Sunday 4th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 18 ذو الحجة


بدون ضجيج
الله لا ,, يبلانا !
جار الله الحميد

هنا وربما في كل العالم العربي لا يستطيع المبدع او الفنان او الكاتب (أي ذلك الذي ينظر إليه الناس نظرة خاصة لا ككل الآخرين) ان يتعرّى داخليا امام من يمكننا تسميتهم بالجماهير, فهو دائما: متكامل, سوي, ذو قدرة على التكيف مع اي وضع, ناجح, وسعيد!, كما انه قادر على فتح الابواب المغلقة ومتمكن في جميع المجالات, ومؤهل للعمل في اي موقع, وخصوصياته لا تعني اكثر من: كيف يقضي وقته في البيت؟ هل ينام في الظهيرة؟ هل هو (راعي) سهر؟!
لذلك يجد النجم نفسه في كوكب آخر! حتى علاقاته مع الآخرين يحسب لها ألف حساب, فهو إذا كان غير (مزيف) يضطر للاستماع إلى توجيهات ونصائح من شخص ما لمجرد انه لن يستطيع ان يقول (أنا المبدع الكاتب فلان) فهذه صفة لا يستطيع الطرف الآخر تصورها بعيدا عن الجريدة او التلفزيون أو الراديو او أية قناة يعمل من خلالها هذا النجم, لذلك لا يمكن ان تجد في مجتمعنا من إذا قدمت إليه نفسك تذكر انه قرأ لك او شاهدك او تفرج على لوحة من شغلك, وإذا كانت ذاكرته قوية (!) سألك: هل تقرب لفلان ؟ الذي هو انت, وما أسوأ ان تقول: إنه أنا, لانه سيرد عليك مسرعا بارتياب كبير: صحيح؟ لا, انت تمزح!
هذه من اشكال العزلة التي يعيشها المبدع و(الكاتب) على وجه الخصوص! وهي كفيلة بتعطيل امكاناته للحوار مع الآخر, ذلك الذي لا يحترمه إلا عبر عمل يبثه إليه عبر اشكال الاتصال الجماهيري, ولكنه عندما يجلس معه وجها لوجه فإنه يوجه إليه انتقادات سطحية ويعطيه توجيهات كما لو كان تلميذا عنده ويقوم بنصحه: ماذا يكتب؟ وماذا لا يكتب؟ ومتى؟ وخذ من هالرخيص والغريب انه يقوم من عنده راضيا تمام الرضا عن ادائه الممتاز.
حتى انه لا يحق للنجم ان يعلن ما إذا كان لديه امراض معينة, او انه جاء للعمل بسيارة اجرة, او انه,,، لذا فإن الوحشة التي يشعربها المبدع عندما يصبح (نجما) تزداد ويصبح الفرار منها أمراً غير مستطاع, البعض من النجوم تآلفوا مع عزلتهم لايمانهم بأن القضية مسألة ظروف تاريخية وجغرافيةقابلة للتغير كمعظم نواميس الكون, ويمتلك هذا البعض شجاعة ان يكون وحيدا بمواجهة هؤلاء الذين لا يرون فيه اكثر من (صاحب صنعة) ربما كان مصلح (المفاتيح) أهم منه - اجتماعيا، لا من حيث قيمة عملهما, فالعملان قيمان-.
هناك فئة من محبي التشبه بالنجوم,, ما كنت أود الحديث عنهم, لكنها (حبكت!) يتصرفون كما لو كانوا مبدعين حقيقيين, يمارسون ألاعيب تنطلي على البسطاء حيث يوحون لهم بأهمية أنفسهم, وينسبون أي نجاح في دائرة عملهم الضيقة الى انفسهم, من هؤلاء شخص قال لي ذات عام بعيد:
- لو كان في حائل كلية طب لدخلتها,.
ولما كان التعبير الذي ارتسم على وجهي محايدا أو طالبا لتبرير ما (على الاقل) قال بفخر:
- لأن لديَّ مجموعة كتب في الطب تحوي اكثر من ستة آلاف كتاب وأغلبها عن المشاكل الجنسية وعلاجها.
فهو يعتقد (حسب كلامه الذي اقسم انني لم أحرِّف فيه) ان كل ما هو مطلوب لدخول كلية الطب هو اقتناء كتب عن المشاكل الجنسية, كما لاحظت من تحديده لمنطقة حائل ان الذي يمنعه من تنفيذ فكرته العبقرية ان اقرب كلية طب هي في الرياض, وكأن الرياض في (مجرة) أخرى!
ترى : حينما يعرف القارئ عن كاتبه المفضل انه مصاب بخوف من الذبحة الصدرية يرغمه على صرف معظم راتبه على الفحوصات والادوية وانه يحمل في جيبه وأدراج مكتبه وقرب سريره بأقراص الاسبرين المميعة للدم,, هل كان سيقرأ له؟! الاجابة التي تبدو لي منطقية حد الآن: لا!!
بل سيتبرع بنشر هذه المعلومة على الملأ ليؤكد لهم: يارجال هذا موسوس, اترك كتابته, الله لا يبلانا.
فعلا : الله لا يبلانا!
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved