Saturday 20th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,السبت 3 ذو الحجة


الإعلام في الذكرى المئوية (29/ 33)
طاهر زمخشري:الريادة الإذاعية والصحفية لإعلام الطفل
عبد الرحمن الشبيلي

هذا الرجل العاطفي الفنان، الذي سبقنا إلى الدار الآخرة سنة 1407ه، كثيراً ما ينظر إليه من خلال شعره وقصصه وأدبه، فهو من شعراء مكة المكرمة، صدر له ما يزيد على عشرين ديواناً في الوطنيات والوجدانيات والاجتماعيات، وحاز على جائزة الدولة التقديرية في الأدب (1404ه).
لكن هذه الزاوية، بحكم تركيزها على تاريخ الاعلام، تكشف عن جوانب في شخصيته لم توفَّ ما تستحق، من بينها، الزمخشري الاذاعي والصحفي، الذي لا يقل عن الزمخشري الشاعر.
(بابا طاهر) كما كان يعرف في محيط الإذاعة والمجتمع، كان ركناً من أركان الاذاعة السعودية منذ بدايتها، وعلى ما يزيد على ربع قرن، ويعدُّ بكل تأكيد من مؤسسيها، من جيل هاشم زواوي وعبد الله المنيعي رحمهما الله، وحسن قرشي متعه الله بالصحة والعافية، ثم عمل مع الجيل الثاني، عباس غزاوي وعبد الله راجح وزملائهما، أباً (روحياً كما يقال) للإذاعيين المخضرمين.
عمل مذيعاً ومقدِّماً ومعدّاً، لكنه اشتهر ببرنامجه الموجه للاطفال، الذي أكسبه لقبه (الأبوي) مستمراً معه حتى وفاته.
أما السمة الاعلامية الثانية، فهي ريادته في صحافة الطفل، حينما أقدم في عام 1379ه، وبتشجيع من خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، عندما كان وزيراً للمعارف، على إصدار أول صحيفة ملوّنة متخصصة في مخاطبة الطفل، وقد واجه في سبيل بقائها صنوف الصعوبات الفنية، فتوقفت بعد ان اصدر منها (29) عدداً اسبوعياً في تسعة اشهر، مسجلة بذلك الأسبقية لأول تجربة من هذا النوع المتخصص، وكانت مجلة (الروضة) هذه تصدر في مكة المكرمة وتطبع في دار الأصفهاني بجدة، وقد استمد فكرتها من نجاحه في تقديم برامج الأطفال.
يحتفظ له كاتب هذه السطور، بمقابلة تليفزيونية مطوّلة لم تعرض، تُبيِّن انه ولد في مكة المكرمة في 27/7/1332ه (أي قبل دخول الحجاز في الدولة السعودية بأكثر من عشرة أعوام)، ودرس في كتّاب النوري، ثم في مدرسة الفلاح، عمل بعد ذلك في دار للأيتام في المدينة المنورة، ثم في مطبعة أم القرى بمكة المكرمة، ثم في إدارة الجمارك، والتحق بالإذاعة مع بداياتها.
ترجم له الكثيرون، ومنهم: عبد القدوس الأنصاري وعمر الساسي ود, علي جواد الطاهر، وكان الزميل د, عبد الرحمن الأنصاري ممن كتب في تحليل شعره وأدبه، وكان أول إصداراته (ديوان أحلام الربيع 1365ه) الذي يعدّه احمد عبد الغفور عطار أول ديوان شعر حجازي مطبوع.
بدأت موهبته الشعرية تتفتح أثناء دراسته في مدرسة الفلاح، وفي حفلات الزواج وتأليف (مجسّاتها) وقد كان لفقد زوجته سنة 1357ه اثر كبير في حياته، وفي (تفتّق) قريحته الشعرية، وقد أنجب ابناً واحداً وثلاث بنات، وكان ممن عطف عليه ورعاه في صغره كل من محمد سعيد عبد المقصود خوجة، وعبد الله أحمدوه (مدير الفلاح) وعباس قطان (أمين العاصمة المقدسة) رحمهم الله جميعاً.
قدم الى الرياض، مع محمود صالح قطان (سكرتيراً له) في المحاولات المبكّرة لانشاء بلدية الرياض, وألقى أمام جلالة الملك عبد العزيز - لأول مرة - قصيدة من نظمه.
وقع في أواخر سنيّ حياته في حب تونس، وصار يقضي أيامه مناصفة بين عشيقتيه: المملكة وتونس، وقد بادلته المشاعر نفسها وسمّت شارعاً باسمه، وعُدَّ سفيراً شعبياً يمثل الشعب السعودي عند إخوانه التونسيين، وحقق فيها شهرة واسعة على الصعيد الثقافي والاجتماعي، لا تقل عن حب أهله في وطنه الأم، وأصدر في هيامه بها عدداً من الدواوين، ساعدت في التعريف بالشعر السعودي في الخارج، تماماً كما فعل السفراء حسن قرشي ومحمد الفهد العيسى ومقبل العيسى وعبد الرحمن القاضي وغازي القصيبي وعبد العزيز خوجة وغيرهم.
(الحلقة القادمة: لماذا أنشأ الملك عبد العزيز مجلس الدعاية للحج 1355ه).

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
منوعــات
شعر
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير