Sunday 21st March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 4 ذو الحجة


القلم الأبيض
الفضائية اللبنانية المسيحية وعوامل تكريس الطائفية

وحدت الطوائف اللبنانية نظرتها للمستقبل بعد اتفاق الطائف عام 1990م الذي ترك المجال رحبا للبنانيين لإنهاء الحكم الطائفي تدريجيا بعد خلق قناعات تؤكد ان استمرار التمييز الطائفي سوف يجعل البلاد عرضة لحرب أو عدة حروب أهلية في العقود الأولى من الألف الثالثة.
المفترض ان يتعرف اللبنانيون على انفسهم اكثر بعد تجارب مريرة نتيجة عدم المساواة بين أفراد المجتمع اللبناني,, ومع الأنظمة والقوانين التي تقتل طموح النفس الانسانية كان لابد من أن يتحقق هذا الطموح في الحرب تقاعست المؤسسات السياسية والعسكرية وظهرت في لبنان مافيا متخصصة للعمل في اجواء الحروب, وتحولت ارض لبنان الصغيرة المساحة الكثيرة الأمكنة وكأنها موطن من مواطن الحشر فكل موقع متخصص لاتباع دين أو مذهب أو طائفة.
هذا هو حال لبنان قبل الحرب وهو الحال نفسه الذي يتجه اليه لبنان بعد الحرب.
الفضائية اللبنانية، المستقبل، يظهر فيها المذيع المسلم والمسيحي وتلتقي برامجها الميدانية بالمفكر اللبناني أيا كانت ديانته، ويظهر على شاشة المستقبل المطران والمفتي, والى جانب المستقبل هناك الفضائية المسيحية LBC وهي القناة الفضائية التي كرست جهودها لخدمة الصليب في بلد تتقاسمه الأديان والمذاهب والأهواء والملل, وفي البرامج الميدانية تلتقي الLBC مع مفكرين مسيحيين ينفرون من العربية ويتنصلون من العروبة اذا كان للعربية والعروبة ارتباط بالاسلام, وهو ما قاله جوزيف ابوخليل الصحفي اللبناني الكتائبي المسيحي الماروني.
وإثر الحداد أوالحزن الذي اعلنته الفضائيات العربية اثر وفاة الملك حسين عاهل الأردن كانت مساهمة LBC وضع صورة الملك حسين وهو يرتدي الزي الوطني دون تلاوة آية من القرآن الكريم.
وفي المسابقات والأفلام المخصصة للأطفال يبدو الصليب كرمز للمحبة والمساواة وإسداء كل معاني الحب والعطف, واسماء العاملين فيها لا تمت الى العروبة أو العربية بأية صلة فهي أسماء فرنسية في نطقها فكان سخط المسيحيين اللبنانيين شاملا للعربية والعروبة كرها منهم للإسلام والمسلمين الذين يشكلون 57 في المائة أو أكثر من مجموع السكان في لبنان.
إن الاسلام هو الدين السماوي الوحيد على وجه الأرض الذي يعترف بالمسيحية كدين عريق له طقوسه ووسائل القربات فيه الى الله هي محور التجديد في الدين الإسلامي وتبقى وحدة الاعتقاد الالهي الأوحد شاملة لكل من عرف الله وقدس أديانه وصلى وترضى وسلم على رسله وأصحاب رسله.
وفي لبنان البلد العربي الذي تعذبه توجهات التعدد والتمييز الطائفي والديني كان الاجدر بالعاملين على بناء لبنان الحديث ان يتأكدوا ان الطريق الذي تسير فيه لبنان حاليا هو استعداد لحرب قادمة وليس وحدة وطنية، فالاحقاد التي بدأت تظهر على القنوات الفضائية لا تمثل سوى الناطقين بها في الوقت الحاضر، اما استمرارها فسوف يؤدي الى تأسيس عصابات تنادي بمسيحية لبنان ومعاداة المسلمين.
واذا كان لدى العرب عين تراعي لبنان وتنشد له الأمن والاستقرار فكان من واجب من يرى في نفسه حريصا على لبنان ألا يلبي مطامع المتربصين في لبنان لكل ما هو لبناني أيا كانت ديانته.
ان على الشركات والمصانع العربية والسعودية منها الذات ان تقاطع هذه المحطة التي تدعو الى تجسيد الطائفية وان تجعل اعلاناتها حكرا على كل مؤسسة اعلامية وطنية تنظر احوال لبنان وتناجي اللبنانيين وتتحسس آلامهم مهما كانت عرقياتهم ودياناتهم.
في ندوات صحفية داخل الوطن العربي وخارجه التقيت بكتاب لبنانيين مسلمين ومسيحيين وكلهم يتألم من تلك التوجهات التي تنادي بأن ينهض المسيحيون من جديد للثأر للصليب وان يستعيد المسيحيون السيطرة الكاملة على لبنان، وكل لبناني يرى ان لبنان وطن لسائر اللبنانيين والحق فيه يجب ان يكون مشاعا لسائر اللبنانيين دون تمييز طائفي أو عرقي.
إن كل مسيحي ارثوذوكسي أو كاثوليكي أو بروتستانتي ليس من حقه ان يحلم برئاسة الجمهورية اللبنانية مهما بلغ من درجة الاخلاص والمودة للبنان وأهله، أما المسلم اللبناني فهذا ليس من حقه التفكير في طموح كهذا.
وهذه الحال سارية على سائر المناصب الى ان تصل الى اعداد الجنود وضباط الصف.
والفضائية المسيحية LBC أداة فعالة لتأصيل هذه الآلام واستمرارها الى ان تنفجر دماء اللبنانيين من جديد.
اذا كان هناك من يريد ان يصلي على لبنان صلاة الميت فلينضم الى هذه القناة الفضائية وأنصارها وأولئك المفكرين الذين يسامرون مشاهديها لبث تطلعاتهم لمستقبل لبنان.
ومن يتمنى للبنان ان يعيش عربيا ووطنا لكل اللبنانيين فليعمل على اذابة كل منابت الطائفية وأولها توجيه نداء للشركات التجارية السعودية والعربية والعالمية بعدم ابرام عقود اعلانية مع كل محطة اذاعية أو تلفزيونية طائفية.
عبدالعزيز المهنا

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved