Sunday 4th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 18 ذو الحجة


مستعجل
لماذا يخافون التقاعد؟!!

** غريب أمر الناس في نظرتهم لحياة التقاعد,.
** هناك من هو سعيد بحياة التقاعد,, وقد اعد لنفسه اكثر من برنامج لامضاء حياة جديدة حافلة بالعطاءات وبالعمل والانتاج والراحة والتمشية والقراءة وممارسة امور كثيرة,, تجعل حياته اكثر سعادة واكثر جمالا واكثر اشراقة واكثر راحة نفسية من حياة العمل والوظيفة والتعب اليومي والشقاء والعناء والشد والجذب النفسي وحياة المسؤولية,.
** لقد جعل وقتاً للتمشية والمتعة,, ووقتا للقراءة,, ووقتا لزيارة الاقارب ,, ووقتا للجلوس مع الاولاد والاحفاد,, ووقتاً لممارسة بعض الهوايات البسيطة,, واوقاتا,, واوقاتا للعبادة بكل انواعها,, من صلاة وصيام وذكر وقراءة قرآن وتهجد وهي الأهم,.
** وهناك من هو حزين وحزين للغاية وكأنه مقبل على كارثة او منحنى خطير في حياته,.
** لقد تبدلت اوضاعه,, وتغيرت نفسيته,,, واصبحت أموره (معفوسة) واضحى يكره كل شيء حوله,, ويتعامل مع الآخرين بعصبية,.
** نظرته للحياة,, اصبحت نظرة تشاؤمية,, واخذ يطلق على هذه الحياة الجديدة اسماء كثيرة مثل,, (مت,, قاعد) وما شاكل ذلك من العبارات التي تعكس ان هذا الانسان بسيط وسطحي وجاهل ضحل,.
** الصنف الاول,, استقبل حياة التقاعد بكل سعادة,, واخذ يسعى الى انجاز اوراقه التقاعدية,, واخذ يفكر ملياً في هذه الحياة الجديدة وكيف يستثمرها بشكل افضل,, ولو قيل له ابق في عملك ولو أياماً لرفض,, بل ان بعضهم يتقاعد قبل الموعد بسنتين او ثلاث او خمس,, لانه قد ادرك ان الحياة الوظيفية ليست كل شيء,, وان حياة التقاعد قد تكون افضل,.
** اما الآخر,, فقد فكر في كيف يتحايل على النظام,, وكيف يمكنه التجديد والبقاء في وظيفته ولو على شكل (متعاقد) على بند الاجور,, وقد يكون هذا الشخص يملك اموالا طائلة وثروات و(مخططات) وامكانات مادية جيدة,, ومع ذلك,, يبقى في وظيفة على بند الاجور بمبلغ زهيد,, وكل هذا,, من اجل (عقدة الوظيفة) وعقدة البقاء على رأس العمل بأي شكل وبأي ثمن,, وهي امور نفسية لا اقل ولا أكثر,, ولو فكر ملياً,, وحكم عقله,, لأدرك ان التقاعد افضل واشرف له,.
** ان البعض قد تقاعد من وظيفة (محترمة) وله مكانة لدى الكثير,, وله اسمه وهيبته,, ومع ذلك,, يصر على الاستمرار على (بند الاجور) في وظيفة بسيطة - لمجرد الهروب من التقاعد - ليخسر بعد ذلك ,, اسمه وهيبته ومكانته وسجله الوظيفي كله ويتحول الى مجرد عامل بأجر بسيط,, لينظر له الآخرون نظرة شفقة وازدراء في آن واحد ,, وكان بوسعه ان يمضي كالطود الشامخ,, محافظاً على مكانته واسمه ووقاره,, ومثل هذا الصنف كثير وكثير.
** ان هناك من تقاعد وبحث له عن مزرعة صغيرة او استراحة ملأها بالأشجار والمواشي,, واصبح يتابع هذه المسؤولية الجديدة ويتعاهدها ويعمل من اجلها,, واصبحت حياته اكثر سعادة واكثر جمالا من حياة التعب,, حياة الشقاء (الوظيفية).
** اصبح حراً بنفسه,, يعمل متى شاء,, وينام متى شاء,, ويسافر متى اراد,, ويذهب ويغدو حسبما يحلو له.
** اما ذلك الموظف الأجير (نظام الاجور) على وظيفة سائق (شِيوَل) او (فراش) فقد كانت حياته كلها عملا وتعبا,, ومطاردة من موظف الدوام,, وكل ذلك من اجل (طفسه) آخر الشهر هو في غنى عنها,, وقد تكون دخوله اضعاف اضعاف هذا المبلغ الزهيد,, ولكنها (العقد النفسية)!,.
** ان هناك فرقا بين هذا وذاك,, فهذا فكر بطريقة صحيحة,, وتعامل مع الواقع,, وكان اكثر صدقا مع نفسه,, والآخر فكر من زاوية المادة ومن زاوية ضيقة جدا,, وخاف من الشيخوخة,, وخاف من الموت,, فدخل في دهاليز مخيفة قد تقوده الى مشاكل وامراض ومعاناة وتعب نفسي,, وقد كان بوسعه ان يتحاشى كل ذلك.
** هذان الصنفان,, موجودان امامنا بالعشرات,, وربما بالمئات,.
عبدالرحمن بن سعد السماري

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved