Monday 29th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأثنين 12 ذو الحجة


الجليس الصالح,, خير الدين والدنيا

عزيزتي الجزيرة,.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد,.
الانسان كائن اجتماعي بطبعه اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى ان يكون ميالا الى مجالسة الآخرين ومصاحبتهم والاجتماع بهم.
والجليس ذو اثر واضح على جليسه من ناحية الفكر والسلوك والمنهج، ومن هذا المنطلق وجب على الانسان ان يحسن اختيار جليسه لانه على اساس هذا الاختيار تتوقف سعادته الدنيوية والاخروية.
يقول الحق تبارك وتعالى (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا) الفرقان 27 - 29 .
فهذه الآيات تدل على ندم الظالم يوم القيامة وتأسفه على مصاحبته لصديق السوء المنحرف الذي كان سببا في انحرافه.
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم إنما الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير (1) فحامل المسك اما ان يحذيك واما ان تبتاع منه واما ان تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير اما ان يحرق ثيابك واما ان تجد منه ريحا خبيثة .
ونستفيد من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم بان الجليس له تأثير على جليسه سلبا او ايجابا بحسب صلاحه او فساده فالجليس الصالح كحامل المسك الذي تحصل لك من مجالسته فائدة من ثلاث: اما ان يهبك من هذا المسك ويهدي اليك واما ان تشتري منه واما على اقل تقدير ان تجد منه رائحة طيبة تؤثر في نفسك وبدنك وثيابك وكذلك الجليس الصالح لابد ان تستفيد منه.
اما الجليس السوء فهو كنافخ الكير الذي اما أن يحرق ثيابك نتيجة لتطاير الشرر عليها واما ان تجد منه رائحة كريهة تؤثر في نفسك وبدنك وثيابك وكذلك الجليس السوء لابد ان تتضرر بمجالسته ولذلك احرص - اخي المسلم - على اختيار الصديق والجليس الصالح اذا كنت ممن يرغبون في السعادة الدنيوية والاخروية لان الناس يختلفون فيما بينهم فمنهم من هو مفتاح للخير دال عليه ومنهم من هو مفتاح للشر جالب اليه وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ان من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وان من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه .
ولمجالسة الصالحين ثمرات كثيرة يجنيها من سعد بمجالستهم ومنها:
1- ان مجالس الصالحين تشمله بركة مجلسهم وان لم يكن عمله مساويا لعملهم ويدل على ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ان لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون اهل الذكر فاذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا : هلموا الى حاجتكم قال: فيحفونهم باجنحتهم الى السماء الدنيا فيسألهم ربهم عزوجل وهو اعلم بهم - ما يقول عبادي؟ قال: تقول يعني الملائكة يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك حتى قال في آخر الحديث قال فيقول الله فاشهدكم اني قد غفرت لهم قال فيقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم انما جاء الى حاجة قال فيقول هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم.
وفي لفظ فيقول: وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
2- ان مجالس الصالحين يعمل على الاقتداء بهم ويدل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل .
ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية الناس كأسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض .
ويقول عدي بن زيد
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
اذا كنت في قوم فصاحب خيارهم
ولا تصحب الاردى فتردى مع الردي
3- ان الجليس الصالح يبصر الانسان بعيوبه ومواطن الضعف فيه واذا تعرف الانسان على عيوبه سهل عليه علاجها.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: المؤمن مرآة المؤمن .
فلقد شبه صلى الله عليه وسلم المؤمن في كونه مُبصِّراً لاخيه بعيوبه بالمرآة التي يرى فيها الانسان عيوبه الظاهرة.
4- ان الجليس الصالح يكون حلقة وصل بينك وبين اشخاص آخرين من الصالحين تنتفع بهم كما انتفعت من قبل فتزداد بذلك خيرا على خيرك.
5- ان الجليس الصالح يكون سببا في امتناع جليسه عن المعصية لان الجلوس معه يستدعي التأدب والتخلي عن المعصية تقديرا لمكانته وهذا الانقطاع المؤقت عن المعاصي يسهل الانقطاع الدائم عنها باذن الله.
6- ان الجليس الصالح يرشد جليسه لامور من امور الخير ينفعه العلم بها فيرشده مثلا الى امور واجبة كان غافلا عنها وكذلك يرشده الى كثير من النوافل المفيدة او ينبهه الى محرمات كان واقعا فيها,,, الخ.
7- ان الجليس الصالح المكثر من العبادة والمتبحر في العلم حين تجالسه يحميك من العجب بنفسك وعملك وما قد يصاحب ذلك من الغرور يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لو لم تكونوا تذنبون لخفت عليكم ماهو اشد من ذلك العجب العجب هذا من ناحية ومن ناحية اخرى يكون دافعا لك لمنافسته على هذه الاعمال الطيبة.
8- ان الجليس الصالح يساعد جليسه على حفظ وقته والاستفادة منه على اتم وجه ولا يخفى على احد اهمية الوقت.
9- ان الجليس الصالح يحفظ جليسه في الحضرة والمغيب فلا يفشي له سرا ولا ينتهك له حرمة.
10- ان الجليس الصالح يذكر جليسه بالله سبحانه وتعالى ولو بمجرد رؤيته قال صلى الله عليه وسلم اولياء الله تعالى الذين اذا رأوا ذُكر الله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم: الا أنبئكم بخياركم؟ قالوا بلى يا رسول الله؟ قال خياركم الذين اذا رأوا ذُكر الله عزوجل .
11- ان الجليس الصالح خير انيس لجليسه في الرخاء وخير عدة له في البلاء يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه عليك باخوان الصدق فعش في اكنافهم فانهم زين في الرخاء وعدة في البلاء .
12- انك بمجالستك للصالحين تدخل في نطاق الذين لاخوف عليهم يوم القيامة ولاهم يحزنون, يقول تعالى: الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين, يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا انتم تحزنون 67 - 68 - الزخرف .
13- ان مجالس اهل الخير يهابها الشيطان سواء كان من شياطين الجن او من شياطين الانس بينما نجد هذه الشياطين تجد في مجالس الاشرار المرتع الخصب لها.
14- ان محبة الصالحين ومجالستهم سبب لمحبة الله, يقول صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى في الحديث القدسي وجبت محبتي للمتحابين فيّ والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ والمتباذلين فيّ .
15- ان مجالس الصالحين مجالس ذكر الله والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقعد قوم يذكرون الله - عزوجل - الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده .
كما ان المسلم بزيارته لهؤلاء الصحبة الاخيار يدخل في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا او زار اخاً له في الله ناداه مناد ان طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا .
وهكذا - اخي القارىء - كما تبين لنا فان الجليس الصالح منفعة لجليسه من كل الوجوه الدينية والدنيوية يقول الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن ان ماشيته نفعك وان شاورته نفعك وكل شيء من امره منفعة فاحرص - رعاك الله على مجالسة الصالحين وملازمتهم والاقتداء بهم لتحصل لك - بإذن الله - السعادة الدنيوية والاخروية.
فهد العتيبي
معيد بقسم التاريخ جامعة الامام - القصيم
(1) الكير - هو جلد غليظ ينفخ به النار.
* عبدالله الجعيثن - من تجالس.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
الركن الخامس
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved