قال احد مؤلفي المسلسلات التلفزيونية المعروفة على لسان احد شخوصه في مسلسل أرابيسك معلقا على موقف زوجة الدكتور التي كانت تحاول التوثيق للحياة الشعبية قال: ان التوثيق يحتاج الى مجموعة من المختصين يقدمون المعلومات، كل في مجاله ومن يريد ان يوثق وحده، فهو يضيع وقته ويقوم بعمل لا جدوى منه سوى تضييع الوقت.
ولا اغالي اذا قلت ان هذه الملاحظات قد رماها الكاتب متعمداً ان يسخر من كل من لايفهمون معنى التوثيق، او يعيّرون الكاتب الذي يوثق او يدّعون ويتبجحون انهم يوثقون! وأستميحكم عذراً لأنني سأضطر لشرح هذه الكلمة التي يعتقد كثيرون انها واضحة، هذا على الرغم من انها تكاد تشكل لغزاً في حياتنا الدراسية إنها اللغة المتعارف عليها عالمياً، عندنا فهي لغز!
الكلمة التوثيق تعني التأكيد اي انها تعني تأكيد المعلومات وليس جمع المعلومات ذلك ان جمع المعلومات امر سهل ومتوفر للجميع, لهذا فإن الكتاب وحده من المستحيل ان يقوم بهذه العملية كاملة الجمع والتوثيق فهو ليس مؤرخا سياسيا ولا كتاب تراث مختص، وليس من المترجمين الذين قد يحتاجهم التوثيق وفي اكثر من لغة كما انه ليس من المعمرين ولا من اصحاب التراجم والمذكرات، ولا من مديري المتاحف الشعبية ولا من مديري الاراشيف في الدوائر الرسمية.
كل هؤلاء يجب ان يجتمعوا معاً، واحياناً في اكثر من لجنة، ويقودهم الكاتب جميعهم، وذلك لأن التوثيق ليس الدراما ، وانما هو يغني ويؤكد الدراما, إنني اعود فأستميحكم العذر ثانية لأنني اضطر وفي نهاية القرن العشرين وفي بلد يعج بالمنجزات والمعجزات كي اشرح ماذا تعني كلمة واضحة!
ومما يثير الأسف حقاً ، اننا شاهدنا أكثر من عمل درامي محلي كبير يكاد ان يصل الى العالمية ونصفق له بحرارة ثم نكتشف في النهاية انه طبخة اخطاء والذي يثير الأسف اكثر انهم درجوا هذه الايام على اعطاء المسلسل بعد الانتهاء من كتابته الى مؤرخ او كاتب تراث، فماذا يستطيع ان يفعل اختصاص واحد في حياة كاملة!!,, هذا مع العلم بأن كاتب التراث لا علاقة له بالتوثيق اصلاً!
إن التوثيق يعطي الدراما مزيدا من الجمال والصدق والحقيقة، والجميع يعلم أننا في هذه الايام قد جرى وضعنا لاول مرة، في الاتجاه الصحيح نحو الدراما فأين هي الدراماالصحيحة، والى متى سنبقى نتصف بالسذاجة؟!