بلادنا - بحمد الله - لم تواجه اشكالية تناقض الدين مع التطور او عدم توافق مطالب المادة مع حاجات الروح!.
الإشكالية لم تكن موجودة ولن تكون الا في عقول من يفهمون الاسلام فهماً قاصراً او متنافراً,,!
ومنذ وحد الملك عبد العزيز الجزيرة كانت هذه الاشكالية غير واردة في ذهنه وهو يبني الدولة بعد جهاد توحيدها.
وسوف استعرض هذه الرؤية الواضحة لدى الملك عبد العزيز من خلال اجابات رائعة له في حوار صحفي اجراه معه الكاتب الانجليزي دوم لاندو عام 1937م في الطريق بين مكة وجدة.
واقرءوا معي هذه الاسئلة التي وجهها هذا الكاتب والتي كشف فيها الملك عبد العزيز - رحمه الله - عن بعد نظره وفهمه العميق لتعاليم الاسلام والذي على اساسه كانت شرعية حكمه:
س: هل تجدون جلالتكم ان من الممكن الاستمرار باجراء معاملاتكم السياسية على اساس معتنقاتكم الدينية؟.
- ج: نعم انني لا اعتقد ان بامكان المرء ان يحكم دولة من دون اساس ديني، لقد التزمت بذلك طيلة حياتي، وهذا ما أرجوه - على الأقل - وسوف ابذل جهدي للاستمرار في هذا الالتزام مستقبلاً.
س: ولكن اليس هناك حالات كثيرة لا يمكن فيها التوفيق بين الاسلام والسياسة التي تقتضيها الظروف المتغيرة في زماننا الحاضر؟.
- ج: في كثير من الأحيان توجد لدى الأجانب فكرة خاطئة عن الاسلام، ان الاسلام ربما كان اكثر الأديان عملية، ان الاسلام يسمح لك بأن تدخل مبتكرات مثل السيارات او الراديو, (وهنا رفع الملك صوته، وتكوَّن لدي انطباع بأنه لم يكن يتكلم اليّ وحدي بل ايضا الى الذين كانوا يجلسون في مؤخرة الخيمة, ولم استطع تبين شخصيات اولئك الجالسين، وربما كانوا من أبناء الملك او الوزراء او علماء الدين، ولكن كان من الواضح انه يستغل المناسبة للحديث اليهم بصورة غير مباشرة).
واستطرد الملك قائلاً: ان الاسلام يعترف بكل شيء يؤدي الى تحسين ظروف الحياة طالما ان هذه التحسينات لا تؤدي الى القضاء على التعاليم الاساسية للرسول (صلى الله عليه وسلم) ان الاسلام يؤيد مثل هذه المبتكرات لأن الاسلام يعمل على تحسين حياتنا الجسدية والروحية في آن واحد.
(استخدم الملك هنا كلمة دينية وليس كلمة روحية ولكنني تعلمت بالتجربة المعنى المقصود).
س: وكيف تقومون جلالتكم بتحديث الحياة العربية على النمط الغربي دون اضعاف الروح الدينية في البلاد؟.
-ج: اننا لا نقبل من الغرب اي شيء غير المنافع المادية لحضارته، لا تنس ان الشرق لا يؤمن بالنواحي الروحية في الحضارة الغربية والشرق في الواقع لا يؤمن بأن هذه الحضارة تجسد اي قيم روحية على الاطلاق, وهكذا فاننا نكتفي بقبول تلك الاشياء الضرورية لتحسين حياتنا الخارجية, ويجب علينا بالطبع التزام الحرص من اجل حماية ثقافتنا كي لا تتأثر بالنفوذ الغربي, ان قبول السينما على سبيل المثال لا يعني قبول تلك الأفلام الضارة التي ينتجها الغرب، وسيتعين علينا الاقتصار على الافلام التعليمية والافلام التي تدعو حقيقة الى القيم الاخلاقية.
س: ما هي الوسائل التي تنوون استخدامها في الحفاظ على الروح الدينية للجيل الصاعد في المملكة العربية السعودية؟.
- عن طريق التعليم، ان ثقافتنا ومعرفتنا تقومان على اساس الاسلام، وعندما نقدم المعرفة للناس فإننا نملأهم ايضا بروح الدين.
(مجلة اليمامة - عدد 1473 - 19 جمادى الأولى 1418ه).
ان اجابات الملك عبد العزيز الواعية عن الاسلام، واستيعابه لمستجدات الحياة السياسية وأمور الدولة لا تحتاج الى تعليق او تهميش.
هكذا فهم المؤسس تعاليم الدين وبناء الدولة فكان هذا الوطن الراسخ عقيدة والشامح بناء والمتآخي جغرافية وانسانا.
زمن كالربيع
زمن كالربيع او هو احلى
ليت أيامه خلقن طوالا
هذا الشاعر الذي قال هذا البيت الأخَّاذ بمضمونه وغنائيته كان في منتهى الصدق!, فالايام الجميلة قليلة جداً,.
ولهذا فهو - شأن اي انسان آخر - يريد أن تطول,, ويرغب التمسك بلحظاتها حتى لا تغيب أو ترحل.
لكن الأيام الوِحشة - كما يقول المصريون - يود الانسان لو مرت مرور البرق، انها - كما يقول شاعر آخر -:
ويزحف اليوم دهراً ان طوى سأما !.
جعل الله كل ايامنا وايامكم سعيدة لتمر راكضة سريعة.
وأبعد عنا وعنكم الأيام التعيسة التي تكبس على القلب والجسد والوجدان,,!.
ممنوع استخدام الجوال
اعجبتني تلك الملاحظة الجوالية الجديدة التي جاءت مدونة في الدعوة التي تلقيتها من سمو الأمير خالد الفيصل رئيس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية لحضورحفل الجائزة.
وقد جاءت هذه الملاحظة بخط بارز: يرجى عدم استخدام البيجر والجوال داخل القاعة ,,!.
لم نعهد مثل هذه الملاحظة او هذا الرجاء الا بعد ان جاءت ازعاجات الجوال الذي اصبحت ازعاجاته تلاحقنا في مساجدنا ومستشفياتنا وقاعات احتفالاتنا,,!.
ولا أدري الى اي مدى سوف توصلنا معطيات المدنية الحديثة.

آخر السطور:
كل عام وأنتم يا قراء الجزيرة بخير وكل عربي ومسلم على هذه الارض .