** كانت اوضاع التعليم في المناطق التي وحدها الملك عبدالعزيز ضعيفة الى حد كبير حيث كان اهل البادية في ترحال وعدم استقرار وكان كل همهم البحث عن الماء والعشب، والتعليم بالنسبة لهم يكاد يكون منعدما وكان اهل الحضر يركزون اهتمامهم على تحصيل لقمة العيش باستثناء منطقة الحجاز خاصة مكة والمدينة حيث يوجد الحرمان الشريفان وقبلة المسلمين حيث كانتا ملتقيان لطلاب العلم والعلماء من شتى الاقطار الاسلامية وكانت المدينتان تحظيان برعاية اغنياء المسلمين وقادة الدولة العثمانية ورصدت لهما الاوقاف التي يصرف جزء من ربعها على تحصيل العلم وبلغت المدارس التي فتحت ببلاد منطقة الحجاز حوالي عشرين مدرسة يدرس بها اكثر من سبعة آلاف طالب, اما المناطق الاخرى من المملكة الموحدة فكان التعليم بها نادرا اللهم الا الكتاتيب التي تعلم القراءة والكتابة ويدرس بها القرآن الكريم وحلقات العلماء في المساجد اما المدارس المنظمة بالمعنى العصري فكات نادرة (1)
وازاء هذا الوضع المتردي للتعليم في معظم مناطق المملكة الموحدة والشاسعة كانت التبعة على الملك عبدالعزيز تبعة كبيرة لان التعليم اساس التقدم والحضارة ولا يتسنى نقل البلاد من حال التخلف الحضاري والعلمي الا بنشر المدارس والاهتمام بالتعليم فأنشا مديرية المعارف العمومية عام 1344ه لرعاية شئون التعليم وأنشأ بعدها مجلسا للتعليم يشرف على هذه المديرية وبدأ فتح المدارس الحكومية وتم فتح المعهد العلمي السعودي عام 1345ه لتخريج مدرسين للمرحلتين الاولية والابتدائية ونظرا للحاجة الى المتخصصين في العلوم التي لا تدرس بالبلاد فقد تم ارسال اول بعثة للدراسة الى مصر عام 1346ه ولكن واجه طلاب هذه البعثات عقبة عدم قبولهم بالتخصصات التقنية او العلمية البحتة كالطب والهندسة والصناعة والزراعة فأنشأت مديرية المعارف مدرسة تحضير البعثات عام 1356ه والتي كان منهجها مشابها لمنهج المدارس الثانوية في مصر كي يتسنى قبول طلاب البعثات السعوديين بالكليات العلمية في مصر.
انتشرت المدارس بعد هذا انتشارا كبيرا خاصة بعد تحول مديرية المعارف الى وزارة سواء في هذه المدارس الابتدائية التي اصبح عددها عام 1373ه حوالي مائتي مدرسة وزاد عدد المدارس الثانوية الى اثنتي عشرة مدرسة.
ولقد تم ايضا انشاء مدارس متخصصة في عدة مجالات كالصحة والتجارة والزراعة والشئون العسكرية وكذلك افتتحت مدرسة دار التوحيد في الطائف عام 1364ه ومعهد علمي بالرياض للتركيز على اللغة العربية وعلوم الدين.
وبجانب المدارس تم البدء في افتتاح الكليات حيث فتحت كلية الشريعة في مكة المكرمة عام 1369ه وكلية المعلمين ايضا في مكة عام 1372ه وايضا تم افتتاح كلية الشريعة بالرياض عام 1373ه.
ونظرا لان الملك عبدالعزيز كان مهتما بالتعليم فقد جعل التعليم مجانا وخصص المكافآت التشجيعية لطلاب بعض المعاهد والمدارس والكليات.
الخدمات الصحية
لقد بذل الملك عبدالعزيز جهدا كبيرا في العناية بالصحة العامة لمجتمع المملكة العربية السعودية وكان قبل عهده توجد بعض المنشآت التي كانت تهدف بصفة اساسية لخدمة الحجاج وكانت تنحصر بصفة اساسية في مكة والمدينة وجدة وينبع وكان سكان المملكة يعتمدون على الطب الشعبي الذي يتركز في الاعشاب والحشائش.
وحينما تولى الملك عبدالعزيز الحكم اعتنى بالنواحي الصحية اهتماما كبيرا حيث استقدم الاطباء من البلاد المجاورة وامر بانشاء مصلحة الصحة العامة عام 1343ه وجعل مقرها بمكة العاصمة وجعل لها فروعا بالرياض والاحساء وجدة والمدينة المنورة وعسير وانشأت المحاجر الصحية (الكرنتينات) في جدة.
ولقد قسمت المملكة الى مناطق صحية انتشرت في انحاء البلاد مثل المناطق الصحية بمكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة والرياض والاحساء وابها وانشأت ادارة خاصة لمعالجة اهل البادية باستخدام السيارة المتنقلة وكانت المستشفيات توزع الادوية على المرضى مجانا وانشأت ايضا المختبرات لاجراء التحاليل لمرضى المستشفيات وغيرهم.
ولقد بلغت المستشفيات وغيرها طبقا لاحصاء عام 1368ه احد عشر مستشفى و34 مركزا صحيا و25 مستوصفا هذا بخلاف المستشفيات والمستوصفات الخاصة والاهلية.
ولقد حظيت مجالات الخدمة الاجتماعية، المستشفيات، ومؤسسات الامن الاجتماعي المعنية برعاية الايتام والمسنين باهتمام كبير من قبل السلطات الحكومية التي وفرت لها الكثير من التسهيلات التي تعينها على أداء مهامها وارتفعت ميزانية الصرف على تحسين الخدمات الصحية من 259,8 مليون ريال سعودي خلال السنة المالية 69 - 1970م اي انها زادت بمعدل اربعة اضعافها.
الزراعة والمياه
كما اهتم الملك عبدالعزيز بالزراعة فاستقدم البعثات العلمية من المتخصصين في مجالات الزراعة والمياه من مصر والعراق وسوريا وامريكا ولقد انشأ مديرية للزراعة عام 1367ه والتي تحولت عام 1369ه الى وزارة الزراعة كان اول وزير لها الامير سلطان بن عبدالعزيز, ومنذ انشأ مديرية الزراعة فقد كان الاهتمام بالزراعة كبيرا وكان له اثار ملموسة في مجالات الزراعة والمياه على النحو الموضح بالتقرير الذي قدمته مديرية الزراعة عام 1368ه الى وزارة المالية متضمنا اهم الانجازات التي تحققت في مجالات الري والزراعة على النحو التالي:
تم استيراد حفارات ارتوازية لمنطقة الطائف وللاستخدام في التجارب العلمية واستيراد المكائن لري أراض زراعية كانت تباع للمزارعين بالتقسيط على خمس سنوات.
تم استيراد جرارات زراعية للحرث ووزعت على المزارعين باجور ميسرة.
تم استيراد اشجار متنوعة كالكازورينا واليوكالبتس لصد الرياح من طريق مكة جدة.
تم استيراد اشجار انواع من الفواكه مثل: التفاح والخوخ والمشمش والبرتقال والعنب واليوسفي والمانجو ووزعت على المزارعين مجانا.
انشأت المديرية ورشا ميكانيكية في كل من المدينة والقصيم والرياض لاصلاح مضخات الماء والآلات الزراعية,تم انشاء مزارع نموذجية لتكون مدارس عملية للمزارع المجاورة, تم توزيع القروض على بعض المزارعين ليتمكنوا من شراء الآلات الحديثة واصلاح الينابيع,اصدر الملك عبدالعزيز امرا بعرض الاراضي الحكومية الغامرة للايجار من الراغبين في استئجارها لقاء عشر انتاجها,وهكذا توسعت الزراعة تحت رعاية واهتمام حكومة الملك عبدالعزيز حيث غطت جانبا هاما من احتياجات البلاد من الفواكه والمزروعات.
* مقدم : د, عبدالله بن سعيد الشهراني
كلية الملك فهد الأمنية .
(1) د, عبدالله الصالح العثيمين، تاريخ المملكة العربية السعودية، 1417ه، 1996م ، ط 2، ج 2 مكتبة العبيكان.