رُبَّ يومٍ بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيتُ عليه

شريط الذكريات في حياتنا مليء بالأحداث والمواقف، تمر سنوانت العمر بين فرح وحزن، أصدقاء,, أقرباء,, زملاء، أناس كثيرون يتعرف عليهم الإنسان ولكن,, لا بد من فراق!!
تلك الأيام الخوالي اذا تذكرها الإنسان أطلق آهاته حسرة عليها (وأقصد أيام الصبا طبعا), ورغم اننا لا نزال شبابا إلا ان بواكير الشباب الأولى لها رونقها وذكرياتها الخاصة.
عجيب أمر الحياة!!
تعانق الإنسان أيام سوداء أحيانا، ويعيش فترات سيئة أحيانا, وإذا دلف العمر نحو خط النهاية عاد هذا الإنسان الى تلك الذكريات ورآها بعين الجمال، بل وأحيانا يبكي عليها,, قبل أيام وقفت موقفا كنت لا أظن أن غير الشعراء يقفون عليه.
رأيت اطلال مدرستي القديمة (أيام المتوسطة والثانوية) وقد هدّتها الجرافات تمهيدا لبناء مبنى حديث,, وقفت متأملا: ياللسرعة!!
هذه المدرسة التي كم تمنيت أن استيقظ من نومي أيام الدراسة على خبر احتراقها او سقوطها (طبعا كله بسبب الرياضيات!!)، أجدني اليوم مذهولا لأنها تحولت الى بقايا مبنى؟!
تملكتني الدهشة أخذت أتجول على الأطلال، سبحان الله!! هذا كان موقع صفنا في التوجيهي,, وهذا مكان المسرح,, وهذا,, وهذا هكذا أحدث نفسي، اوهي تحدثني,, لا أدري؟! كم تمنيت أن أكون شاعرا لأكتب قصيدة عتاب في (الرياضيات الحديثة) والتي حرمتني من مشاهدة التاج الذي كان على رأسي!!
أدركت لحظتها فقط أهمية توثيق تلك الأحداث بالصور, وليت هذا الإدراك كان معي أيام (الرياضيات) تلك, أراد أحد الزملاء ان يؤلف كتابا عن محافظته فبحث عن صور قديمة للمحافظة فلم يجدها, فأخبره أحد كبار السن أن موظفي (شركة التابلاين) كانوا يوثقون أيام المحافظة الأولى بالصور, وبعد بحث دام أكثر من سنة وجد هذا الزميل ضالته عندهم، وأكد انه على استعداد لشرائها بالمال مهما كلفت في الوقت الذي كان الأهالي آنذاك يسخرون من التصوير ويعتبرونه عيبا لا يليق إلا بالأجانب!! أعجبني في هذا السياق أحد معلمي الصف الأول ابتدائي (في احدى زياراتي له) حينما وجدته يحتفظ بكراسات جميع الطلاب، بل وقام بتصويرهم بكاميرا تلفزيونية وهم يتحدثون عن امنياتهم وخواطرهم, وينوي هذا المعلم كما يقول الاحتفاظ بهذه الذكريات لهم حتى يسلمها لهم وهم كبار وساعتها قلت في نفسي: ربما بكى هؤلاء الأطفال الصغار في هذه الأيام، ولكن حينما يشاهدون تلك الأيام عبر الفيديو أو الكمبيوتر! حتما سيبكون عليها!! ان توثيق كثير من الأحداث المهمة ليس مجرد ترف بل هو ضرورة!