كتب روايته الاولى,, كان سعيدا بها جدا,, فمنذ ان كان صغيرا وهو يحلم بأن يكون روائيا مشهورا مثل نجيب محفوظ,, اراد ان يطبع هذه الرواية ليقرأها كل الناس ولتكون بداية انطلاقته في عالم الرواية,, لكن أصدقاءه نصحوه بالتريث وسؤال أهل العلم النقاد ,, ولذلك حمل مسودة الرواية وطاف بها على عدد من النقاد,, أحدهم اعتذر لمرضه والآخر اعتذر لسفره ,, وآخر لانشغاله الدائم ,, وهكذا دواليك,, لم يستجب اي ناقد لمطلبه!! وفجأة تبرع استاذ اكاديمي مرموق باستخدام نفوذه وإيصال هذه الرواية لبعض النقاد البارزين,, وانتظر الروائي الصغير عدة اشهر ليحصل على القراءة النقدية لروايته,, وصدم عندما قرأ التعليقات التي كتبها اثنان من النقاد المعروفين,, فأحدهما كتب قائلا: تصفحت الرواية,, من الصعب القول إنها تنتمي إلى الرواية,, إنها مليئة بالاخطاء,, ولا تمتلك أدنى العناصر الفنية باستثناء الطول,, يمكن الاقتراح عليه قراءة روايات كثيرة,, وقد يحاول فيما بعد الكتابة افضل !!
اما الناقد الآخر فقد قال: ماقرأت من هذا النص يدفعني إلى ان انصح كاتبه بقراءة الكثير الكثير من الروايات والقصص العربية القديمة والحديثة ومن المترجمات في هذا الباب,, إذ ان هذا وحده ما يصقل الموهبة ويطلق الخيال ويكسب الصنعة,, وأول كل غيث قطرات !!
سألني والإحباط يرسم ملامح وجهه:
بعد الانتظار الطويل تحصلت على هذه النتيجة,, فهل تسمى هذا نقدا؟,, بضعة اسطر (لاتساوي) مهلة الانتظار الطويلة!!
قلت له: نعم!
قال متفاجئا: كيف؟!
قلت: انت اولا لاتدرك الواقع الذي تعيشه,, وثانيا: لا نريد ان تفهم هذا الواقع,, وثالثا: لاتسعى إلى الاستفادة من هذا الواقع؟!
قال: انا لا افهم شيئا مما تقول؟!,, فماذ تقصد اولا بالواقع الذي لا أدركه؟!
قلت: انه واقع ثقافي سيىء بدرجة تجعلك تفقد الرغبة في فعل أي شيء,, فالأسماء (الملمعة) هي التي تتسيد الساحة الثقافية وهي التي تحصل على كل شيء دون ان تبذل اي شيء!!,, اما الأسماء (اللامعة) فهي التي تبذل دون ان تحصل حتى على كلمة شكراً !!
قال: وماذا عن كيفية فهم هذا الواقع؟!
تركي إبراهيم الماضي