Thursday 25th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 8 ذو الحجة


بدون ضجيج
جارالله الحميد
الصحافة وما (بعد الصحافة)!

يجب ان نعترف ان الجهد (المهني) الشخصي للمحررين في صحافتنا على كافة (اختصاصاتهم!) هو (الغائب) الأكبر في ممارستنا للصحافة, فالصحفي من هؤلاء يولد وفي فمه (قلم) من ذهب!, ليس شرطاً ان يكون من هواة الصحافة ولكنه من هواة (ما بعد الصحافة!) وهي اشياء نعرفها ولكننا نتجاهلها.
ونغض الطرف عنها من منطلق (ليس بالامكان,,), هناك محررون لا يعرفون مبادىء الكتابة, ولا الخطوط العريضة لهذه المهنة, ولا يجيدون صياغة خبر في المحليات مثلاً, وفيما اذا كانوا سعداء الحظ وانضموا للقسم الرياضي فانهم يكتبون بلغة الراقصين في المدرجات بدون ان يحملوا ضمائرهم ادنى قدر من المسؤولية, وفي صفحات الفن لا يعرف اي صحفي (سعودي) غير: هل محمد عبده فنان العرب؟ وهل (احلام) طقاقة؟ وهل عصفور الفن مديح ام تجريح للفنان عبد المجيد عبد الله؟!, وما زال هذا الصنف من الصحفيين يمارس اسلوب الاثارة (بطريقته السيئة) مع ان الاثارة المصاغة بشكل جميل حتى! لم تعد لغة صحافة العصر, واما في الثقافة فالمجال مفتوح اكثر من سواه لحاملي الموهبة والركيكين, فبمجرد ان تُنشر قطعة من بيانه على انها قصة اما على سبيل المجاملة او لقلة الموهوبين او (تُبروز) له عدة سطور على انها قصيدة نثر, حتى يصبح قد امتلك المفتاح السحري لدخول عالم الصحافة الادبية! وصار يمنح ويمنع ويصحح ل(خلق الله) ويفتعل معارك مجانية حتى ولو مع اسماء مستعارة, ليبرز مواهبه, ويكسب ثقة الجريدة ويصبح مع مرور الزمن احد الذين يتوارثهم رؤساء التحرير ويخجل كل رئيس جديد من ان يكون هو البادىء في (قطع رزق هالمسكين!),, لهذا الحد, والله!.
العلاقات العامة بالادارات الحكومية (لأن اغلب القائمين عليها ليسوا ببعيد عن اصحابنا) تبث عبر جهاز (الفاكس) اخباراً عن نفسها ولو كانت اخبارا لا تهم القارىء فيستلم صحفي المرحلة ورقة الفاكس, ويكتب اسمه فوق الخبر ويقوم باعادة بثه في جريدته, لا يعدل، ولا يبدل!! ففاقد الشيء لا يمنحه, ولا يشعر ايضاً بفقدانه!
وفي مجتمعنا ينظر للصحفي نظرة ملتبسة, فهو تارة يمارس مهنة خطيرة في نظر الذين يستسلمون لفكرة (مضادة) مؤادها ان هناك ممنوعات كثيرة على الصحفي وقد يقع في مطب! وهي فكرة قام ويقوم بنشرها وتغذيتها كارهو الوطن الذين لا يسرهم بأية حال تفاعل المسؤولين الكبار مع طروحات الصحافة الناضجة,, وتارة يحسدونهم على الشهرة والتليفونات! وتيسير امور المعاملات! وحضور كل الرسميات والترشيح في كل اللجان, وسرعة الحصول على درجة موظف ب(العلاقات)! وهات,, هات!.
في فترة التأسيس لصحافتنا كان لا بد من وجود نماذج شبيهة، ولكن كان هناك ايضا شباب عشقوا العمل الصحفي وتفانوا في خدمته, وكانوا يسهرون الليالي في قبو (المطابع) مع (الصفيفة) وتتلوث ايديهم وثيابهم بالحبر, ولم يكن جهاز الفاكس قد اخترع بعد لذا كان يلزمهم حضور المناسبات المهمة حتى بدون آلة تسجيل, ليحصلوا على تقرير صحفي, وكتابتهم تدل على انهم كتاب لا اشباها لا تعرف لها وجهاً من قفا!.
اما الآن فان من واجب صحفنا ألّا تكلف بمهمة الصحفي الا من تلمس فيه القدرة والرغبة وروح المغامرة وحب التجديد كما ان عليها ان تبعث هؤلاء في دورات صحفية الى الدول العربية ذات الصحافة العريقة والمزدهرة ليتعلموا كيف يفتتن الصحفيون الحقيقيون بمهنتهم التي مهما بدت شاقة ومتعبة وتكلف كثيراً من الاتعاب,, الا انها لذيذة ومفعمة بالمتعة.
والا بقي هؤلاء الصحفيون الصغار جداً يتلقون الفاكسات ويحملون الجوالات!.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
الركن الخامس
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved