Thursday 25th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 8 ذو الحجة


سلطانة السديري ل الجزيرة االثقافية
ليس هناك محطة فاصلة في الكتابة الشعرية

* حوار: عذراء الحسيني
يقولون الوجوه دليل السرائر وعلامة النفوس,, حملت هذا الفهم وانا في الطريق لحوار كنت اتلهف اليه رغبة في الاقتراب من عالم خاص بالابداع في الكلمة.
وحينما وضعت الاوراق وجلست ثبت لدي بما لا يدع مجالا للشك ان الوجوه فعلا دليل السرائر وعلامة النفوس فالشخصية جذابة,, تحمل ملامحها الثقة والالفة والتواضع والتلقائية,, تنم روحها عن ايمان عميق بالله وثقة واعتزاز بالنفس,, منحها الله حس الفنان المرهف الذي يستمد شعاعه من ذكاء راق وافكار ناضجة,, وكل ابداعاتها (سحابة بلا مطر، قهر الكويت، عيناي فداك، عبير الصحراء) تمثل لها مناداة للمشاعر الراقية والحس الانساني العميق فكان حوارنا العامر بالصدق مع الاستاذة سلطانة السديري,,.
* ما هي المحطات الرئيسية التي شكلت تجربتك الشعرية؟
- ليس هناك محطة فاصلة في الكتابة الشعرية بمعنى ان المراحل او لنسمها النقلات تنبجس من بعضها البعض من معطف نقلة تخرج نقلة اخرى لا تقطع تماما مع الماضي ولكنها تحمل الجديد فقراءاتي المبكرة للادب العربي جعلتني أتأثر بكثير من الادباء فقرأت لابن زيدون ولابي القاسم الشابي ولايليا ابو ماضي وشوقي وقراءتي للشعر والقرآن الكريم صقلت موهبتي الشعرية وزادت معرفتي باللغة العربية وطبعت اول ديوان لي في الثالثة عشرة من عمري في بيروت,, اما المحطة الثانية من مشواري فهي بداية قدومي للرياض وبداية تأثري للكلمات العامية وتعمقت فيها وكانت بدايتي في الشعر الشعبي وكانت اول قصيدة على هذا النمط بعنوان (قهر) وهي لون اعتبر نفسي تميزت به وهو المزج ما بين الفصحى والنبطي.
* في عصر يحتشد بكل ما في المادية من زخم,, هل يبدو الشعر وكأنه ترفيه بالنسبة للناس؟
- الانسان بطبعه فنان وعليه ان يكتشف موهبته من رسم وشعر وغيرهما وحتى المرأة في بيتها من تنظيم وترتيب واعداد الطعام المحبب لقلوب اسرتها يعتبر فنا وذوقا.
ودائما اتصور ان كلمة الشعر كانت الكلمة الاولى واتوقعها ستكون الكلمة الاخيرة واحتشاد هذا العصر بالمفردات المادية يرسخ حاجتنا اكثر واكثر للشعر,, ليس كترفيه وانما كضرورة لاحداث التوازن المطلوب بالنسبة لانسان هذا العصر,, اما من ينظر للشعر كترفيه او كحاجة كمالية فهو غير قادر على فهم فلسفة الحياة بشكل عام بخاصة اذا ما نظرنا الى تاريخ الشعر كواحد من اقدم الفنون الانسانية واكثرها قدرة على الاستمرار والتعبير عن مشاعر البشر على مدى العصور.
* وانت تكتبين القصيدة,, هل تحاولين جعل المتلقي يفك رمزا ما,, لغة ما ام ماذا تحاولين؟
- على العكس فشعري يميل الى السلاسة والوضوح وحتى في الفصحى لان هدفي في المقام الاول الوصول الى المتلقي والى المشاعر الروحية العميقة واتمنى ان اكون مجيدة بما يكفي لامتاع المتلقي اما التعقيدات والرموز فلا احب ان ادخل في محاولات لا طائل من ورائها فالبساطة في الشعر هي اسلوبي المفضل.
* ماذا تضيف الاغنية للشعر؟ ولماذا لم تتجه قصائدك الى ان تكون اغنية؟
- الاغنية لا تضيف شيئا للشعر في حد ذاته لان الشعر اكثر الفنون استقلالا عن غيره وتفردا لكن الشعر هو الذي يضيف للاغنية بل انه لا يتجزأ منها لانه اساسها الاول,, وكل ما يستفيده الشعر عندما يتحول الى اغنية هو الانتشار في اجواء اولئك الذين لا يهتمون اصلا بالشعر واعتقد ان الاغنية هي التي تبحث عن القصيدة وليس العكس ,, كما انني لا اعرض قصائدي على انسان ليغنيها,, فقصيدتي (سويعات الاصيل) التي تغنى بها طلال مداح منذ اكثر من 35 سنة ونسبها الادريسي له ولكنها موجودة في ديواني.
ومنذ فترة قريبة طلب مني الملحن محمد هادي قصيدتين وطنية والثانية فصحى بعنوان (آه يا حبي) ورشحت لها المطربة السورية اصالة وايضا قصيدة نبطية (الحصار والحواجز) وستتغنى بها مطربة مغربية.
* سحابة بلا مطر، قهر الكويت، عيناي فداك، عبير الصحراء,, حينما تعاودين النظر في مشاريعك الابداعية هذه,, هل تشعرين انها ارضت طموحك حقا؟
- رغم انني دائمة النظر الى ما قدمته حتى الان الا انني غير متأكدة من اكتماله كمشروع ابداعي وبالتالي اشعر انني مازلت اضع قدمي على العتبة الاولى واحتاج الى خطوات كثيرة للوصول, جل طموحي هو الوصول للانسان ومناداة المشاعر الراقية والحس الانساني العميق,, صدقيني لم يكن ابدا احد اهدافي الشهرة فأنا قد كتبت فترة طويلة تحت اسم (نداء) ولم اتخيل انني سأكتب باسمي الحقيقي.
* ومتى سنشهد ولادة ديوان جديد؟
- حاليا اتمنى تحقيق مشروع يدور في ذهني وهو جمع قصائدي النبطية في ديوان واحد وكذلك الفصحى.
* المرأة في الشعر او شعر المرأة,, وكثير من المقولات المتشابهة مازالت تتردد في الاوساط الادبية,, ما رأيك بهذه القضية؟
- المرأة اصلا كون انساني مستفز لاي مجتمع ذكوري مثل مجتمعاتنا العربية فما بالك اذا اضافت الى كونها الانساني خاصية استفزازية اخرى وهي الشعر ينبغي علينا ان نؤمن بشعر المرأة بالقدر الذي نؤمن فيه بشعر الرجل,, اما اقتصار مثل هذا المصطلح على ما تكتبه المرأة فقط والنظر الى التجربة الشعرية العامة بشكل عام على انها نتاج الرجل وحده فهو نظرة قاصرة وغير قادرة على التعامل مع مفردات الحياة المعاصرة بحس عادل.
لقد تعرضت المرأة طوال تاريخها لحيف اجتماعي وحضاري كبير مما جعلها تنزوي غالبا في جانب ضيق من جوانب التجربة الانسانية العامة,, وهذا ساعد على عدم قدرتها على اللحاق بالمسيرة العلمية والفكرية والحضارية التي انفرد بها الرجل طويلا,, مما جعل الكفة الاحصائية تميل لصالح الرجل في مجال كمية الانتاج الفكري والادبي بشكل عام.
الآن الامور بدأت تتغير والنظرة لما تكتبه المرأة ينبغي أن تتغير وألا تنحصر في الاطار النسوي الضيق.
* تبدو مباراة تنافس وكأنها ممتدة في الفترة الاخيرة بين القصيدة الفصحى والشعبية,, وكثيرون يؤكدون سطوة الشعبي على الساحة,, فما رأي شاعرة محسوبة على القصيدة الفصحى والشعبية؟
- انا شخصيا عندي كل بيت في اللغة العربية يوازي قصيدة نبطية تبقى دائما اللغة العربية هي الام, نعم النبطية نصل بها الى عامة الناس وسهلة ولكن عند رغبتنا في حفظ الادب فلابد من اللغة العربية وانا من الناس الذين ندموا.
فالقصيدة الشعبية اخذتني اكثر من 15 سنة وانا اعتقد ان صفحات ومجلات الشعر الشعبي التي انتشرت في الاونة الاخيرة بصورة غير طبيعية ساعدت على تكريس مفاهيم غير دقيقة حول هذا الشعر.
* على ذكر المجلات الشعرية الشعبية فهل برأيك خدمت الشعر والشعراء؟
- هناك مجلتان احرص على اقتنائهما (المختلف - فواصل) لما تجدين من مواضيع شيقة تستحق القراءة,, وانا معك بأن الساحة عجت بالكم الهائل حتى اصبح الانسان لا يفرق بين الغث والسمين.
* في وداع نزار قباني ماذا قلت، وهل ودعت الساحة الشعرية آخر جيل العمالقة؟
- رأيي مختلف عن البقية فهو كمدرسة شعرية حديثة له قيمة حقيقية وعمق احساس.
ولكن في بعض قصائده لا تعجبني نظرته للمرأة وتصويره لها كالمتعة المسخرة للرجل,, اضيفي الى ذلك الحقد الاسود الذي كان يوجهه للخليج.
* ومن من الشعراء الذين ترين لهم بصمة حقيقية وهوية شعرية ثابتة وتعتقدين انه قادر على بلورة مرحلة شعرية متكاملة تحسب لجيل شعرائنا المعاصرين؟
- كثيرون,, نحن في منطقة غنية بالابداع والشعراء الكبار الذين انجبتهم هذه الارض ولكن على سبيل المثال د, غازي القصيبي ود, ابراهيم العواجي وكثيرون.
* كشاعرة سعودية ما هو مدى متابعتك للشعر النسائي في الخليج؟
- للاسف الشديد ليس هناك تواصل بين شاعرات الخليج الا ما يقرأ في الصحف وانا اتيحت لي الفرصة بدعوة لزيارة الكويت والتقيت بالشاعرات هناك كنوار الحمود وهناك في قطر حصة العوضي وعلي المستوى المحلي الشعبي يعجبني شعر غريبة الدار - عابرة سبيل.
* اين انت من الامسيات الشعرية واللقاءات الاعلامية؟
- على العكس انا الشاعرة الوحيدة التي تقيم امسيات شعرية كثيرة فلي 16 امسية شعرية خلال 20 سنة في جميع مناطق المملكة ما عدا حائل والقصيم.
وايضا اول شاعرة خليجية وعربية تقيم امسية ففي الكويت عام 81م اقمت امسية وقدمت لي الاستاذة لولوة القطامي الوسام وقالت انت اول عربية تقيم امسية شعرية وبعدي بأسبوع كانت امسية سعاد الصباح.
* النفس تهتز طربا للثناء والاشادة ويرقص الفرح في جنباتها,, فمتى تلقيت اول اشادة وممن؟
- بلاشك محبة الناس كان لها الاثر الكبير في دفعي الى عالم من الابداع والانتاج واجمل ثناء سمعته من الجمهور في الكويت قالوا احببنا سلطانة الانسانة.
* وعلى النقيض هناك النقد,, قد يرفع مبدعا ويحط آخر,, ولا يخفى تأثيره على مسيرة كبار المبدعين سلبا وايجابا فمتى تلقيت مثل هذا النقد ومتى؟
- بالمعنى العلمي لا اتذكر نقدا معينا وانما هي شذرات تأتي هنا وهناك فالصادق منها استفيد منه واتعلم واما المزيف فإنه لا يمكث في الارض لانه كالزبد لا ينفع الناس.
أذكر في مذبحة (صبرا وشاتيلا) تأثرت جدا لما حدث وكتبت شعرا على لسان امرأة فلسطينية شعبية بعنوان (انا تحت الشتاء والبرد في خيمة وحدي منصوبة) وقلتها في الكويت عام 82م وتأثر الجمهور حتى البكاء وطلبوا مني اذاعتها في التلفزيون بعرض مناظر من المذبحة والقائها شعرا بصوتي واخذت شريط الامسية فطلبته مني صديقتي الدكتورة مي العيسى لتشاهده فلما كلمتها ردت علي ابنتها الصغيرة مستفسرة عن المتصلة فقلت لها انا خالة سلطانة السديري فقالت: انت اللي يقول ابوي ان شعرك ما يعجبه انحرجت زميلتي مي واعتذرت واعتذر زوجها سليمان العيسى ولكني قلت ابدا زمالتي وصداقتي لك قبل ان تعرفي بأني شاعرة فلكل انسان ميزاته الخاصة ولكل انسان محبوه وانا اشكر كل من يوجه نقده البناء الى قصيدتي بعيدا عن المجاملة او حتى عن التجريح الشخصي.
* جريدة الجزيرة او منبرك الاثير,, متى بدأت الكتابة الدورية او زاوية تمارسين بها جر الحبر بالورق؟
- لا اذكر التاريخ بالتحديد ولكن في حدود عشرين سنة احس بأنها بيتي الثاني.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
الركن الخامس
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved