وفي اطار مناقشة الحلول المطروحة لحل مشكلة الفقر تطرح العديد من الحلول من حين لآخر، ومن أبرزها اسقاط الديون عن الدول الفقيرة وذلك لأن الديون تقتطع سنويا نسبة عالية من دخول هذه الدول ومن عوائد الصادرات وقد بلغت نسبة خدمة الديون الى قيمة الصادرات في عام 1997م في اندونيسيا 26,8% وفي ماليزيا 6,1% وفي كوريا 5,2% وفي نيجيريا 53,1% وهذا يعني في حالة اندونيسيا مثلا ان 26,8% من حصيلة الصادرات في عام 1997م قد ذهبت لسداد اقساط الديون المستحقة ولا شك ان الديون العالية وكذا اقساطها تحرم المجتمع من التوسع في الاستثمارات الجديدة وتحد من قدرته على الارتقاء بمستويات معيشة افراده, ليس هذا فحسب بل قد تضطر الدول الفقيرة الى اللجوء الى احتياطياتها من العملة الصعبة والذهب للوفاء بأقساط ديونها وربما تعمد الى التوسع في الاصدار النقدي لمعالجة عجز الميزانية ولسداد التزاماتها المالية الداخلية,, الأمر الذي يعني تدهور سعر صرف العملة المحلية وارتفاع الاسعار وتجذر الفقر وتوابعه.
وكحل لمشاكل الدول الفقيرة يرى البعض ان على صندوق النقد بيع جزء مما لديه من الذهب لتوفير السيولة اللازمة لمساعدة هذه الدول, وهذه النظرة يفترض ان يسبقها تقييم لعمل صندوق النقد والآلية التي يتبعها لحل مشاكل الدول النامية فالكثيرون يرون ان مشاكل الدول النامية تتفاقم مع تدخل صندوق النقد وان عدد الفقراء ودرجة استفحال الفقر في العالم نتيجة لعدة اسباب منها السياسات الخاطئة لصندوق النقد التي يلزم بها الدول النامية المدينة, فصندوق النقد يطالب الدول المدينة بالغاء الدعم ورفع اسعار السلع والخدمات التي توفرها الحكومات لافرادها وذلك لحل مشكلة عجز ميزانيات هذه الحكومات, ومثل هذه السياسة تعني رفع اسعار كثير من السلع والخدمات الضرورية وبالتالي انخفاض الدخول الحقيقية وتدني مستويات المعيشة لقطاع كبير من افراد المجتمع,, ولذا فإن تخلي صندوق النقد عن جزء من احتياطات من الذهب وتوفير السيولة له التي تمكنه من مساعدة الدول النامية مع الابقاء على نفس السياسات القديمة لن يعني الكثير بالنسبة للفقراء في العالم بل ان هذا الامر هو مجرد مساعدة للصندوق ليتغلب على مشكلة نقص السيولة التي يعاني منها.
وكما ان للمشاكل التي تعاني منها المجتمعات أسبابا مادية فإن لها أسبابا اخرى، وعليه فإنه للوصول الى حل ناجع لا بد من التعامل مع الاسباب المادية وغير المادية والا فسيظل الحل قاصرا,, وفي هذا الجانب فإن من اهم الاسباب المؤدية الى نشوء العديد من المشاكل الاقتصادية وغيرها عدم الالتزام بقوانين الله التي وضعها ليسير الناس على هداها والتي لم توضع عبثا ويصبح مخالفها مستحقا للعقوبة الدنيوية والاخروية, وفي هذا الجانب فإن تفشي الربا والتعامل به بل وتصور بعض من يرون أنفسهم مسلمين بأنه حلال وأن تحريمه كان في العصور القديمة اما الآن وقد تعقدت القضايا الاقتصادية والمالية فلا يتصور قيام مبادلات وتعاملات مالية واقتصادية بدونه, والربا او الفوائد المصرفية احد اسباب محق بركة المال وهكذا بالنسبة للمتعاملين بالربا يقول تعالى: يمحق الله الربا ويربي الصدقات ولا يقتصر الأمر على محق البركة من المال بل ان الله تعالى توعد المقيمين على التعامل بالربا بالحرب يقول تعالى فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله أي إن لم تتركوا التعامل بالربا فأيقنوا بحرب من الله ورسوله,, ولا شك ان هناك أسبابا غير التعامل بالربا مثل منع الزكاة وعدم إعطائها لمستحقيها وأكل اموال الناس بالباطل.
* قسم الاقتصاد الاسلامي - جامعة الإمام محمد بن سعود