بعد حين,, حين نستعيد الحقبة التاريخية للعقد الأخير من القرن العشرين لابد ان يحتل شخصان مكانا بارزا ليس بين الاشخاص الذين استحقوا التكريم لما قدماه من منافع للبشرية بل ضمن اطر الأسوأ لما جلباه من اضرار ومآسٍ للبشرية, أحدهما من الشرق والآخر من الغرب,, الاول من آسيا والثاني من اوروبا، وإذا كان السجل الاسود لصانعي المآسي للبشرية قد ثبت هتلر وستالين في النصف الاول من القرن العشرين فإن النصف الأخير من هذا القرن قد حجز هذه المكانة لصدام حسين وسلوبودان ميلو سفيتش، والأربعة يجمعهم رابط واحد هو الاستهانة بالبشرية جمعاء، فلا قيمة عندهم للانسان,, أيا كان هذا الانسان؟!,.
مثلما كان هتلر وستالين لا يباليان بارتفاع ارقام الضحايا في البلدان التي يشنان العدوان عليها، او من مواطني بلديهما الذين ابتلوا بقيادتيهما حيث أدت الحرب العالمية الثانية التي اشعلها هتلر إلى سقوط ملايين الضحايا من الدول التي اعتدى عليها ومن الالمان الذين كانوا وقود عدوانيته وكذلك ستالين، حيث ابتليت شعوب أوروبا الشرقية بالنزوة التسلطية والعدوانية لستالين كما عانت الشعوب السوفياتية من حكم ستالين وذهب جراء ذلك ملايين الضحايا,, مثلما كان هتلر وستالين تتجسد أمامنا في هذا العقد - العقد الاخير من القرن العشرين - صورة الشر في صدام حسين في الشرق وميلوسفيتش في الغرب، وكما عانت الدول المجاورة للعراق وبالذات إيران والكويت من عدوانية صدام حسين عانى العراقيون مثلهم, وبمقدار ما فقد الكويتيون والايرانيون من ضحايا فقد العراقيون,, وربما أكثر, والصورة تتكرر في يوغوسلافيا وبجمهورياتها المتعددة,, فالشرير الآخر ميلوسفيتش بدأ جرائمه في البوسنة والهرسك، وها هو ،يواصل جرائمه في كوسوفو فمنذ اشهر وجنوده يفتكون بالأبرياء العزل من ألبان كوسوفو، ولما لم يستجب إلى نداءات وتحذيرات المجتمع الدولي، سلط الله على بلاده تسع عشرة دولة هي مجموعة اعضاء الحلف الاطلسي الذين حتما سيؤذون الشعب الصربي الذي رغم ما يحمله بعض افراده من حقد وعدوان على المسلمين الألبان والبوسنيين إلا ان هناك نسبة كبيرة منهم لا دخل لهم بسياسة ميلوسفيتش والمتطرفين الصرب، وهؤلاء لابد انهم سيتضررون من سياسته التي جلبت لهم صواريخ وطائرات الحلف الاطلسي مما سيتسبب في سقوط ضحايا سيضافون إلى قائمة ضحايا شرير الصرب الذي لايختلف في نظرته إلى ما يسببه من ازهاق للارواح- حتى وان كانوا من ابناء شعبه- لأن ميلوسفيتش وصدام مثلهما مثل هتلر وستالين يعتبران الشعوب ارقاماً لايهم ان تقل او تزيد.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser @ Al-jazirah.com