كبسولات احمد ربك,, عيدك عاد! عبدالله العتيبي |
كأس الاتحاد,, كأس الدوري,, كأس ولي العهد,, مشاركات محلية,, خليجية,, عربية,, آسيوية,, متابعات اخرى للمنافسات المختلفة,, داخلية، وخارجية,, حتى رانت عند البعض روح المنافسات على القلوب، وتلبستها، واصبح المنتسب للوسط الرياضي منهم في دوامة رياضية,, لاينظر للاشياء الا بعيون ملونة,, تطغى على تقديراته، وآرائه، وحياته,,روح المنافسة، وبقايا مواجهاتها مع الآخرين,, الى ان يتحول الى مجرد كتلة من الاعصاب المتوترة تتحرك!,.
فكم في الطريق الى الملاعب الرياضية، او على مقاعدها ومدرجاتها، اوفي طريق العودة منها، او في مجالسنا، او في منتدياتنا الرياضية والشبابية ارتكبنا من الاخطاء المتبادلة او الفردية ما خف وزنه وثقلت تبعته؟!,, وكم منها ما افقدنا اخوة واصدقاء ومعارف كانوا قيمة لنا في رصيد علاقاتنا الإنسانية الطيبة؟!,, أليست هذه المنافسات، وما يكتنف مسالك الحياة من امثالها,, ضرب من الصغائر العابرة,, تمر وتتكرر كل عام او كل يوم,, فكيف نسمح لها بان تكون كبائر نتساقط بسببها؟!.
في خضم هذا الطغيان الجارف لروح التنافس المتوقدة، يتعمق البون الشاسع بين فوضى التشجيع الرياضي المشحون، وبين قيمة الحياة بأمل التوازن والاستقرار النفسي وسواء السبيل في العلاقات مع الآخرين,, حتى تشتد حاجة هذا الإنسان لمحطة اخرى تعيد ترتيب حياته النفسية، وتعيد طمأنينة النفس الى افيائها الداخلية,, ليتمكن من استبصار واقعه، واستشراف مستقبله، وتصحيح مساراته,.
فها هو ذا العيد علىمشارف المدينة، هاهو يحلق على ارتفاع منخفض,, ينشر اجنحته,, يضيء آفاق اللقاءات الحميمة الموعودة، ويبشر بتجلية النفوس من عوالق ايامها الماضية وقد اصابها ما اصابها في الممرات الخلفية المعقدة في هذا الحي الكبير!,, فهل كل الناس قادرون على فتح ابواب قلوبهم للاغتسال تحت غيمة الغيث السماوي الجميلة القادمة من بلاد الافراح؟.
من كان بوسعة ان يفعل,, فقد تخفف من احماله النفسية المرهقة,, فقد اثقلت في المسير كاهل النفس، وأعيتها، وشددت الخناق عليها,, أما إن لم يكن ذلك بوسع نفس ما,, فإنه للأسف فرصة ثمينة اخرى ضائعة في (دربكتها)الحياتية!.
كثيرة هي النفوس التي تحتشد على ابواب هذه المناسبة كل عام,, لتضع عنها اصرها وما اخذ بخناقها من اغلال الحياة!، وكثيرة هي النفوس التي تلتمس في مثل هذه المناسبة املاً عظيماً للانعتاق من جاذبية الاشياء من حولها,, فهل تراها تفرط في مناسبة العيد وقد رزقت بلوغها؟!,, الذين فتحوا صدورهم وقلوبهم، وزكت نفوسهم وسمت فوق عوالقها,, هم اسعدنا بالحياة,, اما من حصروا انفسهم في دوائر ضيقة هنا او هناك ,, فقد اتعبوها، وتعبوا بها!,.
أيها المتنافسون,, هذه فرصة ربانية لكسب نقاط غالية في سباق المنافسات الباقية,, تلك السباقات نحو الخير,, نحو آفاق الحياة الباسمة,, بين سعادة الدنيا، وسعادة الآخرة,, فالتائب كمن لاذنب له,, فهل تصفو القلوب من شحنائها؟، وتسعد ببهائها الممكن؟,,, وتستكشف بهجة العيد في عيون الصغار الابرياء، والكبار الاتقياء؟!,.
غداً,,, هو خير يوم طلعت عليه الشمس، وهو يوم الجمعة!,.
وغداً لمن له علاقة اتصال بخالقه ان يحظى بواحدة من اثمن فرص المناجاة والسؤال!,,, فالسائل مسافر أضنته المسافات، والمسؤول قادر كريم,, يعطي ولايسأل,, يأتيك بقراب الارض مغفرة ولا يبالي على ماكان منك ايها الضعيف المترنح في ارجاء حياتك ذنوباً وخطايا!!,, ويوم غد تحديداً فرصة موسمية لاتتكرر,, اذ ان (خير الدعاء دعاء يوم عرفة),, فلمن اراد من خير الدنيا والآخرة شيئاً لايقدر عليه الا الله,, فليهيىء نفسه ليوم غد!.
ومن عجب,, أن يجد اجير من الاجر مثل اجر العمل في يوم غد,, فصيام يوم غد (يوم عرفة) يكفر اخطاء سنتين!,,لماذا؟,, هذا فضل ربك,, لعلمه بحال عباده الضعفاء المقصرين، وهذه حكمته في خلقه,, فالانسان خطاء,, لكن خير الخطائين التوابون!,, ويوم غد فرصة مهيأة لمن مكنه الله فعاشها ان يردم الهوة التي تركها في سنته الماضية، وان يضع جسراً للنجاة يرتفع به فوق مخاطر عبور سنته المقبلة!.
يقول صلى الله عليه وسلم :(خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ماقلت انا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لاشريك له,, له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) الاحاديث الصحيحة 4503.
وفي آخر مباهج يوم غد,, ليلة العيد,, إطلالة على يوم الحج الاكبر,, يوم عيد الاضحى,, يوم النحر,, حيث تتدفق قوافل الحجيج من مزدلفة الى منى وقد شهدوا عرفة، وانطلقوا في امن وامان لإتمام اعمال فريضة الحج في هذه الظروف الميسرة من الله ثم من اهل هذه الارض الكريمة المعطاءة,, ملكاً وحكومة وشعباً جزاهم الله من الخير من كرمه وجوده ورحمته.
ويوم بعد غد السبت,, يحتفل المسلمون في مشارق الارض ومغاربها بهذا العيد ليجدد في نفوسهم مشاعر لاتتوحد في صدور امة من الناس كما هي في صدور المسلمين!,, على امل متجدد بعز يعز به الله هذه الامة، وينشر خير هذه الدعوة المباركة في ارجاء الارض ليستبدل الناس الذي هو خير بالذي هو ادنى,, فتحقن دماء البشر، ويتجاوز الناس في نفوسهم سلطة الظلم والجور والإفساد في الارض,, ليعمها القسط والعدل المنتظر لخير الإنسان أينما كان,, والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لايعلمون .
لن يسعد بالحياة من تعذر عليه السمو، والارتفاع على صغائرها ونقائصها ومنافساتها، ولن يهنأ بأعيادها الا من صفت نفسه، وطهرت، وزكت، وكسب اجر ابتسامته في وجه أخيه كائناً من كان,, والا فإن مدارات الحياة لا تنتهي الا بالرحيل!,, فلنجعل ايامنا اعياداً بهذه النفوس الطيبة ايها الأحبة الطيبون,, وكل عام وانتم بخير.
|
|
|