ليس بالضرورة! د, فهد حمد المغلوث |
القلق الذي يساورنا احياناً والتوتر الذي ينتابنا من حين لآخر، لا يعني مصدرهما ان هناك شيئا مؤلما قد حدث لنا اوانه سيحدث - لاقدر الله- وادخل الخوف الى قلوبنا وجعلنا في حالة سيئة غير مستقرة، اوحالة نفسية لانود الوصول اليها، ابداً وإن كان هذا قد يكون صحيحاً الى حد كبير، كون القلق والتوتر والخوف مرتبطة بمثل هذه الامور في كثير من الاحيان.
ولكن التوتر والقلق يكون احياناً مصدرهما السعادة التي نعيشها ونشعر بها تسري في عروقنا ونتمنى الاّ تنتهي, فأحياناً حينما يتحقق حلمنا ولو وقتياً نشعر بمشاعر غريبة تدب في اوصالنا، نحس بأحاسيس جميلة لانستطيع وصفها, وهذه قد لاتكون واضحة او مباشرة ولكن هناك مؤشرات مختلفة بداخلنا تدفعنا للشعور والاحساس يمثل تلك السعادة التي تغمرنا من فوقنا الى اسفلنا، وتغطي جميع اجزاء جسمنا ولعل ابسط تلك المؤشرات الملاحظة تسارع دقات قلوبنا بشكل لم تعهده من قبل بل وكأن تلك الدقات في تسارعها في منافسة مصيرية حادة مع مثيلاتها! تلك الدقات التي مهما حاولت ان تكبح جماحها فلن تستطيع بسهولة.
ونحن في خضم هذه السعادة التي نعيشها ربما اردنا ان نصرخ بأعلى صوتنا دون خجل او خوف من رقيب, كأنك تريد بهذا التصرف او غيره ان تعبر عما بداخلك من سعادة غير طبيعية.
تريد ان تشعر من حولك بانك اسعد انسان في الدنيا، كأنك تريد ان تقول لا اريد شيئا من هذه الدنيا سوى ان اكون سعيداً، ولكن ليست اي سعادة بل تلك السعادة التي اعيشها الآن وتلك الاجواء التي احياها الآن.
وفي ظل هذه الاجواء المفعمة بالسعادة ربما تساءلت، ترى هل يمكن ان يكون هذا القلق الذي اعيشه بهذا الجمال الذي اشعر به؟! وهل يمكن ان يكون القلق بهذه العذوبة التي استطعمها رغم تعبه؟ ومعك حق في تساؤلاتك، لان هناك اشياء كثيرة مقلقة ومتعبة في الحياة، ولكنها في ظل ظروف معينة واجواء خاصة مميزة تصبح تلك الاشياء جميلة ورائعة ويتغير معناها السيىء او السلبي لدينا ليصبح معنى اجمل وارق واعذب وخاصة اذا ما ارتبطت بأشخاص رائعين واسماء مميزة ومواقف خاصة وخذ ان شئت مسألة الانتظار الطويل للحصول على شيء ما او تحقيق امنية ما او غيرها، انظر هذا الانتظار الطويل كيف يقلقك ويتلف اعصابك، انظر اليه كيف يجعلك في حالة من عدم الاستقرار النفسي، انظر الى كل آثاره السيئة المتعبة عليك من كل جانب وفي كل وقت, ولكن انظر لهذا الانتظار حينما يرتبط بشيء جميل او انسان مميز او مناسبة عزيزة وغاليه لديك، كيف يصبح هذا الانتظار حينئذ؟ كيف يبدو لك؟ هل هو نفسه ذلك الانتظار الممل والسيئ المرتبط بالاشياء المتعبة؟ هنا يأتي الفرق, وهنا يكمن الجمال.
قد تستقبل هذا الفرق في المفهوم بابتسامة تعني في معناها الكثير وقد تحاول تفسير ذلك الفرق في تحول المشاعر باسباب فلسفية لتبعد عن نفسك ما تعيشه حقيقة بداخلك، ولكنك في قرار نفسك لاتجد تفسيراً آخر غير ما اشرنا اليه.
وبغض النظر عن هذا وذلك، هل شعرت في الفترة الاخيرة بنوع من المشاعر المختلفة التي لم تعهدها من قبل والتي ادت بدورها الى القلق والتوتر وربما الخوف من شيء مجهول؟ هل شعرت بحاجة ماسة للحصول على شيء ما او الرغبة الشديدة الملحة لوجود انسان مابجانبك؟
إن مثل تلك المشاعر الانسانية المعقدة والمتناقضة لها مدلولات نفسية غير مرئية او غير محسوسة حتى بالنسبة لذلك الانسان الذي يشعر بها نفسه ومن ذلك مثلا، انك احيانا من شدة فرحتك وسعادتك، تكره تلك اللحظات الجميلة التي تعيشها وتكره من يمثلها ولو بينك وبين نفسك ، لانك قد تشعر بان تلك اللحظات الحلوة لن تدوم لك كما تتمنى هذا ان لم تصب بالاحباط بسببها كما هو الحال حينما تفرح بسماع خبر سار بوجود من تريد ومشاركته لك، او كما هو الحال باكتشافك انك بين ومع انسان طالما حلمت ان تلتقي به او تطمئن عليه ولايفصل بينك وبينه سوى مسافة تلك النظرات التي تشعرك انه لم يكن قريباً منك مثل تلك اللحظات ومع ذلك يغادرك فجأة دون خبر لسبب او آخر، مما يسبب لك نوعا من الاحباط والانطفاء الداخلي الذي لاتجد له من عزاء سوى قناعتك انه جاء من اجلك وانه غادرك رغما عنه.
ومثل هذه المواقف تحدث لنا في الحياة اليومية بشكل متكرر وبصورة او اخرى فنتقبلها رغما عنا رغم ما تسببه لنا من احباطات متراكمة مع مرور الوقت ولكن ما قد يخفف من وطأة تلك الاحباطات تأكيد من كان سبباً فيها ان ما حدث منهم كان رغما عنهم وهنا يتغير مفهومنا للمواقف المحبطة، وتزداد ثقتنا بأنفسنا، ونشعر بأهميتنا ومكانتنا.
وشيء آخر يخفف وطأة ذلك القلق هو احساسنا العميق ان هناك من هو بجانبنا للتخفيف عنا والاجابة على تساؤلاتنا الحائرة بصدر رحب ان هناك من ينتظر مجرد اشارة منا ليقف معنا ويساعدنا ويشعرنا انه ينتظر تلك اللحظات ليشعرنا كم نحن مهمون بالنسبة له، وكم هي مكانتنا كبيرة لديه.
والانسان منا عندما يريد تغيير مفهوم القلق وقبل استخدام اي وسيلة ينسى تلك النغمات الايمانية الخالدة التي تريح النفس والروح، ولكنه حينما يتذكر انه بذكر الله تطمئن القلوب حينئذ يتبدل الخوف امنا والقلق راحة والتوتر استقرارا فقط لمجرد ذكر الله فما بالك اذن بقراءة القرآن او أداء الصلاة بخشوع وسكينة؟!
يا الله ما اجمل تلك الاشياء الجميلة من حولنا والتي قد تحول حياتنا الى سعادة حقيقية دون ان نكتشفها، ما اجمل ان نعطي مساحة اكبر لتلك الجوانب الايجابية الحلوة المشرقة في حياتنا مهما كانت قليلة ونادرة ومهما حاول الآخرون ان يسرقوها منا، ومهما حاولت الحياة بظروفها الصعبة ان تنسينا اياها في زحمة المشاغل التي لاتنتهي والهموم المتواصلة.
لا احد منا يشك فيما يمكن ان يفعله القلق لحياتنا، ولكن من منا حاول بين كل فترة واخرى تدوين او كتابة مصادر القلق التي تنتابه؟ وماهي الوسائل او الحلول التي حاول ان يتغلب بها على مصادر القلق؟ من منا حاول ان ينظر للقلق بعيداً عن جو القلق نفسه؟ من منا حاول ان يحلل القلق بعيداً عن مصادره السلبية فقط؟ بعيداً عن اجوائه التشاؤمية؟
لقد وجدت شخصياً ان مجرد التفكير في جو مريح ومتفائل يعطيني مفهوما آخر للقلق غير ذلك النوع الذي يتعب الاعصاب, خذ مثلاً جلوسك على طاولة في الصباح الباكر مثلا حينما يكون الجو في اجمل حالاته، وحينما ترى الحياة مبتسمة من حولك وتلك الزهور والورود تتفتح من امامك وليس هناك من يقطع عليك متعتك,, كل هذا الاجواء تجعلك ترى تفسيرات اخرى للقلق لم تكن لتراها في غياب تلك الاجواء، تجعلك تفكر بمنطق آخر, وهذا في حد ذاته شيء جميل ومطلوب للخروج من دائرة القلق.
قد يقول قائل واين تلك الاجواء التي تتحدث عنها؟ الا تعتقد انها مثالية نوعا ما؟ والى هذا الانسان اقول ليس بالضرورة ان تكون تلك الاجواء نفسها فقد لاتتوفر لدى كل منا ولكن هناك اجواء اخرى ربما اكثر جمالاً وروعة من تلك الاجواء التي استشهدنا بها، ولم لا طالما انها تعطينا نفس النتيجة وربما افضل؟ ولكن المهم ان نبحث عن تلك الاجواء ونحاول ان نستثمرها لصالحنا وحتى في ظل أناس نثق بهم ونرتاح اليهم.
اما الاهم من ذلك فلنحاول ان نتذكر ونعي تماماً ان قد نكون نحن مصدر قلق انفسنا وربما مصدر قلق الآخرين فماذا نحن فاعلون حينئذ؟ قد نتضايق قليلاً اذا ما علمنا ذلك؟,, ولكن ماهو رأيك حينما تعلم انك اجمل قلق بالنسبه لغيرك؟ الايحق لك ان تفخر بنفسك حينئذ؟
همسة
حينما يحبك إنسان بكل صدق,.
من بين الكثير ممن هم حوله,.
***
حينما تكون معايير الجمال لديه عالية,.
فيجدها مجتمعة كلها فيك,.
***
حينما تكون الفرص كلها بين يديه,.
ويجدك انت الفرصة الوحيدة,.
***
حينما يكون كل شيء متوفرا لديه,.
فيختارك انت دون سواك,.
***
فمن المؤكد,.
انك انسان لست عاديا
انسان تستحق كل ما يقدم لك
وليته يوفيك حقك
بل جزءا منه!
|
|
|