أزف اليك أخي الحاج التهنئة بتمام الحج، لقد أديت شعائر حجك في معاناة لابد منها، وهي معاناة الزحام التي يفرضها تجمع اعداد كبيرة من البشر في مكان واحد، وفي ساعة واحدة، انه تجمع لا شبيه له في جميع أرجاء العالم، فالزحام لا مفر منه، أما تخفيفه ، والتقليل من ضرره ، فراجع الى وعي الحجاج أنفسهم، لقد بذلت الدولة كل ما تستطيع بذله من اجل منع الزحام، ولكن جهودها قد تصطدم بأعمال غير الواعين من الحجاج ، فرمي الجمار، والطواف، يحدث فيهما الازدحام منذ القدم الى الان وقد ينتج عن الزحام أضرار تنعكس على الحجاج أنفسهم، ولا سبيل الى درء تلك الاضرار الا بالوعي.
وتعاني نسبة كبيرة من الحجاج الغربة ، والبعد عن الاهل والوطن، ولكن تلك المعاناة خفت ولله الحمد مع تطور الاتصالات، فقد يسرت المملكة العربية السعودية اتصال الحاج بذويه في جميع بقاع الارض، وتلك جهود تشكر عليها الدولة، وعلى الحاج ان يتحدث بنعم الله عليه عندما يكلم اهله وهو في مكة و منى او عرفات، ومن الواجب عليه ايضا ان يتحدث بنعمة الله في تيسر سبل الحج في كل موقف يقفه, ان اجهزة الدولة في المملكة العربية السعودية تسخر لخدمة الحج وراحة الحجاج، فهذه الاعداد الكبيرة من البشر قد وفر لهم الماء، والسكن، والنقل، فلم تحدث ازمات طعام او ماء ، على امتداد السنوات الماضية، ومنها هذه السنة بسبب التهيئة المسبقة والاستعداد قبل وصول الحاج الى الاراضي المقدسة وبما ان الحرائق التي تحدث في الحج من اهم ما يشغل بال ولاة الامر، فقد استحدثت في هذا العام الخيام المقاومة للحريق، واسهمت في الوقاية من الحريق ولله الحمد، فالمسئولون في هذه البلاد يقدمون أمور الحج، وما يخدم الحجاج على غيرها، فكل مشكلة تحدث في موسم من المواسم تعالج بحكمة وروية، فاذا عثر على الحل المناسب اخذ طريقه الى خدمة حجاج بيت الله في اقرب موسم، والخيام المقاومة للحريق اكبر دليل على عزم ولاة الامر على معالجة امور الحج مهما كانت صعبة او مكلفة, وبالمتابعة المستمرة واستثمار الحلول المناسبة في المواسم السابقة تم حج هذا العام، ولله الحمد في حال جيدة, اما الزوبعة العراقية في أول الموسم فقد اعتاد المسؤولون في المملكة العربية السعودية على امثالها، وقد عالجها ولاة الامر في المملكة العربية السعودية بالحكمة والبذل, وقضايا استغلال الحج في مكاسب سياسية، او من اجل امور كيدية للمملكة العربية السعودية اصبحت واضحة للمسؤولين في المملكة ومع ذلك فهم يعالجونها بما تستحقه من معالجة، والاعلام العالمي في يومنا هذا لا تخفى عليه تلك القضايا التي تثار في موسم الحج، فهو يعطيها حقها من المعالجة المنصفة.
ان المتتبع لاهتمام ولي الامر في المملكة العربية السعودية بشؤون الحرمين، يقف وقفة تأمل في مسألة تنازل ولي الامر عن القابه واختيار خادم الحرمين الشريفين، وسوف يقوده تأمله الى قناعة تامة بان اختيار هذا اللقب له مغزى خاص وهو الاهتمام التام بأمر الحرمين عمارة وأمناً وخدمة حجاج، وقد نهض خادم الحرمين الشريفين بتلك الامور على احسن وجه، فقد تمت عمارة الحرمين في هيئة مشرفة، وتمتع الحجاج بالامن على انفسهم وممتلكاتهم، وقدمت لهم الخدمة التامة منذ وصولهم الى الاراضي المقدسة وحتى مغادرتهم، حفظ الله أرض الحرمين من كل سوء.
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل