مشاعرنا وإجازة العيد د,فهد حمد المغلوث |
حينما نكتب عن العيد ونحتفي به، فإن الكتابة حينئذ لابد ان تأخذ شكلاً مختلفا غير المتعارف عليه، ولابد ان يكون الاحتفاء بتلك المناسبة حدثا غير عادي يتناسب مع هذه المناسبة الغالية على قلوبنا وقلب كل مسلم على وجه هذه المعمورة، لاننا ونحن نكتب عن العيد، فإننا نكتب عن الفرحة، عن الاجتماع بين اعضاء الاسرة الواحدة عن التواصل بين الاقارب والاصحاب والاحباب، عن لمّ الشمل وإنهاء القطيعة والضغائن، واذا كنا نتحدث عن عيد الاضحى تحديداً، فيكفي اننا نحتفل به لاننا نبدأ به حياة جديدة مليئة بقلوب نظيفة صافية بعد تأدية شعيرة من اهم شعائر الاسلام وركنه الخامس الا وهو الحج، ارجع الله كل من يؤدي الحج هذا العام بالسلامة وموفور الصحة والعافية مغفور الذنب ولمن لم يقم به ان يبلغه الله إياه في الاعوام القادمة باذن الله.
وحينما نكتب عن مشاعرنا وأحاسيسنا في هذه المناسبة من السنة، فلابد ان تكون المشاعر والاحاسيس شيئا آخر غير تقليدي، لاننا حينئذ سوف نعبر عن مشاعرنا بطرق مختلفة،سوف نعبر عن احاسيسنا بوسائل غريبة، كأن تلك المشاعر والاحاسيس الجميلة الرائعة مختزنة بداخلنا تستعد للظهور في يوم العيد، تريد ان تعبر عن حقيقة نفسها، بأسلوب فيه مشاعر الود والصدق والصفاء والمعزة والمكانة الخاصة، تريد ان تعبر عن نفسها في الجلوس مع كل من تكن لهم من حب صادق في مكان واحد، على طاولة واحدة لايفصلهما عن بعضهما سوى شمعة حمراء مضيئة ووسط جو هادئ وبجانب تلك الشمعة الرائعة وردة في غاية الجمال، وكل تلك الاجواء لتتيح لتلك المشاعر ان تتفوه بما تريده وان تعبر عما يختلج في داخلها دون خجل او تردد، فقط ما عليك سوى تصور الموقف ومعايشته، وحينئذ سوف تدرك كم هو رائع ذلك المشهد, وسوف تدرك ايضاً كم انت مقصر في حق نفسك حينما تكون بعيداً عن تلك الاجواء الرائعة التي لاينقصها سوى الود الصافي حينما يجتمع معك في تلك الاجواء فيحيلها الى سعادة من نوع آخر لاتتوفر في كل وقت ولا مع اي انسان.
وحينما نبعث بتهانينا واشواقنا لأعز الناس بكل الوسائل المتاحة لنا والامكانيات المتوفرة لدينا، فلابد ان تكون تلك التهاني مميزة كتميز اصحابها، لابد ان تكون في مستوى اولئك الاشخاص المرسلة لهم, لابد اننا بحثنا عن تلك البطاقات التي سوف نرسلها لهم بحثا غير عادي، لابد ان ننتقي تلك البطاقات التي تعني شيئاً ما، لايهم كم سعرها المهم انها ترمز الى شيء ما نريد ان نعبر عنه ونريد ان يصل الى قلب من يستحق هذه التهنئة الخاصة، نريد ان نشعره ان هذا مجرد تعبير بسيط جداً عن حبنا، وتقديرنا واحترامنا له، مجرد تذكير بسيط جداً بأن هناك من يشاركه فرحة العيد لحظة بلحظة مهما كان بعيدا عنه ومهما كان غيابه مؤقتاً, وحتى ان لم نتمكن من ارسال تلك التهاني فاننا نتمنى عليه ان يشتريها بنفسه ويهديها لنفسه ويتخيلها منا مهما كان زمن شرائها لانه ليس هناك فرق بينكما! أليس كذلك؟ قد يكون تصرفك فيه شيء من الغرابة، لا بأس ولكن الأهم، ان تشعر بالسعادة وان تتخيل انك لست بمفردك ابداً، قد يبدو تصرفك مضحكاً لك، ولكن تخيل تلك الابتسامة وهي ترتسم على محياك، وتخيل وانت تتصفحها وتقرأ مافيها حينما ترجع للمنزل، تخيل نفسك وهي مكتوبة لك انت دون سواك، تخيل الموقف والاجواء التي اقتنيت فيها تلك البطاقة، وحينئذ هل تستطيع التخلص من بطاقة التهنئة تلك؟ واذا كانت اجابتك بالنفي، فحاول ان تجد سبباً لرفضك ومن ثم حاول تحليله، وحينئذ سوف تصل لحقائق تدخل السعادة لقلبك.
وحينما نريد ان نرسل باقة ورد جميلة لأحب الناس الينا واقربهم الى قلوبنا، فلابد ان تكون تلك الورد مميزة في كل شيء, لابد ان تكون جميلة, لابد ان تكون ألوانها مريحة وزاهية وتدخل البهجة الى النفس والقلب، لابد ان يكون شكلها رقيقا كرقة من سوف تهدى اليه، لابد ان تكون مصحوبة بدعوات صادقة نابعة من القلب بأن يكون هذا العيد فيه كل الخير والبركة وان يكون هذاا لحج مصحوباً بالدعوات الصادقة النابعة من القلب بأن يتقبله الله سبحانه وتعالى ويكون في ميزان اعمال من قام به وسهله وبارك خطواته.
اما حينما يكون الحديث عن المتميزين ممن هم حولنا وبيننا، عن الوحيدين في قلوبنا وأعيننا، فحينئذ يطول الحديث ويصعب شرحه، لان هؤلاء المتميزين المتفردين الوحيدين هم العيد الذي ننتظر قدومه بلهفة كي نحتفل لانهم هم من يمثلونه بالنسبة لنا، هم المشاعر الجميلة التي نحياها ونعيش بها ولأجلها، هم التهاني الرائعة التي نحتاجها باستمرار والذكرى الجميلة التي نستعيدها من وقت لآخر وننتظر تجديدها كي تدب الآمال في أوصالنا وكي نشعر بأهميتنا في هذه الحياة ، وهم باقات الورود التي لاتستغني اعيننا عن الاكتحال برؤيتها ولا أنوفنا عن استنشاق عبيرها المتجدد، ولا آذاننا عن سمع صوت اوراقها تتفتح مع اشراقة كل صباح لتعلن ميلاد يوم جديد ملؤه الحب والوفاء والتضحية بل لاتستغني أيدينا عن لمس اوراقها الندية كي تشعر بنعومتها وطراوتها التي تشعرك وكأنك تداعب بشرة طفل رضيع.
فما اجمل العيد وبكل مايرتبط به حينما تسمع تهاني الاحبة تزف اليك من بعيد يرسلونها اليك بكل لهفة ويبعثونها لك محملة بعبارات الشوق.
واذا كان للتهاني القريبة والمباشرة وقع جميل ومؤثر على النفس في هذا العيد، فإن التهاني المرسلة لنا من بعيد من اعز الناس اكثر جمالا وتأثيراً على النفس ذلك انهم رغم بعدهم عنا وانشغالهم وصعوبة ظروفهم لم ينسونا، بل حتى اولئك الذين يقتلهم الشوق الينا ولايستطيعون الوصول الينا وتهنئتنا مباشرة لابد ان مشاعرهم الفياضة تصل الينا بأسرع مما يتوقعون لأن الانسان حينما يكون صادقا يصل صدقه دون مقدمات ودون وسائط اياً كان نوعها.
واذا كان العيد يكفيه رمزا انه عنوان للمّ شمل الاهل والاحباب، فقد يكون هناك فئة اخرى محرومة من الالتقاء بفلذات اكبادها او أحبابها، محرومة حتى من السؤال عنهم والاطمئنان عليهم، بل انها قد لاتعرف اراضيهم، ولاتجد سبيلا للوصول اليهم على الاقل لنقل التهاني اليهم وإشعارهم بأن ماينقص سعادتهم في هذا العيد هو عدم وجودهم بينهم، ولكن هكذا هي الحياة، فيها الكثير من المنغصات والصعوبات والعقبات التي يقف الانسان عاجزاً أمامها ولايملك الا ان يرفع يديه للسماء بأن يعيد اليه الغائبين ويقرب البعيدين, وأي وقت افضل من هذه الايام يستطيع الانسان ان يدعو ربه؟ وبرغم كل شيء لانملك سوى ان نقول للجميع أينما كانوا ومهما كانت ظروفهم وأوضاعهم، نقول لهم كل عام وانتم بخير والله نسأل ان يستجيب لنا دعاءنا ويحقق امانينا ويحفظنا من كل مكروه.
ويكفي ان العيد على الابواب لنقول لك هنيئا لك بكل من حولك وهنيئا لمن حولك بك.
همسة
مهما باعدت بيننا المسافات,.
مهما حالت بيننا الاجازات,.
مهما صعبت بيننا الاتصالات,.
مهما وقفت امامنا العقبات,.
مهما ضعفت بيننا العلاقات,.
***
نظل معاً قريبين بقلوبنا,.
متمازجين بأرواحنا,.
متحدين بأفكارنا.
متماسكين بأيدينا,.
مؤمنين بقدرنا,.
ننتظر بشوق اقتراب المسافات.
انقضاء الاجازات,.
سهولة الاتصالات,.
زوال العقبات,.
عودة العلاقات,.
***
كي نعود كما كنا,.
قلباً وقالباً,.
روحاً ودماً,.
حساً واحداً,.
اقرب من اي وقت مضى,.
***
فقط لنثبت لأنفسنا
لنبرهن لغيرنا,.
اننا اقوى من كل الظروف,.
لأن مابيننا ليس شيئاً عادياً,.
ليس حبا كأي حب,.
|
|
|