Thursday 18th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 1 ذو الحجة


حقيقة وأد الحقيقة

يتشدق الغرب بنظمه الثقافية والحضارية ويصر على انها الخلاصة الايجابية لما توصلت اليه الانسانية خلال مراحل تطورها المختلفة!,, وعليه فتلك النظم - على حد زعمهم!- تحمل ابعاداً عالمية تحتم على من يريد الوصول الى ما وصل اليه الغرب من رفاهية ومنعة العملَ على تبنيها مما يعني بالتالي ضرورة التخلي عن الموروث بقيمه وعاداته وتقاليده, المقدس منها والممنوع! ومن أحدث تلك القيم التي تروّج لها جحافل الإعلام الغربية مايعرف ب political correctness او ما قد يعرب (باللياقة السياسية): التي تعني- (نصاً) وليس بالضرورة روحا!- اعطاء كل ذي حق حقه مع استخدام لغة خطاب تناسب المخاطب وخلفيته الثقافية (وبخاصة الأقليات) ومن ضمن تلك الأقليات النساء - واللاتي يعتبرن وكنتاج لجهود دعاة تلك اللياقة السياسية- (أقلية!!) لا من حيث العدد بل من حيث الظلم الاجتماعي الواقع عليهن! - وعليه لا يجوز اغفال الضمير المؤنث في لغة الخطاب العلمي والسياسي بل يشار اليه كما يشار الى الضمير المذكر على قدم المساواة، ولا تجوز كلمة ربة بيت فالمرأة لم تخلق لخدمة الرجل، ولا يجوز سن قوانين من شأنها منع المرأة من اجهاض جنينها، وغيرها من الوسائل ذات الترعة التحررية المتطرفة التي هي جوفاء انتقائية رغم بريقها الاعلامي، وهي تهدف الى ذر الرماد في العيون والحفاظ على الوضع السائد مع ما فيه من ظلم واجحاف وتفاوت طبقي وسوء توزيع للثروة وغيرها الكثير الكثير, هذا وقد بلغت تلك اللياقة السياسية ذروتها في السنوات الاخيرة، وبخاصة في الأوساط الاكاديمية والسينمائية وجمعيات حقوق المرأة في الغرب، وما مؤتمر بكين لحقوق المرأة وتبني الأمم المتحدة يوم المرأة العالمي هذا الشهر والخطب الرنانة الداعية الى تحرر المرأة (الشرقية!) إلا نتاج لتلك اللياقة السياسية الساعية الى عولمة ايديولوجيتها، والتي اصبح الأخد بها دليلاً على سعة ادراك الشخص وتحضره، والعكس صحيح، حيث اضحى عدم اتباعها وصمة عار تحط من قدر الشخص وشأنه, والحق يقال ان هناك الكثير من النساء المسلمات - وبخاصة من كن في الغرب - تأثرن بتلك الايديولوجية بل واصبحن من (دعاتها!) وعليه ألا تعتقدون اننا بحاجة ماسة الى اقامة مؤتمر سنوي عالمي للمرأة المسلمة تناقش فيه (هي ليس هو!) قضاياها وترد به على شبهات العولمة ولسانها العنكبوتي الممدود؟!.
د,فارس الغزي

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved