Saturday 20th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,السبت 3 ذو الحجة


الكاتب والسيناريست محفوظ عبدالرحمن
أسعى لتحويل التاريخ إلى دراما شيقة
لست مؤرخاً ولا يهمني إظهار الحقائق أو نفيها

حوار : فاتن محمد علي
تكتسب الأعمال التاريخية على الشاشة أهمية كبيرة نظراً لكونها تحمل جزءا من الماضي والاحداث التي لم نعايشها وفي نفس الوقت تعكس جانبا من المشكلات التي تواجهنا في الواقع بصياغة درامية غير مباشرة.
ورغم الاقبال الكبير الذي تحوزه تلك الاعمال إلا انها تحمل معها العديد من الاشكاليات التي تثار دوما كلما عرض احداها علىالشاشة وخاصة فيما يتعلق بين التاريخ كحقيقة والابداع كخيال ومدى الالتزام بالحقائق او الانحراف عنها.
والكاتب والسيناريست محفوظ عبدالرحمن من ابرز كتاب الدراما التاريخية قدم العديد من الاعمال التي حملت معها هذه الاشكاليات حاورته الفنية حولها وأثارت معه العديد من القضايا الاخرى وكيفية مواءمته بين التاريخ والدراما وخاصة ان الفترة الحالية تشهد اغلب القنوات العربية الفضائية عرض مسلسلات تاريخية,,, وهي الفترة المسماة بفترة الحج من كل عام.
** الكاتب محفوظ عبدالرحمن شغوف باعادة صياغة وتقديم رؤية خاصة به في كتابة التاريخ هل يستقيم ذلك وحقائق التاريخ؟
- أنا لا أغير في حقائق التاريخ ولا أبدل سير الاحداث التي وقعت, غاية ما في الامر انني أعيد تقديم الحقائق والشخصيات التي تكون غائبة او مشوهة بفعل تضارب الآراء حولها وهناك العديد من الشخصيات التاريخية التي تحتاج لما أسميه باعادة الاعتبار لها وانصافها كذلك هناك شخصيات طواها النسيان وتحتاج إلى ابراز دورها وفي اطار شغفي بقراءة الشخصيات العربية في الدراما والتاريخ أتأمل مواقع هذه الشخصيات وانجازاتها في إطار الزمن الذي عاشت فيه وعلى سبيل المثال عندما بدأت في كتابة بوابة الحلواني اعدت قراءة سيرة الخديوي إسماعيل في إطار عصر حفل بشخصيات بالغة الثراء مثل علي باشا مبارك، رفاعة الطهطاوي، وعرابي وعبدالله النديم وغيرهم والشخصيات العظيمة تكمل بعضها البعض، وقد يكون هناك شخصيات عظيمة لكنها في الظل وتحتاج منا للكشف عن دورها وابرازه.
** باعتبارك من كتاب الدراما التاريخية كيف ترى اشكالية تناول التاريخ دراميا وما أثير حولها من جدل بين الكتّاب والمؤرخين؟
- يجب التأكيد مرة أخرى على ان الاعمال التاريخية تتضمن احداثا لا يمكن المساس بها ويدخل ضمنها الشخصيات والتواريخ الموثقة والتي تعتبر حقائق ثابتة ولو كان للكاتب وجهة نظر أو رأي مختلف في الحدث التاريخي الذي يتناوله فعليه عرض الحقائق وتفسيرها شرط ايجاد المبررات والادلة الموثقة الكافية، وهذا يحتاج من الكاتب ان تكون لديه خلفية ثقافية كبيرة وعلى درجة واعية من العلم بالاحداث التاريخية تدفعه لان يلعب دور المؤرخ والكاتب الدرامي معا.
** اتجاهك للتاريخ هل يعتبر هروبا من الواقع؟
- لا ليس هروبا فأنا اتناول الواقع من خلال التاريخ فالموضوع يكتسب حيويته من الظلال التي يلقيها على الواقع، وأنا أتصور ان التاريخ او الماضي مسرح جيد لعرض الافكار حيث انتقي من التاريخ ما يتكرر في الحاضر ليس بوعي ذاتي كامل ولكن ايضا بالاحساس حيث اتوقف عند كل ما له علاقة بالزمن الحاضر فضلا عن ان الماضي يوجد به مساحة جيدة لعرض قضايا وأفكار كثيرة نحس بها جوهر حاضرنا.
** وهل تقصد في إطار ذلك تجسيد الامجاد القديمة والبعد عن السلبيات؟
- أقصد استنهاض الشعور القومي وأتعمد بالفعل تناول هذه الامجاد لانني احمل بداخلي يقينا بأن الوحدة العربية ضرورة لابد ان تتحقق مهما حدث ودروس التاريخ تشير إلى ذلك، ولو اعتقدنا ان هذا التشتت الموجود هو مصيرنا نكون قد حكمنا على انفسنا بالنهاية والفناء فالتاريخ ينفي هذا وإذا قرأنا التاريخ جيدا سنجد ان محاولات دحر العرب من الفرنجة والمغول والرومان فشلت في النهاية.
** ألا يُعد هذا تفاؤلا فوق الحد لديك؟
- أنا بطبيعتي متفائل والقراءة في التاريخ تدفعني لذلك، والكتابة بالنسبة لي تعبير عما بداخلي وتحفزني على الاختلاف وتغيير الواقع بكل سلبياته، وربما يعود تفاؤلي ايضا إلى انني اقرأ أكثر مما اكتب وهذا طبيعي للكاتب فالمواد الخام لصناعة الكاتب هي قراءاته وهناك مقولة للاديب الكبير توفيق الحكيم هي على الكاتب ان يقرأ وينسى، ويعد ذلك تراكما مع تجاربه وخبراته بالاضافة لذلك ان يكون الكاتب متفائلا بالاحداث ويطرح رؤاه في سياق هذا التفاؤل,, فالكتابة في حد ذاتها متعة والكاتب الحقيقي لا يستطيع الهروب من الكتابة.
** وكيف تملي عليك هذه المسؤولية في القيام بدور ثقافي بمناسبة نجاحك: في انتخابات التجديد النصفي لاتحاد الكتّاب بمصر؟
- أولا مسؤولية الكاتب والمثقف هي ان يقوم بدور حيوي في تنمية المجتمع وتبصيره وتنويره وهذا الدور غير مشروط بانتمائه لاي تنظيمات او اطر او تجمعات فهذه قناعة داخلية للمثقف بشكل عام اما عن انتخابات التجديد النصفي لاتحاد الكتاب فهذه هي المرة الاولى التي اخوض فيها انتخابات ولدهشتي كانت تجربة شديدة البساطة حيث بدأت بارسال خطاب من الاتحاد يبلغني بتاريخ الانتخابات وضرورة سداد الاشتراك وفي يوم سدادي للاشتراك قررت ترشيح نفسي وحينما عرضت هذا الامر على بعض اصدقائي شجعوني على خوض التجربة للنهاية إلا انني لم احاول عمل دعاية من اي نوع ولم اذهب لأي تجمعات ثقافية وكانت المفاجأة نجاحي في الانتخابات وربما يعود ذلك لرغبة المثقفين في التغيير ولدي ايضا هذه الرغبة واعتبرت ذلك فرصة كبيرة للقيام بدور ملموس فقدمت برنامجا عمليا يقوم على تنشيط الحياة الثقافية باقامة العديد من الندوات والمؤتمرات وتفعيل الحياة الثقافية داخل الاتحاد.
** بعيداً عن حديث الانتخابات يواجه المجتمع في الربع الاخير من هذا القرن تغيرات في القيم والاخلاق نتيجة تغيرات اجتماعية وثقافية وسياسية كيف يواجه الفن والادب هذه التحولات السلبية؟
- الأدب والفن يتصديان بالفعل للهزات التي تحدث في المجتمع ويبث القيم والمبادئ سواء مباشرة أو غير مباشر وبكافة انواع الاشكال الادبية والفنية وفي تصوري انه في الفترة القادمة سيكون للمسرح دور كبير في هذا الاتجاه وأنه سيكون برلمانا في غياب البرلمان الحقيقي وسيطرح من خلاله كافة الاشكاليات التي يعاني منها المجتمع بلا اسقاط أو رموز غامضة.
** وأخيرا ما هي احدث مشروعات محفوظ عبدالرحمن؟
- انتهيت من اعادة قراءة اعمال شكسبير وخاصة مسرحية عطيل لان لدي وجهة نظر قديمة في هذه المسرحية وهي ان عطيل مغربي الاصل اي ان جذوره عربية، والحرب التي دارت رحاها كانت بين البندقية (ايطاليا) واحدى دول شمال افريقيا وهذا يعني في تصوري ان قلق عطيل كان بسبب انتمائه لهذه المنطقة وهذا سبب رئيسي لابعاده عن تدمير البندقية، والمدخل الجديد الذي أرونو إليه هو إعادة محاكمة عطيل بناء على هذا التصور وهي رؤية جديدة للدراما القديمة او اعادة صياغة لها.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
منوعــات
شعر
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved