عزيزتي الجزيرة الغراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
حيث اننا نعيش في هذه الايام المباركة فيسعدني ان ارحب بضيوف الرحمن اجمل ترحيب,, فأقول مرحبا بكم في هذه الديار المقدسة والرحاب الطاهرة ضيوفا للرحمن جل جلاله وفي بيت الله الحرام الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا وحمدا لله على سلامتكم ووصولكم إلى ارض المملكة العربية السعودية التي شرفها الله بخدمة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام وزوار الرسول صلى الله عليه وسلم والتي قامت وتقوم بتوفير جميع الامكانات المادية والمعنوية لكي يؤدي عباد الرحمن الركن الخامس من اركان الاسلام بكل يسر وسهولة واطمئنان, أيها الاخوة المؤمنون حجاج بيت الله الكرام ان من رحمة الله بعباده ان ينقلهم من طاعة الى طاعة ومن عبادة إلى عبادة ليسبغ عليهم فواضل النعم فلما مضى شهر الصيام اقبل شهر الحج إلى بيت الله الحرام فكما ان من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فكذلك من حج البيت فلم يفسق ولم يرفث رجع من ذنوبه كيوم ولدته امه وهنيئا وهنيئا لمن حج البيت ولم يرفث ولم يفسق وهنيئا لمن عاد من حجته كيوم ولدته امه وهنيئا لمن سعى لخدمة الحجيج وهنيئا لمن تأدب بالآداب الاسلامية في الحج، أخي الحاج ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فمغفرة الذنوب بالحج ودخول الجنة مرتب عن كون الحج مبروراً وإنما يكون الحج المبرور باجتماع امور منها:
اولا : كثرة ذكر الله تعالى وقد أمر الله تعالى بذكره في اقامة مناسك الحج خصوصا في حالة الاحرام بالتلبية والتكبير قال تعالى: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الالباب)، فما تزود حاج ولا غيره افضل من زاد التقوى.
ثانيا: الاتيان فيه بأعمال البر ومنها حسن الخلق إلى الناس بالبر والصلة ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن البر قال: حسن الخلق، فعلى الحاج ان يعامل اخوانه الحجاج الذين يلتقي بهم في المشاعر والذين اتوا من كل فج عميق بالمعاملة الحسنة بالقول والفعل ويجب عليك اخي الحاج ان تخلص نيتك لله تعالى فإن بعض الناس قد غلب عليهم حب الشهرة فجعلوا الحج والعمرة بمثابة سفر للنزهة كي يقال حج فلان وحجت فلانة قال تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله)، واتمام الحج الإتيان بمناسكه على الوجه المشروع وقول الله تعالى معنى اخلاص النية فيه لله وحده تخليص افعاله من الشرك الاكبر والاصغر فلا يكون فيه رياء ولاسمعة ولا طمع من مطامع الدنيا ولا فخر ولا مباهاة ويجب عليك اخي الحاج ان يكون العمل الذي تتقرب به إلى ربك مما شرعه الله وتأس بنبيك وقدوتك محمد صلى الله عليه وسلم في ادائك لمناسك الحج والعمرة وقد قال عليه الصلاة والسلام: خذوا عني مناسككم رواه مسلم، وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)، فالعمل مهما كان صاحبه مخلصا فيه لله ولم يكن موافقا لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مردود على صاحبه كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد , رواه مسلم، فبدون هذين الشرطين الاخلاص في النية وموافقة السنة لا يكون العمل مقبولا فعليك اخي الحاج بسؤال اهل العلم الثقات عما اشكل عليك حتى تكون على بينة ويكن حجك صحيحا وقد أمرنا الله في كتابه العزيز بسؤال اهل العلم فيما اشكل علينا من امور ديننا فقال سبحانه في محكم التنزيل: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يرد الله به خيراً يفقه في الدين .
وانك أخي الحاج الكريم سوف تجد بعون الله وتوفيقه من يجيب على اسئلتك واستفساراتك فيما اشكل عليك من امور حجك ودينك فقد اهتمت حكومة خادم الحرمين الشريفين - حرسها الله وأيدها بنصره وتوفيقه - وجندت عددا كبيرا من العلماء والدعاة وطلاب العلم للقيام بهذه المهام الجليلة وتعليم وتوجيه الحجاج إلى اداء مناسك الحج والزيارة على الوجه المشروع وذلك في جميع المداخل البرية والبحرية والجوية للمملكة العربية السعودية وفي المواقيت وفي ساحات الحرمين الشريفين فالعلماء موجودون ومستعدون على مدار الساعة للاجابة عن اسئلتهم وتعليمهم امور دينهم وارشادهم فخلال شهر كامل ينتدب اصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ وطلبة العلم من جميع انحاء المملكة في شهر ذي القعدة وبالتحديد من العشرين من ذي القعدة إلى العشرين من ذي الحجة وذلك لارشاد الحجاج وتعليمهم امور دينهم فلا تتردد اخي حفظك الله ورعاك في سؤال اهل العلم والاستفادة منهم حتى تكون على بينة وبصيرة بأمور دينك وتؤدي مناسك الحج أداء سليما على الوجه المشروع قال تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة .
واحذر أخي الحاج من الرفث وهو ذكر الجماع ودواعيه وقيل هو الكلام الرديء واللغو الذي لا فائدة فيه والفسوق والمخاصمة والجدال بالباطل حتى يكون حجك مبرورا وسعيك مشكورا وذنبك مغفورا قال تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)، واحرص اخي الكريم على اداء الصلوات المفروضة جماعة في اوقاتها وفي المساجد التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه ولا سيما المسجد الحرام والمسد النبوي الشريف فالصلاة في المسجد الحرام افضل من مائة ألف صلاة في غيره والصلاة في المسجد النبوي افضل من الف صلاة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أجر عظيم.
وأكثر من الاعمال الصالحة من تلاوة القرآن مع تدبر للآيات وذكر الله والدعاء والطواف بالبيت والاستغفار والتوبة الصادقة والانابة والرجوع الى الله تعالى والتلبية ورفع الصوت بها والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعرف على اخوانك في الله فالحج فرصة عظيمة للتعارف والتآخي فعليك باغتنام هذه الفرصة لعل الله ان يستجيب لك ويقبل منك ثم اعلم اخي الحاج الكريم ان مناسك الحج والعمرة ما شرعت إلا لذكر الله وان الهتاف بالشعارات التي ما أنزل الله بها من سلطان لا مجال له في هذا البلد الحرام لان ذلك مخالف لما شرعه الله فمناسك الحج كما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيها مسيرات او مظاهرات فقد كان عليه الصلاة والسلام يأمر بالسكينة ويوصي بذكر الله بدون ضوضاء وأن من تسول له نفسه بخرق تعاليم الحج سوف يلقى العذاب الاليم من رب العالمين ومصيره الردع والمنع من ولاة الامر في هذا البلد الامين الذين يسهرون الليل والنهار للمحافظة على امن وسلامة الحجيج، واحذروا اخواني الحجاج من افتراش الطرقات في المشاعر فإن ذلك العمل يتنافى مع الاداب الاسلامية ويتعارض مع تعاليم الحج ومظاهر المسلم وسلوكياته فالافتراش في الحج اذى للمسلمين ويعرقل الحجاج عن اداء مناسكهم حيث يسبب الازدحام ويحول دون انسياب حركة المرور والمشاة.
أيها الحاج الكريم واصل اجتهادك في الاعمال الصالحات التي قضيت بها ايام الحج من قراءة القرآن والدعاء والصلاة وحافظ عليها ولا تتركها حتى الممات (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) أيها الحجاج نحمد الله ان وفقكم لحج بيته وزيارة حرمه ونسأله ان يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال ويضاعف لنا ولكم الثواب وان يديم على الامة الاسلامية عزتها وكرامتها وان يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو لي عهده الامين لما يقدمان من خدمات جليلة لخدمة ضيوف الرحمن وخدمة الاسلام والمسلمين في كل مكان انه سميع مجيب,, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آل وصحبه اجمعين.
مالك ناصر درار