قدر الله سبحانه وتعالى لهذا البلد الطيب أن جعل بيته الحرام ومسجد نبيه صلوات الله وسلامه عليه,, على هذه الأرض المباركة,.
وشرف جلت قدرته أهل هذا البلد الطيبين بخدمة حجاج بيته الحرام وزوار مسجد نبيه الأكرم عليه أفضل الصلوات والتسليم,, والقيام على راحتهم وتيسير أدائهم لمناسك الحج والعمرة والزيارة,.
ولقد أولت حكومة المملكة العربية السعودية أمور رعاية الحجاج كبير عنايتها وبالغ اهتمامها,, فرصدت في سبيل ذلك الأموال وكرست الامكانيات وجندت الرجال.
إن المتأمل الحصيف يدرك حجم ماتقدمه المملكة لراحة الحجيج ويلمس مدى اهتمامها برعاية الحجاج,.
فالدولة أنشأت وزارة متكاملة بهياكلها التنظيمية وقواها البشرية وميزانياتها المالية,, ضمن الهيكل التنظيمي العام للدولة,, وذلك بهدف الاضطلاع بمهام اعداد وتنفيذ البرامج المدروسة والخطط العملية الرامية إلى توفير أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام,, ليجسد ذلك مدى اهتمام الدولة بأمر الحج والحجاج.
ورغم ان مناسك الحج تؤدى خلال بضعة أيام,, إلا أن حكومة المملكة تنشئ سنوياً مدناً متكاملة في المشاعر المقدسة عرفات ومنى ومزدلفة توفر فيها كافة الخدمات والتسهيلات التي تمكن الحجاج من أداء مناسكهم في يسر وسهولة منذ أن تطأ أقدامهم أرض هذه البلادالطيبة وحتى يغادرونها بسلام عائدين غانمين إلى أوطانهم.
مدن متكاملة تنشئها الدولة لأيام معدودة خدمة للحجاج، توفر فيها كافة الخدمات من مياه ومجار وكهرباء ومستشفيات ومراكز صحية ومراكز اسعافية وخدمات بلدية وخدمات الاتصالات بأنواعها المختلفة,, ومراكز الأمن والدفاع المدني وخدمات السير والمرور والجوازات وخدمات النقل والمواصلات وخدمات اعلامية وتوعوية وجهود توفير الكميات الكافية من السلع والمواد الغذائية وجهود اعمال الجمارك في 25 منفذاً برياً وبحرياً وجوياً.
فهل يعلم الحجاج ان هذه المدن تنشأ من أجلهم فقط ولأيام معدودة,, تستنفر الدولة خلالها كل جهودها وتكثف الإدارات الحكومية المختلفة كافة امكانياتها لهذا الغرض,, وتنتدب الدولة عشرات الآلاف من موظفيها مدنيين وعسكريين لتحقيق أهداف تيسير أمور الحجاج.
وهناك مدن للحجاج تقيمها الدولة بكافة خدماتها في موانئها الجوية والبحرية والبرية لإيواء الحجاج دون مقابل.
ولنأخذ مثالاً الخدمات الصحية التي توفرها حكومة خادم الحرمين الشريفين لرعاية الحجاج صحياً في المشاعر المقدسة,, حيث تنشئ وزارة الصحة مستشفيات متكاملة بأجهزتها ومعداتها ومستلزماتها وأدويتها الطبية,, وبكوادرها البشرية الطبية والتمريضية والفنية والإدارية التي يزيد عددها عن العشرة آلاف شخص,, إلى جانب المراكز الصحية التي تقيمها الوزارة في كل بقعة على الأرض المقدسة بالمشاعر,, حتى ان الحاج لايكاد يخرج من خيمته أو مسكنه إلا ويجد أمامه مركزاً صحياً,.
كل هذه المستشفيات التي يربو عددها على (7)مستشفيات بالمشاعر المقدسة,, والمراكز الصحية التي يزيد عددها عن (76) مركزاً صحياً, تقيمها الدولة لعدة أيام بهدف توفير الخدمة الصحية لحجاج بيت الله الحرام على مدار الساعة ودون مقابل,, وبعد انقضاء الحج توصد أبوابها لعدم الحاجة إلى خدماتها,.
فمن أجل الحجاج فقط انشئت كل هذه المرافق الصحية.
هذا إلى جانب المراكز الصحية التي توفرها القطاعات الحكومية الأخرى,, كوزارة الدفاع ووزارة الداخلية والحرس الوطني والهلال الأحمر.
وامتداداً لاهتمام الدولة برعاية جموع الحجيج,, تشكلت لجان عدة وعلى مختلف المستويات,, فهناك لجنة الحج العليا برئاسة سمو وزير الداخلية,, ولجنة الحج المركزية التي يرأسها سمو أمير منطقة مكة المكرمة ولجنة الحج بالمدينة المنورة,, إضافة إلى العديد من اللجان الأخرى,, فضلاً عن اللجان التي تشكلها الوزارات,,وهذه اللجان تعمل على مدار العام,, فما أن ينتهي موسم الحج إلا وتنعقد اللجان لدراسة وتقييم ماقدم من خدمات بهدف تحديد الايجابيات والاستزادة منها,, والوقوف على ماقد يظهر من سلبيات طبيعية لتجنبها في الموسم القادم,, واجمالاً دراسة افضل سبل تقديم الخدمات التي يحتاجها الحجاج.
وهناك ادارة عامة لتطوير مشعر منى والمشاعر المقدسة الأخرى,, والحاج يرى الشوارع والجسور والأنفاق التي شيدت في المشاعر المقدسة لتسهيل سير مواكب الحجيج.
وهل هناك من دليل على اهتام الدولة بزوار بيت الله ومسجد نبيه، أكبر من هذه التوسعة التاريخية غير المسبوقة التي شهدها الحرمان الشريفان في مكة المكرمة والمدينة المنورة,, وكانت نتاجاً لاهتمام شخصي ومتابعة مستمرة من قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -حفظه الله-.
فلقد تكلفت مشروعات توسعة الحرم المكي والمسجد النبوي أكثر من 42 مليار ريال سعودي,, وهو مبلغ ضخم يفوق ميزانيات بعض الدول,, ولكن الدولة بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين آثرت بذل الغالي والثمين في سبيل تحقيق هدف سام ونبيل بأقدس البقاع وأطهرها,, حتى يتاح لقاصدي بيت الله الحرام ومسجد رسوله عليه أفضل الصلوات والتسليم,, أداء فروضهم الدينية بيسر وراحة وسهولة,, حيث أصبح كل من بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف تحفة معمارية تبعث في النفس المسلمة المزيد من الراحة والطمأنينة,,وزادت مساحتاهما اضعافاً كأكبر توسعة شهدها الحرمان الشريفان خلال أربعة عشر قرناً من عمر الزمن.
وأخيراً فإن ماتقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين لخدمة حجاج بيت الله الحرام إنما هو تأصيل لدورها الإسلامي الرائد,, وتأكيد لهويتها الدينية الراسخة,, فهي الدولة التي قامت على الإسلام,, وستظل على ماقامت عليه بإذنه تعالى أبد الآبدين.
* رئيس لجنة الإعلام والتوعية الصحية بوزارة الصحة