Thursday 18th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 1 ذو الحجة


والدة الطفلة تبرعت بجزء من كبدها لإجراء هذه العملية
مستشفى القوات المسلحة ينجح في عملية زراعة لطفلة رضيعة من متبرع حي,, للمرة الثانية

* الرياض فيحان الرويل
قام الفريق الطبي لزراعة الكبد بمستشفى القوات المسلحة بالرياض باجراء العملية الثانية لزراعة الكبد من متبرع حي، حيث قام الفريق الطبي الجراحي برئاسة الدكتور عاطف البصاص، استشاري زراعة وجراحة الكبد والمسؤول عن البرنامج باجراء عملية زراعة كبد للطفلة بشاير الشهري التي تبلغ من العمر تسعة اشهر وتعاني من مرض فشل الكبد المتطور نتيجة لاصابتها بمرض ضمور القنوات المرارية، وقد تبرعت والدة المريضة السيدة صالحة الشهري البالغة من العمر تسعة وعشرين عاما بجزء من كبدها لابنتها لاجراء هذه العملية.
وقد اجريت العملية يوم الاحد 5/11/1419ه الموافق 21/2/1999م واستمرت العملية قرابة ثماني عشرة ساعة قام خلالها الفريق الجراحي باستئصال الجزء الايسر الجانبي من كبد الام المتبرعة ومن ثم حفظه في محلول خاص به، وبعد ذلك قام نفس الفريق الجراحي باستئصال كبد الطفلة المريضة وبعد ذلك تمت زراعة الكبد المستأصلة من الأم مكان كبد الطفلة.
وبعد مرور ثلاثة اسابيع من اجراء العملية تتمتع الأم المتبرعة بصحة جيدة بكامل وظائف حياتها العادية، اما بالنسبة للطفلة فقد اثبتت التحاليل المخبرية وصور الاشعات الصوتية التي اجريت لها بأن جسمها قد تقبل الكبد المنقولة لها بصفة جيدة وهي تنتظر موعد خروجها من المستشفى في غضون الاسابيع القليلة القادمة.
وتعتبر هذه العملية الثانية من نوعها التي يقوم الفريق الطبي بإجرائها حيث تم إجراء العملية الأولى في شهر نوفمبر من العام 1998م وكانت تلك العملية هي الاولى من نوعها على مستوى المملكة العربية السعودية وعلى مستوى العالم العربي.
وقال د, البصاص: تعتبر هذه العملية من العمليات الجراحية البالغة في التعقيد حيث انها تعتمد اعتمادا كبيرا على خبرة الجراح ومعرفته بتركيبة الكبد الجراحية وأماكن تواجد الشرايين والاوردة في هذا العضو، كذلك قدرته الجراحية العالية حيث انها تستوجب اخذ جزء من كبد انسان حي, ويسترسل الدكتور البصاص فيقول بأن انتشار امراض الكبد الوراثية عند الاطفال في هذا الجزء من العالم وخاصة في منطقة الخليج وعدم وجود برنامج ناجح لزراعة الكبد للأطفال من متبرعين ميتين كان هو الدافع لي للتدريب على هذا النوع من العمليات فترة عملي في ألمانيا وذلك لرفع المعاناة الكبيرة الواقعة على أهالي هؤلاء الاطفال الذين يعانون من مرض الفشل الكبدي من حيث الحكة الشديدة او البقاء في المستشفيات ايام واسابيع طويلة نتيجة الالتهابات المتكررة التي يتعرض لها هؤلاء الاطفال، إضافة الى النزيف المتكرر الذي في احيان كثيرة يؤدي الى وفاة هؤلاء الاطفال، ويجدر بالذكر ان نسبة الوفاة عند هؤلاء الاطفال تقارب المائة في المائة 100% على مدى سنوات من ولادة هؤلاء الاطفال.
أما من الناحية الاقتصادية فيقول الدكتور بصاص ان الدراسات العلمية قد اثبتت ان تكلفة الزراعة تكون اقل بمراحل من تكلفة العلاج المتكرر لهؤلاء الاطفال في المستشفيات.
اما عن ارسال هؤلاء الاطفال الى الخارج للزراعة فيقول الدكتور البصاص ان هذا الاختيار اصبح محصورا جدا وذلك لاسباب متعددة اهمها التكلفة الباهظة لهذه العمليات في الخارج حيث تبلغ تكلفة العملية الواحدة ما بين المليون والنصف الى مليوني ريال سعودي، اضف الى ذلك اقفال كثير من المراكز في الولايات المتحدة الامريكية واوروبا ابوابها في وجه الأجانب وعدم السماح بزراعة اكثر من نسبة بسيطة من خارج هذه البلاد وهذه النسبة على سبيل المثال لا تتعدى 4% في الولايات المتحدة الامريكية.
كل هذه الحقائق أوجبت توفر هذه العمليات داخل هذا البلد الذي وصلت فيه الحضارة الطبية والتطور الطبي درجات من التقدم لتجعله في مصاف الدول الكبرى، ويكفي ان يعرف القارئ ان هذا النوع من العمليات يجري في مراكز محدودة في العالم الغربي والولايات المتحدة، شجع على ذلك الدعم اللامتناهي الذي تحصل عليه الخدمات الطبية من قبل خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة في توفير كافة مجالات الطب العلاجي.
اما عن نوعية الامراض التي تستوجب زراعة الكبد عند الاطفال فيحدثنا عنها الدكتور سامي ولي استشاري الجهاز الهضمي وامراض الكبد عند الاطفال بمستشفى القوات المسلحة بالرياض فيقول:
ان امراض الكبد المزمنة عند الاطفال تختلف عن امراض الكبد عند الكبار حيث ان اغلب امراض الكبد المزمنة عند الاطفال هي خلقية منذ الولادة كما ان بعضها وراثي نتيجة للزواج بين الاقرباء، وتتركز الصعوبة في تشخيص وعلاج هذه الامراض، اما من حيث التشخيص فأعراض امراض الكبد المزمنة متشابهة حيث تبدأ أغلبها منذ الولادة في خلال اسابيع من الولادة وذلك بظهور الصفار على العينين ثم على الجسم، والذي قد يكون مصاحبا بانتفاخ في البطن.
اما عن نوعية الامراض التي تستوجب زراعة الكبد فيقول الدكتور بأن حوالي 60% من حالات زراعة الكبد عند الاطفال هي بسبب ضمور القناة الصفراوية الخارجة من الكبد وهو مرض خلقي غير وراثي وهو من احد الامراض التي يجب تشخيصها في وقت مبكر لمحاولة تفادي زراعة الكبد, وهناك امراض اخرى متعلقة بالقناة الصفراوية مثل ضمور القنوات الصفراوية الدقيقة داخل الكبد مثل متلازمة الأحيل او امراض متعلقة بعدم مقدرة الكبد اما على تصنيع المادة الصفراء او عدم مقدرتها على افراز المادة الصفراء الى هذه القنوات مثل مرض بايلر وهذان النوعان من الامراض هما وراثيان ويكثران في منطقة الشرق الاوسط وبعض هذه الامراض لها علاج طبي يستدعي الزراعة، كما ان هناك امراضا وراثية اخرى تصيب الكبد بشكل رئيسي ولا تتعلق بالقنوات المرارية وتستدعي الزراعة نظرا لأن نسبة إصابة الكبد فيها بالسرطان عالية جدا.
كما تجدر الاشارة الى ان زراعة الكبد من متبرعين ميتين ما زالت تعاني من مشكلة نقص الاعضاء هذا بالاضافة الى نسبة نجاح زراعة الكبد من متبرع حي هي اعلى من نسبة نجاح العملية من متبرع غير حي ميت حيث ان مزايا الزراعة من متبرع حي هي:
اولا: وجود الوقت الكافي لاختيار وفحص المتبرع بشكل مكثف وذلك لضمان صلاحية الكبد ولضمان صحة المتبرع بإذن الله.
ثانيا: اختيار الوقت المناسب للزراعة، حيث بالإمكان قضاء فترة شهر الى شهرين وذلك لتحضير الطفل المتبرع له وتجهيزه للعملية وخصوصا زيادة وزنه حتى يكون في احسن وضع يهيئه لاجراء العملية.
ثالثا: ان الكبد المتبرع بها تخرج مباشرة من جسم المتبرع الى المتبرع اليه قبل ان يحصل لها التلف الذي ينتج عن وجود الكبد في المحاليل الخاصة بحفظ الكبد.
ويتطلع الدكتور البصاص الى المستقبل القريب في ايجاد مركز متكامل في مستشفى القوات المسلحة بالرياض لتوفير الخدمة الطبية المتخصصة لامراض الجهاز الهضمي والكبد عند الاطفال نظرا لكثرة هذه الامراض في منطقة الخليج العربي، وندرة الخبرات الطبية القادرة على علاج هؤلاء الاطفال بطريقة فعالة وعلمية، اضف الى ذلك تواجد بعض الأمراض في منطقتنا بصفة اكثر بكثير من اماكن العالم الاخرى مما يجعل إمكانية الاكتشاف العلمي لامراض جديدة في هذه المنطقة وارد بنسبة عالية.
* وقال عبدالله سالم الشهري والد الطفلة:
احمد الله على نجاح هذه العملية لابنتي على ايدي اطباء سعوديين وفريق طبي متكامل من مستشفى القوات المسلحة بالرياض مشيرا الى انه بعد اجراء الفحوصات على (بشاير) واخذ عينة من الكبد ارسلت الى مستشفى القوات المسلحة بالرياض وتم قبول الحالة وتحويلها الى المستشفى العسكري حيث اصرت والدتها ان تكون هي المتبرعة بجزء من كبدها الى ابنتها,وقال لقد تلقينا عناية كبيرة من قبل ادارة المستشفى واشراف مباشر من قبل د, عاطف بصاص استشاري جراحة الكبد وكذلك د, سامي ولي استشاري طب الاطفال وقال ان الدكتور بصاص اوضح ان الطفلة ستكون تحت اشراف ومتابعة من قبل المركز المحول الينا وبتوجيه مباشر من قبلنا كما افادنا ان مثل هذه العملية تكون نسبة نجاحها 90 - 95% وهي العملية الثانية التي تجرى في مستشفى القوات المسلحة بالرياض هذا العام
,وحول شعور والدة المريضة تقول ام بشاير انني اشعر بالسعادة والفرح لنجاح هذه العملية واشكر الله على وجود مثل هذه التقنيات المتقدمة في بلادنا دون الحاجة الى الذهاب الى مراكز اخرى والذي زادني فخرا ان هذه العملية تحت اشراف اطباء سعوديين 100% .
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved