Thursday 18th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 1 ذو الحجة


في بيان لمجلس هيئة كبار العلماء
الإسلام بريء من معتقد التكفير الخاطىء
ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة وتفجير وتخريب عمل إجرامي

* الرياض - واس
أعلن مجلس هيئةكبار العلماء في بيان اصدره عما يجري في كثير من البلاد الاسلامية وغيرها من التكفير والتفجير وما ينشأ عنه من سفك للدماء وتخريب المنشآت, وما يترتب عليه من ازهاق ارواح بريئة واتلاف اموال معصومة واخافة الناس وزعزعة الأمن والاستقرار, أعلن ان الاسلام بريء من معتقد التكفير الخاطىء وان ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة وتخريب للمنشآت هو عمل اجرامي والاسلام بريء منه وكذلك كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر.
وأوضح البيان ان من يقوم بمثل هذه الأعمال من التفجير والتخريب بحجة التكفير انما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة, فهو يحمل اثمه وجرمه فلا يحتسب عمله على الاسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الاسلام المعتصمين بالكتاب والسنة المتمسكين بحبل الله المتين وانما هو محض افساد واجرام تأباه الشريعة والفطرة.
ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه محذرة من مصاحبة أهله.
قال الله تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام واذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد واذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد .
وأوضح بيان مجلس هيئة كبار العلماء ان التكفير حكم شرعي مرده الى الله ورسوله فكما ان التحليل والتحريم والايجاب الى الله ورسوله فكذلك التكفير وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل يكون كفرا أكبر مخرجا عن الملة.
ولما كان مرد حكم التكفير الى الله ورسوله لم يجز ان نكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن لما يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة.
واذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات مع ان ما يترتب عليها اقل مما يترتب على التكفير فالتكفير أولى ان يدرأ بالشبهات ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر فقال: أيما امرىء قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ان كان كما قال وإلا رجعت عليه .
وقد يرد في الكتاب والسنة ما يفهم منه ان هذا القول أو العمل أو الاعتقاد كفر ولا يكفر من اتصف به لوجود مانع يمنع من كفره وهذا الحكم كغيره من الأحكام التي لاتتم إلا بوجود اسبابها وشروطها وانتفاء موانعها كما في الارث سببه القرابة مثلا وقد لا يرث بها لوجود مانع كاختلاف الدين.
وهكذا الكفر يكره عليه المؤمن فلا يكفر به وقد ينطق المسلم بكلمة بالكفر لغلبة فرح أو غضب أو نحوهما فلا يكفر بها لعدم القصد كما في قصة الذي قال اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح, والتسرع في التكفير يترتب عليه امور خطيرة من استحلال الدم والمال ومنع التوارث وفسخ النكاح وغيرها مما يترتب على الردة فكيف يسوغ للمؤمن ان يقدم عليه لأدنى شبهة.
واذا كان هذا في ولاة الامور كان اشد لما يترتب عليه من التمرد عليهم وحمل السلاح عليهم واشاعة الفوضى وسفك الدماء وفساد العباد والبلاد ولهذا منع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من منابذتهم فقال: الا ان تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان فافاد قوله الا أن تروا انه لا يكفي مجرد الظن والاشاعة.
وافاد قوله كفرا انه لا يكفي الفسوق ولو كبر كالظلم وشرب الخمر ولعب القمار والاستئثار المحرم وافاد قوله بواحا انه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح أي صريح ظاهر وافاد قوله عندكم فيه من الله برهان انه لابد من دليل صريح بحيث يكون صحيح الثبوت صريح الدلالة.
فلا يكفي الدليل ضعيف السند ولا غامض الدلالة وافاد قوله من الله انه لا عبرة بقول احد من العلماء مهما بلغت منزلته في العلم والامانة اذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه القيود تدل على خطورة الامر.
وجملة القول ان التسرع في التكفير له خطره العظيم لقول الله عزوجل قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله مالا تعلمون .
واضاف البيان ان ما نجم عن هذا الاعتقاد الخاطىء من استباحة الدماء وانتهاك الاعراض وسلب الأموال الخاصة والعامة وتفجير المساكن والمركبات وتخريب المنشآت هي وامثالها اعمال محرمة شرعا باجماع المسلمين لما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس المعصومة وهتك لحرمة الاموال وهتك لحرمات الأمن والاستقرار وحياة الناس الأمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم وغدوهم ورواحهم وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها.
وقد حفظ الاسلام للمسلمين اموالهم واعراضهم وابدانهم وحرم انتهاكها وشدد في ذلك وكان من آخر ما بلغ به النبي صلى الله عليه وسلم امته فقال في خطبة حجة الوداع ان دماءكم وأموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ثم قال صلى الله عليه وسلم ألا هل بلغت اللهم فاشهد متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وقال عليه السلام اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة .
وقد توعد الله سبحانه من قتل نفسا معصومة بأشد الوعيد فقال سبحانه في حق المؤمن ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما .
وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة الى أهله وتحرير رقبة مؤمنة .
فاذا كان الكافر الذي له أمان اذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة فكيف اذا قتل عمدا فإن الجريمة تكون اعظم والاثم يكون أكبر.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة .
وأكد البيان ان الواجب على جميع المسلمين في كل مكان التواصي بالحق والتناصح والتعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن كما قال سبحانه وتعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب .
وقال سبحانه (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم .
وقال عزوجل والعصر ان الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله,, قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
وقال عليه الصلاة والسلام مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
ونسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يكف البأس عن جميع المسلمين وان يوفق جميع ولاة أمور المسلمين الى ما فيه صلاح العباد والبلاد وقمع الفساد والمفسدين وان ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته وان يصلح أحوال المسلمين جميعا في كل مكان وان ينصر بهم الحق انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved