Sunday 4th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 18 ذو الحجة


عيب,, والله عيب يا بنات بلدي,,؟!
عبد العزيز العبد الله التويخري

قولوا عني ما شئتم,, قولوا رجعي،, قولوا متخلف,, قولوا متزمت,, قولوا كل ما تريدون ان تقولونه من صفات تعجبكم,, فالبحث الذي نشر عنه يوم الاحد 26/11/1419ه الموافق 14 مارس 1999م ضمن فعاليات اللقاء العلمي السنوي الخامس للصحة المدرسية,, الذي عقد بقاعة الشيخ حسن آل الشيخ بجامعة الملك فيصل بالاحساء,, تحت رعاية واشراف الإدارة العامة للخدمات الطبية بالرئاسة العامة لتعليم البنات,, والذي كان من اعداد الدكتورة (سونيا احمد المالكي) بعنوان ظاهرة التدخين في مدارس جدة,, حجمها,, وابعادها وجاء فيه بالحرف الواحد وبالخط العريض,, كما ترون النص الآتي:
27% من طالبات المتوسطة في جدة يمارسن التدخين وترتفع النسبة في الثانوية الى 35% ومن بين المعلمات الى 51% .
هكذا والله جاء العنوان في النشر,, وهو كذلك في صلب البحث,, وبالحقيقة والواقع انني دهشت كثيراً واصبت بإحباط شديد,, مصحوباً بالصداع الرأسي، والأفقي ايضاً!! فما كان يدور بخلدي في يوم من الأيام على الاطلاق,, ان عادة التدخين,, وعدواها اللعينة,, قد انتقلت الى مدارس البنات، او كلياتها ومعلماتها وما كان يخطر ببالي على الاطلاق,, ان مجرد الحديث عن الدخان والمدخنين,, يطرح بين الطالبات والمعلمات او يُسمح بالحديث عنه,, الا في حالات التحذير والتنفير,, ومن داخل الأسرة فقط,, اما استعماله او تعاطيه وحمله,, فهذا والله شيء كثير,, وكثير جداً من بناتنا وامهات اجيالنا القادمة,, ونحن نؤمن بقول الشاعر:
الأم مدرسة اذا اعددتها
اعددت شعباً طيب الأعراق
اما وقد انتشر هذا الوباء الخبيث,, في مدارس البنات وارتفعت النسبة فيها بين المعلمات والطالبات الى هذه المستويات,, وهن امهات المستقبل المنتظرات,, ومربيات الأجيال القادمة,, ومدارس الشعوب كما يقول الشاعر,, فتلك والله مصيبة ومصيبة كبرى,, ولهذا فقد ازعجني هذا البحث كثيراً,, وآلمني كثيراً,, فذهبت مرتبكاً متخبطاً احادث النفس والناس,, هل يكون هذا صحيحاً؟! وهل انتشرت عادة التدخين بين بناتنا حقيقة؟! وما هي الاسباب والمسببات وراء الاغراء بتلك العادة السيئة؟! ومن اين اتت تلك السلوكيات الشاذة والشاذة جداً في مجتمعنا؟! وبعد البحث والتحري وطرح الكثير من التساؤلات المؤلمة,, وجدت ان ما ذهب اليه التقرير,, كان فيه الكثير من الصحة,, أكد ذلك مدير عام الخدمات الطبية برئاسة تعليم البنات,, الدكتور سليمان بن ناصر الشهري,, والذي اراد ان يكحلها فأعماها كما يقول المثل,,وبدلاً من طمأنة المجتمع عن تلك الظاهرة السيئة والخطر الجسيم الذي يهدد مجتمعنا في نصفه الآخر,, قال في تصريح له عقب ذلك ان تلك النسب لا يعتد بها والبحث لا يزال تحت انظار الرئاسة، ولم تتم اجازته ,, لاحظوا لم تتم اجازته!! وقال: ان مثل هذه المعلومات سرية وغير قابلة للنشر والتداول وهذه في نظري خطيئة اكبر من اختها,, حيث هي محاولة للتستر على تلك الظاهرة وتغطيتها,, وهي اشد خطراً من الخطر نفسه,, فكشف الحقيقة وبسط الأضواء على الأخطاء,, هو السبيل الوحيد للعلاج قبل ان يستفحل الأمر ويصبح ليس بالامكان تعديل تلك المسارات الخاطئة,, التي وقع فيها الكثيرون من الرجال, فمن الواجب علينا وعلى الدكتور الشهري وعلى جميع المسؤولين,, معالجة مثل تلك القضايا قبل ان يستفحل امرها وتتمكن تلك العادات السيئة من بناتنا,, كما فعلت وللأسف الشديد بالكثيرين من رجالاتنا شيباً وشياباً، كباراً وصغاراً,, وكفاية علينا (عكننة) في بيوتنا او في مكاتبنا وفي مجتمعاتنا الرجالية,, ما نحن فيه,, وما نعاني منه,, من ممارسات خاطئة,, لتلك العادات السيئة,, عادات التدخين,, التي تجلب الأمراض وتهدد الحياة بالدمار والانقراض في صفوف الرجال, اما ان يكون ذلك ايضاً,, بين الطالبات والمعلمات, فهذا ما لا يمكن السكوت عليه على الاطلاق,, ويجب محاربته بكل السبل والوسائل,, وعلاجه بكل الامكانات,, الدينية، والنفسية، والصحية والجزائية,, لأنه امر من الممكن ان يحتمل بين الرجال,, ولكن ليس من الممكن ان يحتمل بين النساء، وخاصة الطالبات والمعلمات، وربات البيوت، ثم انني والله لأعجب كل العجب من المرأة التي تتعاطى الدخان,, وتمارس تلك العادة السيئة,, كيف تستبدل الطيب الذي هو من صفاتها ومزاياها، وتستبدل روائح العطر والريحان,, الذي يتغزل به الشعراء، ويستنشقه العشاق في مشيتها,, ومن أسمال ثيابها,, بتلك الروائح الكريهة النتنة,, المضرة بالصحة وبالصوت والصورة ايضاً,, كما تقول القنوات الفضائية!! اين ستختفي تلك الأسنان الناصعة؟! واين سنجد الروائح الزكية,, من العنبر والمسك والريحان,, التي نبحث عنها في أجساد النساء؟! واين سيذهب الجمال الذي تتحسر المرأة كثيراً في الحصول عليه,, ولو من وراء الأصباغ والمساحيق (المكياج)؟! لماذا تذهب المرأة وتسلك تلك السبل التي تقضي على جمال جسدها، وجمال نفسها، وجمال الروائح الزكية التي تتناثر من حولها,, بالفطرة التي فطرها عليها الله عز وجل, وميزها بها دون غيرها؟! فلماذا؟! ولماذا كل هذا يا بنات بلدي,, يا بنات المملكة العربية السعودية,, يا بنات الحرمين الشريفين والديار المقدسة,, يا بنات المجدد والموحد,, الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود,, يا بنات الرواد من بعده، سعود، وفيصل، وخالد؟! لماذا يا بنات قائد مسيرة التربية والتعليم وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله؟! لماذا هذا الاسراف على أنفسكن؟! ولماذا هذا الانحدار في متاه ات الجهل والتقليد الأعمى؟! والاستجابة السريعة، والاندفاع المتهور,, خلف الدعايات اللامسؤولة,, في قنواتنا الفضائية (المبجلة؟!) لماذا هذا كله 27%، 35%، 51% نسب التدخين بين المعلمات والطالبات في مدارسنا وكلياتنا!
لا, لا يا بنات بلدي!! الدخان غير لائق على الاطلاق بالمرأة المسلمة في اي مكان من العالم الاسلامي فكيف ببنات الديار المقدسة,, المملكة العربية السعودية,, الدخان يا بنات,, عادة سيئة ومقيتة,, تضر بالصحة والمال,, وتقضي على كل الصفات الجميلة التي تتميز بها المرأة المسلمة,, الى جانب المؤثرات الصحية والدينية التي لا تخفى على احد؟!.
والسؤال الذي يطرح نفسه,, من يزيِّن لبناتنا تلك العادات السيئة؟! ومن يقودهن الى مثل تلك الممارسات الخاطئة؟! التي تتنافى وبشكل قاطع مع صفات المرأة السعودية, وجمال المرأة وانوثة المرأة بصفة عامة، ولا سيما في مجتمع اسلامي محافظ,, كالمجتمع العربي السعودي النبيل الذي يركز كل التركيز على احترام المرأة وتقدير المرأة,, والحفاظ عليها من كل عيب او منقصة في دينها وفي اخلاقها، وهي المرأة الوحيدة في العالم,, التي يحميها مجتمعها ودينها وتقاليدها,, حتى من الاختلاط بالرجال,, في جميع الدروب الحياتية,, حتى لا تفقد قيمتها الأنثوية وحتى لا تفقد حياءها وجمالها في وسط الرياح العاتية,, من وسائل الهدم والتخريب والفساد والافساد.
ومما يزيد ألمي,, انه من خلال التساؤلات الكثيرة,, التي كنت اطرحها خلال الفترة الماضية,, التي اعقبت نشر هذه المعلومات المؤسفة,, انني حصلت على الكثير من المعلومات الاخرى المشابهة لذلك في وسط الطالبات في أغلب اقسام الكليات,, وخاصة في جامعة الملك سعود,, وهذا امر مقلق ومزعج ويتنافى بشكل كبير مع ما هو مؤمل ومنتظر من بناتنا، ونصفنا الآخر,, ولا اعتقد ان ذلك,, الا ناقوس خطر رهيب يهدد المجتمع السعودي بأسره وينذر بتفكك هذا التماسك والارتباط الديني والاخلاقي الذي يتميز به مجتمعنا بين المجتمعات الاخرى,, ويضع المرأة السعودية في المكانة العالية التي تحسد عليها, وتتميز بها عن غيرها من نساء العالم كله, وهذا الغزو العجيب الذي تسلل الى صفوفنا وزرع في مدارسنا وكلياتنا التعليمية سيحطم كل المثاليات والاخلاق والمعتقدات الدينية التي نعتز بالمحافظة عليها، في بيوتنا وفي مدارسنا وفي كلياتنا,, ان عاجلاً,, او آجلاً,, ما لم نبادر وبصورة عاجلة وسريعة للتحقق من انتشار تلك الظاهرة ووضع الدراسات والحلول الجادة والحازمة للقضاء عليها,, والحد من انتشارها ووأدها في منبعها,, بالرقابة الشديدة والمتابعة المستمرة والعقوبات الصارمة التي تقضي على تلك السوسة النخرة من جذورها,, وتطهر هذا النصف الحلو والمهم في مجتمعنا من كل الشوائب والمعوقات التي تهدم مثله واخلاقياته.
ومع أملي ألا تكون تلك النسب صحيحة ودقيقة,, الا انها كما قلت,, نذر خطر لا يجوز السكوت عليه,, ويجب علينا مكافحته ومحاربته بكل الوسائل المتوفرة والمتاحة وهي ولله الحمد كثيرة وكثيرة جداً,, متى تضافرت الجهود المدعومة بالعزم الأكيد والنية الصادقة للقضاء على هذا الخطر الذي بدأ ينخر في عقول وافكار وأجساد وسلوكيات بناتنا الطاهرات المعززات المكرمات.
وقبل ان انهي تلك الخواطر الغيورة على بنات الوطن,, ارجو ان اكون قد اسمعت المسؤولين في التعليم العالي وفي الرئاسة العامة لتعليم البنات,, للنهوض من تلك الغفلة,, وتشكيل لجنة بحث ودراسة دقيقة لهذا الموضوع,, ووضع الحلول الجذرية للقضاء على تلك الظاهرة الخطيرة,, بالعلاج الديني والنفسي والطبي ثم الجزائي,, وتطهير مدارسنا وكلياتنا من البنات والمعلمات المدخنات مهما كلف الأمر ومهما كانت النتيجة ووضع رقابة متخصصة ودائمة للمتابعة والتقصي,, ومنحها كل الصلاحيات اللازمة للقضاء على تلك المشكلة بما في ذلك صلاحيات الفصل والطرد والابعاد, وقولوا عني بعد ذلك ما شئتم والله خير الشاهدين.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved