* كتب - مندوب الجزيرة
رغم كل التسهيلات لابد ان يحمل الحج بعض المشاق والمصاعب الصحية، وهذا ماحدا بنا لإجراء هذا اللقاء مع الدكتور عبدالمطلب بن احمد السح الاستشاري في مستشفى الحمادي بالرياض، وعضو الجمعية الطبية الامريكية.
* بدأنا السؤال حول الاستعداد للحج من الناحية الصحية؟
- يستعد المسلم للحج بروحه وعقله قبل كل شيء ومن ثم يحاول تهيئة السبل التي تيسر له اداء الفريضة، وما يهمنا هنا الاستعداد الجسدي، فالسليم المعافى يحزم أمتعته ويتوكل على الله، اما الذي يعاني من اي مرض حاد او مزمن فعليه مراجعة طبيبه لإجراء التقييم اللازم وتلقي العلاج المناسب.
* هل يشترط اجراء فحوص معينة قبل الحج؟
- لايوجد شيء خاص بالحج ، ولكن الامر يتوقف على حالة كل حاج، والقرار يتبع الطبيب المشرف.
* ما هي اللقاحات اللازم تلقيها قبل الحج؟
- لقد اقترن موسم الحج بلقاح الحمى الشوكية الذي ينبغي تلقيه، وهناك لقاحات تلزم في بعض الحالات الخاصة، فالمسنون مثلا والذين يعانون من آفات قلبية او رئوية او علل مزمنة عليهم تلقي لقاح الانفلونزا خصوصا وان الحج اصبح يقترب من الاشهر الباردة في السنة، وكذلك بعض الاشخاص مثل الذين لديهم تكسر بالكريات من نوع فقر الدم المنجلي او الذين أجري لهم استئصال طحال عليهم تلقي لقاح الرئويات، اما الاطفال فيجب ان يكونوا خاضعين لبرنامج اللقاحات الروتينية، وهناك تعديلات بالاجراءات الوقائية قد تختلف من سنة لاخرى ، وكذلك حسب بلد القدوم، وتقوم الجهات الصحية المختصة في المملكة بإصدار التعميم في ذلك حسب الضرورة حرصا على سلامة كل حجاج بيت الله الحرام.
* ذكرت لقاح الحمى الشوكية، فما هو هذا اللقاح؟
- هذا اللقاح هو للوقاية من الحمى الشوكية الناجمة عن النوعين (a.c) لجرثومة المكورة السحائية، هذان النوعان يؤديان لاصابة شديدة وخطيرة ومعدية حيث انها تحدث على شكل جائحات اللقاح هذا يعطى على شكل حقنة واحدة مقدارها (نصف مل)، ولا يعطى للذين يتحسسون من مركباته او لديهم حمى، كما انه لا يعطى للحوامل الا اذا كان من المحتمل تعرضهن لخطر محقق، اللقاء يمنح مناعة كافية في أكثر من (90%) من الملقحين وذلك خلال اسبوعين لثلاثة من تلقيه ومناعته تدوم حتى (5) سنوات عند الذين تجاوز عمرهم الخمس سنوات، واقل من ذلك عند الاطفال الاصغر سنا، ألم اللقاح بسيط واختلاطاته خفيفة جدا ولاتكاد تذكر.
* متى تنصح بتلقي اللقاح؟
- قبل السفر بأسبوعين او اكثر ، وذلك لتحقيق الفائدة المرجوة.
* ماهي الأمراض التي قد تكثر خلال الحج؟
- في الحج يمكن ان يحدث اي مرض، ومن أكثر الامراض التي تحدث التهاب البلعوم الذي هو عبارة عن التهاب في الحلق له اعراض عديدة من حمى وسعال وعطاس وشعور بتخريش في الحلق ووهن عام ونقص شهية وغير ذلك، وله مضاعفات ان اهمل علاجه,, من الامراض الشائعة ايضا التهاب المعدة والامعاء الذي يبدأ بتقيؤ (تطريش) ان كانت الاصابة اكثر في المعدة ، او باسهال ان كان المرض يشمل الامعاء اكثر ، كما قد يبدأ المرض بألم بطني او حمى، وقد تنقص الشهية للطعام، والاختلاط الاهم هو حدوث الجفاف - لاسمح الله -.
من الاصابات التي قد تحصل بشكل شائع ضربة الشمس التي تكثر اثناء موجات الحر، والاشخاص المسنون هم الاكثر عرضة لها، ويزداد الخطر بحالة البدانة والعجر الجسدي والداء القلبي وحين تلقي بعض الادوية، وتتميز الضربة بارتفاع حرارة الجسم (اكثر من 41 درجة مئوية) وبجفاف الجلد وسخونته وبتلونه بالقرمزي او بلون القش، وتحدث اضطرابات عصبية شديدة، ويتوقف التعرق، ويحدث صداع ودوار واضطرابات بالمشية واختلاجات وفقد وعي وسبات قد يستمر حتى 24 ساعة.
من الاصابات التي تحصل خلال الحج الاغماء وفقد الوعي، والاسباب متنوعة منها نقص السكر وضربات الشمس والاصابات العصبية والرضوض الرأسية.
كما يجب ألا ننسى الحمى الشوكية ذلك المرض الخطير والذي يتميز بحمى وتقيؤ وصداع وقد تحدث تشنجات واصابات عصبية مع اضطراب بالوعي، وقد يحصل سبات، ولكن عدد الاصابات قليل جدا - والحمد لله .
ومن الاصابات لدغات العقارب وعضات الافاعي والرضوض والجروح والكسور والحروق، كما قد تحدث حالات سقوط ودهس.
* كيف تتم الوقاية من تلك الأمراض والحالات؟
- على الحاج تلقي اللقاحات اللازمة، وهناك ظاهرة صحية اصحبنا نلاحظها في الحج - ولو على خجل - الا وهي وضع قناع خفيف على الفم والانف، وهذا الاجراء بسيط ولكنه كبير الاهمية، حيث ان السليم يحمي نفسه وغيره، وكذلك فإن استخدام الأدوات التي تستعمل لمرةواحدة امر مهم، إن على المصاب ان يستر فمه اثناء العطاس والسعال بمنديل، كما يجب تجنب تغيرات الجو الشديدة وتجنب الجلوس بمواجهة المكيفات، وتجنب السوائل الباردة جدا، واتباع اساليب النظافة واستعمال المراحيض والحرص على نظافتها والابتعاد عن التعرض للحر الشديد ما أمكن، علما أنه من الجائز شرعا ان يستظل المسلم خلال الحج بالشجرة والخيمة والبيت والمحمل والمظلة الشمسية شرط ألا يمس شيء من ذلك رأسه ووجهه، وعليه ان يبتعد عن كل ما من شأنه ان يشعل نارا سواء كان ذلك عود ثقاب أم سيجارة فالحج فرصة ممتازة للتخلص من عادة التدخين الرديئة، كما ان الخيام المضادة للحريق ستقدم فوائد جمة، ان المؤمن نظيف وعليه الحرص على ذلك وخصوصا في الحج حيث إن الأمر يعنيه ويعني اخوانه، وشرعا يباح للمحرم غسل الرأس واليدين لإزالة الأوساخ بشرط ألا يغتسل بما يقتل الهوام، فالصابون ونحوه من المنظفات جائز، وكذلك غسيل الأيدي قبل غسل الأيدي قبل وبعد الطعام ايضا لا ننسى ان الوضوء هو نظافة مثلى بحد ذاته، وبعد التحلل من الاحرام يقوم الحاج بالاغتسال والاستحمام وازالة الشعر.
بالنسبة للتغذية على الحاج تجنب الاهمال في تحضير واعداد الطعام وعليه ألا يتناول كل ما يشك بنظافته وصلاحيته، وعليه الابتعاد عن التحضير الفردي للأطعمة وتجنب الاغذية صعبة التحضير أو التي تحتوي على توابل وبهارات واضافات عديدة، وكذلك المآكل كثيرة الدسم والمآكل المؤدية للتخمة وخير الطعام أبسطه وأنفعه، وفي هذا المجال تأتي الفاكهة والثمار خصوصا التمر وكذلك الخضار في المقام الأول، ويتبعها باقي الاطعمة مع الحرص على تطبيق قول النبي صلى الله عليه وسلم نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع أما الشراب فخيره الماء وخير ماء على وجه الارض ماء زمزم ففيه طعام من الطعم وشفاء من السقم كما يقول خير الأنام صلى الله عليه وسلم، وباقي السوائل نافعة -بإذن الله- كالعصير واللبن والحليب وغير ذلك، وكلما اقترب الانسان من الأغذية الطبيعية كان له افضل.
ان الحج موسم عبادة وليس تدافع وتزاحم وهذا يجب ان يعرفه كل حاج، في أوقات الزحام على الحاج ألا يحاول التقاط شيء سقط لأن ذلك قد يعرضه للدهس - لاسمح الله - كما انه عليه الالتزام بالطرق الخاصة الجسور المخصصة والابتعاد عن المغامرة والمخاطرة وركوب طرق وسلالم محفوفة بالمخاطر.
* وماذا عن الخدمة الطبية في الحج؟
- يفترض ان يكون في كل حملة طبيب او طبيب وطبيبة او اكثر حسب عدد الحجاج، وان يكون مع الحملة تجهيزات واداوات طبية، وادوية يقرره طبيب الحملة.
لقد قدمت حكومة خادم الحرمين الشريفين - يحفظها الله - كل المرافق الضرورية لخدمة زوار بيت الله الحرام ، وتتوافر في المراكز الطبية والمستشفيات كل احتياجات الحجاج الصحية وهناك استعداد دائم لمختلف الطوارىء.
* ما رأيك في البطاقات الصحية؟
- البطاقات الصحية اسلوب حضاري ، وانصح بها لكل حاج، ان الحاج السليم المعافى يمكن ان تضاف عبارة سليم على بطاقته الشخصية التي يعلقها على ثيابه او صدره، اما المريض او المعاق فينصح ان تكون له بطاقة اخرى توضح حالته والاجراءات الواجب القيام بها عند حدوث طارىء وكذلك تسجل عليها الادوية التي يتلقاها الحاج.
* ما رأيك بالحج برفقة الأطفال؟
- ينصح بعدم اصطحاب الاطفال الصغار للحج ما أمكن ذلك، واذا كانت الضرورة تحتم مرافقتهم فيجب ابعادهم عن الزحام اماكن الخطورة قدر الامكان وابقاؤهم مع امهاتهم حين الرمي، كذلك تقسيم المجموعة الى قسمين اثناء الطواف بحيث يبقى الاطفال مع مجموعة من الكبار، ايضا يجب الاهتمام بصحة الصغار وعلاجهم والاعتناء بتغذيتهم.
* وماذا حول النساء؟
- تنطبق على المرأة خلال الحج التعليمات التي ذكرناها سابقا، ويضاف الى ذلك ان المرأة اضعف جسديا من الرجل ولها ظروف فيزيولوجية خاصة كالحمل والارضاع وكل ذلك يستدعي تقديم الراحة ما امكن لها من اختيار الحملة المناسبة الى تطبيق كل الرخص المسموح بها خلال الحج، اما ما يتعلق بالحيض فالجواب الشافي موجود عند الفقهاء والعلماء.
* وبالنسبة للمرضى؟
- ان المرضى الذين يتمكنون من القيام بالحج قد تلزمهم بعض المعونة او بعض العناية والرعاية الخاصة، ويساهم بذلك المريض نفسه واخوته والنقطة الطبية في الحملة، ان على المريض عدم التسيب خلال الحج ويقول ان الحج ايام ويترك الحبل على الغارب، لا، لأن ذلك قد يدمر حياته - لا سمح الله - ان مريض ارتفاع الضغط الدموي الذي يتناول كميات هائلة من الملح خلال الحج قد يؤذي نفسه، ومريض السكر الذي يترك ادويته ويأكل ما اشتهت نفسه قد يقع ضحية فعله، وكذلك الامر بالنسبة للامراض الاخرى.
* وماذا حول المعاقين؟
- المعاقون فئة غالية على قلوبنا جميعا في كل الحالات والظروف فكيف بنا ونحن نرى بعضهم يقومون بتأدية فريضة الحج رغم اعاقتهم؟ علينا تقديم كل ما يمكن لمساعدتهم وتهيئة الظروف المثلى لهم يحدونا في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم من قاد أعمى أربعين خطوة وجبت له لجنة ، هناك كراسي خاصة للمعاقين، وهناك الطواف بالسرير المحول فوق الرؤوس وكل ذلك قدم الكثير من التسهيلات.