هي المصادفة وحدها التي فرضت أن يلتقي وزراء الدول الرئيسة المنتجة للبترول في مدينة لاهاي لبحث اجراء تخفيضات جديدة في معدلات الانتاج لسحب التخمة الزائدة في البترول التي جعلت مخازن الدول المستهلكة ممتلئة، مستغنية بذلك عن واردات البترول حتى نهاية العام,,!!
فالذي نعرفه ان لاهاي المدينة الهولندية تستضيف مقر محكمة العدل الدولية، وان الدول عندما تتخاصم وترغب في التقاضي فإنها تعرض قضاياها على محكمة العدل الدولية,, فهل رغب وزراء البترول عقد اجتماعهم في مدينة العدل الدولية لاعطاء دلالة بوجوب انتهاج العدل والانصاف في هذا الموضوع,, موضوع اغراق الاسواق بالانتاج الذي صنعته الدول المنفلتة واكثرها خارج بوتقة منظمة الاوبك، وأن يفرض على دول الأوبك تحمل وزره,,!!
ارقام الانتاج تظهر ان دول منظمة الأوبك تنتج 36% من الانتاج العالمي وأن 64% يأتي من دول خارج منظمة أوبك، وتصرُّ - خصوصا دول الشمال - على أن تعاملات السوق هي التي تحدد معدلات الانتاج، وأن الحكومات وبخاصة في بريطانيا والنرويج لاتستطيع أن تتدخل في معدلات الانتاج التي هي من مهام الشركات,,!!
اما الدول الاخرى فترد بأنها لا تستطيع خفض انتاجها لحاجتها لايرادات البترول التي تعتمد عليها لدعم ميزانياتها، اذ يكاد ايراد البترول يكون المصدر الوحيد لتمويل تلك الميزانيات.
وخضوعا لهذين السببين تتزايد معدلات الانتاج، وتطالب الدول المنتجة الرئيسة وخصوصا الدول العربية في الاوبك بالتضحية وتخفض انتاجها ليبادر الآخرون الى رفع انتاجهم,, وهكذا دواليك,, الدول العربية في الأوبك تخفض انتاجها,, والاخرون يرفعون الانتاج، وحتى إذا وافقوا على خفض نسبة من انتاجهم، فإنهم لا يلتزمون بذلك,,؟!!
فكيف يمكن الخروج من هذه الدوامة,,؟ هل يُطلب من محكمة العدل الدولية في لاهاي التدخل لضبط المنفلتين,, أم أن قضايا السيادة,, ومصالح الدول الصناعية ، ونهب الدول النامية وحرمانها من أهم ثرواتها يقفان حائلا دون الوصول الى معادلة عادلة تجعل قيمة البترول مساوية على الأقل لقيمة المياه المعدنية التي تعبئها الدول الصناعية وتصدرها للدول النامية التي يفرض عليها ان تبيع برميل البترول بأقل من سعر جالون المياه التي يعبئها الاوروبيون من ينابيع الجبال ,, والجداول المتناثرة في القارة,,!
والفرض هنا لا يتم بالقوة العسكرية,, ولا بالهيمنة السياسية، بل بإغراق السوق من خلال انفلات انتاج دول باتت معروفة ومحددة حتى للذين لا يتعاملون مع أسواق البترول,,!!
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser @ Al-jazirah.com