص بتقوىالله تعالى ورضوانه، يعبدون ربهم مهللين مكبرين ملبين، معظِّمين شعائر الله، كما قال تعالى: (ذلك ومن يعظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) سورة الحج.
وفي هذه الايام المباركة ونحن نقترب من موسم الحج يتذكر المسلمون وصايا رسولهم صلى الله عليه وسلم الخالدة التي سطرها التاريخ الإسلامي بمداد من نور لما فيها من مواعظ رشيدة وحكم بالغة هادية تنفع الأمة الإسلامية وتذكرهم بأمتهم الواحدة، ووحدتهم والحفاظ على كيانهم واعتصامهم بحبل الله المتين، تلك الوصايا الخالدة العظيمة التي بيّنها لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع واوصى أمته خيراً للحفاظ على عروتهم الوثقى، ومن اقواله صلى الله عليه وسلم قوله: يا أيها الناس: ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولايحقره ، كما بيّن صلىالله عليه وسلم ان المسلمين جميعاً علىاختلاف ألوانهم وألسنتهم تربطهم العروة الوثقى والمواثيق الإسلامية ألا ان أمتهم أمة واحدة كالبنيان الواحد المرصوص، وقد ضرب صلىالله عليه وسلم مثلاً رائعاً لأمته في توادهم وتراحمهم وتعاونهم على البر والتقوى، فقال: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى ، كما وضّح صلى الله عليه وسلم ان الاعتصام بحبل الله والتمسك بتعاليم الإسلام الرباط المتين، وعصمة الأمة من التفرق والشقاق، فقال:تركت فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابداً, كتاب الله وسنتي, عضّوا عليهما بالنواجذ، وعليكم بالسمع والطاعة ،وحذر صلى الله عليه وسلم أمته الإسلامية من الشقاق والنزاع والفرقة والتباغض، فقال: لا تختلفوا فإن مَن قبلكم اختلفوا فهلكوا رواه البخاري.
فهل يتذكر المسلمون وهم في جمعهم الكبير وحجهم الكبير يؤدون مناسك فريضة الحج ويتجهون بقلوبهم وارواحهم الى رب واحد ان يتقبل الفريضة والدعاء وصالح الاعمال، هل يتدبرون قول ربهم العزيز الحميد: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، وهل يستجيبون لنداء ربهم الحق ويحافظون على وحدتهم واخوتهم وعروتهم الوثقى حتى لا يتخطفهم الناس اوزاعاً متفرقين: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان هل يحققون قول الله تعالى: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين حقاً - لقد جاء الإسلام ليبني أمة مؤمنة قوية متوحدة، تهدي الى الحق، وتقضي بالحق،وتنشر الأمن والسلام في ربوع العالم كله، أمة مسلمة في اقوالها وأعمالها ومعاملاتها واعلامها.
وفريضة الحج ومناسكها تربط الأمة الإسلامية بالخير والعروة الوثقى حيث يؤدي المسلمون وهم في جمع هائل من كل بقاع الارض فريضة واحدة، وهم أمة واحدة، تعبد إلهاً واحداً، وفي يوم عرفات يشملهم الله برحمته ومغفرته ورضوانه، وقد روي عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ان النبي صلىالله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثر من ان يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة: ويوم عرفة أفضل الأيام وأعظمها عند الله تعالى , يقول صلى الله عليه وسلم: ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة .
وبيت الله الحرام يقصده المسلمون في حجهم وزياراتهم وعمرتهم طائفين ساعين ملبين مهللين، وإقامة الشعائر المقدسة يعظمها المسلمون، قال تعالى:ذلك ومن يعظِّم شعائر الله فإنها من تقوىالقلوب، لكم فيها منافع ، ومناسك الحجيج والمعتمرين والمسجد النبوي الشريف مقدسات الإسلام عامرة بالايمان وإقامة الشعائر الى ان يشاء الله، وقد حفظ الله مقدساته ومناسكه في اياد أمينة لحكام مخلصين مهتدين، استخلفهم الله في بقاعه الطاهرة ليكونوا أمناء يحكمون بما أنزل سبحانه وتعالى شرعة ومنهاجاً، وقانوناً عادلاً،ونظاماً مستقيماً تطبيقا لشريعة الإسلام الهادية كما قال تعالى: فاحكم بينهم بما انزل الله وقوله عز وجل ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتّبعها .
وهانحن نشاهد كلما وفقنا الله لأداء فريضة الحج او اداء العمرة التوسعات الهائلة للحرمين الشريفين، والاهتمام البالغ بمقدسات الإسلام والمسلمين ومواقع مناسك الحج والعمرة، وما يقدم من خدمات طيبة للحجيج والمعتمرين يعجز اللسان عن وصفها، وما علينا إلا ان نشكر الله تعالى على هذه المزايا المتميزة لرعاية ضيوف الرحمن، والعمل على راحتهم ورعايتهم, اننا نلهج بلسان شاكر وقلب حامد ربنا لك الحمد لتوفيقك الحكام المؤمنين المهتدين للحفاظ على مقدساتك المطهرة والعمل المتواصل لخدمة الحرمين الشريفين وتوسعتهما بما يستوعب الوافدين من أمتنا الإسلامية من كل بقاع الدنيا والمعمورة لأداء الحج والعمرة، حقاً: وهدوا الى الطيِّب من القول وهدوا الى صراط الحميد سورة الحج.
وبفضل التمسك بالمنهج الإسلامي القويم والحكم بما انزل الله والحرص على الاهتمام والحفاظ على مقدسات المسلمين ورعاية الحرمين الشريفين التي يوليها حكام هذه البلاد المقدسة الآمنة فان كل مسلم يرى في المملكة العربية السعودية النموذج المثالي الذي يجسد الإسلام وتعاليمه وتشريعاته قولاً وعملاً ونظاماً، فهي الرمز الذي يجتمع عليه المسلمون بقلوب طاهرة ونفوس مطمئنة من كل بقاع العالم يعلنون كلمة الحق والتوحيد خفاقة عالية وتظلهم عناية الله تعالى والرباط الوثيق للأمة الواحدة المتوحدة.
مالك ناصر درار
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
جائزة الامير سلمان
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved