عزيزتي الجزيرة
الانسان بطبيعته يتأثر بأي موقف يواجهه,, او يعيشه,, او احيانا يتأثر بمواقف الغير,, ولكن تأثره بمواقف الغير يختلف على حسب طريقة استقباله لها,, فالذي يرى اشد تأثرا من الذي يسمع من الذي تذكر له المصيبة ذكراً.
ومن المصائب التي عادة ما نسمع عنها ونتأثر بها وقتيا ثم ننساها,, مرض الايدز,, المرض العضال الذي عندما يذكر أمامنا,, فقط نحمد الله على العافية ونسأله ان يلهم اخواننا المرضى الصبر وان يفرجها عليهم باكتشاف اي شيء يخفف عليهم معاناتهم,, ثم ماذا بعد ذلك ننسى ما سمعنا,,! ولكن من يدخل المستشفيات يرى العجب ويقول لماذا لا يتعظ الاخرون,, ولماذا يأتي مرضى يحملون هذا الفيروس بين الحين والآخر,,؟ انه نتيجة للحظة ضعف امام شهوة جنسية عابرة فيتحمل آهات وويلات فعلته ويدفع الثمن غاليا جدا,, أيضا هناك مرضى اخذوا المرض بدون ذنب وذلك بأخذ دم يحمل هذا الفيروس اللعين.
وقد حدث لي موقف عجيب هو عظة عظيمة تدعو إلى التأمل,, لقد كنت في احد المستشفيات قبل ايام لارى بعض المرضى المحجوزين ودخلت على احدهم فأخذت أتبادل معه الحديث لآخذ منه تاريخ مرضه,, وما إن دخلنا في موضوع كيف انتقل إليه المرض حتى بدأ بالبكاء,, وقال لي وكله ألم,, لا تظن انني من ضحايا السفر إلى الخارج او المخدرات بل ان المرض جاءني هنا في مكاني,, فقلت له كيف وكما تعلم ان اكثر مرضى الايدز يأتيهم المرض عن طريق الاتصال الجنسي المحرم,, فقال لقد حدث لي حادث سيارة ونتج عنه نزيف شديد,, ونقلت الى احد المستشفيات الخاصة واحتجت إلى نقل دم,, فنقل لي دم,, وخرجت من المستشفى بدون اي مشاكل,, وبعد سنة من هذه الحادثة ذهبت إلى المستشفى لعمل بعض الفحوصات الروتينية,, فإذا بالنتائج توضح نهايتي بوجود هذا الفيروس في دمي,, كيف ومن أين ولماذا؟!,, اسئلة لم اجد لها اجابات,, فورا استدعيت زوجتي وأجريت لها الفحوصات,, وظهرت النتيجة القاتلة بوجود هذا الفيروس في دمها وانه انتقل عن طريقي,, هنا لم يتمالك نفسه فبكى المسكين بكاءً شديداً, ثم قال ما ذنبي ما ذنب زوجتي وما ذنب اولادي,, انني اصارع الموت من جهة وزوجتي تصارعه من جهة اخرى,, لقد اقمت دعوى على هذا المستشفى وتم اغلاقه ولكن ما الفائدة وماذا جنيت غير الموت المحقق انا وزوجتي المسكينة,, ولو اني فعلت الفاحشة واصابني المرض لكان اهون عليّ ولقلت: يداي وما جنتا,, ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله.
لقد نظرت إلى هذا المريض المسكين الذي تحمل خطيئة غيره ودفع الثمن غاليا وزج بنفسه وزوجته الى الموت دون ان يدري,, ثم تأملت وقلت في نفسي يا ترى هل هذا هوالوحيد ام يوجد غيره؟!,, واعتقد ان هذا الضحية واحد من عشرات الضحايا,, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو اين تكمن المشكلة؟,, هل هي في قصور وسائل الاعلام ام بتوعية المجتمع ام بالتعليم ام بعدم زرع الخوف في قلوب الشباب من هذا المرض ام هل هو استهتار من العاملين بالمستشفيات؟!!
والحقيقة نحن نستطيع ان نقول نعم لجميع الاسئلة,, لان المشكلة ليست متركزة على عمليات نقل الدم فحسب,, كما حدث لهذا المريض,, بل انها تشمل وبشكل اوسع عمليات الاتصال الجنسي غير المشروع وهو سبب مباشر وقوي لان نقل الدم يخضع لتحاليل دقيقة عن الايدز قبل نقله الى المرضى,, والذي حدث لهذا المريض قد يكون غلطة,, فلذلك فإن الاتصال الجنسي هو السبب الرئيسي في المشكلة ويجب اخذه بالاعتبار,, لذا فإن من الضرورة توعية الشباب المسافرين إلى الخارج بخطورة هذا المرض وانه حقيقة تؤدي إلى الموت والتوعية تكون بأي وسيلة كانت كالنشرات والكتيبات مثلا,, او عمل المحاضرات او عرض افلام توضيحية تبين حجم المشكلة واسبابها وعمل مقابلات مع مرضى الايدز لتجسيد المشكلة ورؤيتها حية وعن قرب وتوضح طرق انتقاله ومضاعفاته,, وانه لا عدو له سوى العفة وتقوى الله.
انني لم ات بشيء جديد ولكن ارجو ان اكون قد صورت معاناة هذا المريض,, ليدرك الشباب مدى خطورة هذا المرض الذي سيحول جسد كل واحد يتعدى الخط الاحمر إلى مرتع ومتنزه للميكروبات هذا فضلا عن نظرة المجتمع الحارقة له ولاولاده,, ثم نهاية مريرة مع الموت,.
عبدالعزيز النخيلان
طالب في كلية الطب
جامعة الملك عبدالعزيز بجدة