سبق لي ان كتبت عن مسألة الخمسين عاما من الخدمة التي يطالب بها الخاضع لنظام التأمينات الاجتماعية حتى يمكنه الحصول على معاش تقاعدي كامل بعد تقاعده عند بلوغه عامه الستين، وقلت ان نظام الخدمة المدنية ونظام التقاعد المدني الذي يكمله يطالب بخدمة قدرها اربعون عاماً ليعطي الموظف المتقاعد راتباً تقاعدياً كاملاً وان هذه المدة لم تعجب معظم الموظفين ولذلك فهم لا يزالون يطالبون عبر وسائل الاعلام والندوات ان يكون حساب المعاش التقاعدي جزءاً من ثلاثين جزءاً وليس من اربعين جزءاً ولا سيما ان اخوانهم في نظام التقاعد العسكري يحسب لهم التقاعد على اساس جزء من خمسة وثلاثين جزءاً مع اعطاء العسكريين مكافأة عن نهاية خدمتهم العسكرية تقدر بمئات الآلاف من الريالات بما في ذلك تعويض مفتوح من اجازاتهم المتراكمة طوال سنوات الخدمة وهم يستحقون ذلك.
اقول سبق لي ان كتبت في هذا الموضوع مرات عديدة ولكنني اعود اليه اليوم ومجلس الشورى الموقر يناقش في لجانه المتخصصة النظام الجديد المقترح للتأمينات الاجتماعية الذي سيصدر خلال العام الهجري 1420ه ان شاء الله تعالى, وما اود اضافته الى ما سبق لي طرحه هو ان المواطن العامل في القطاع الخاص الخاضع للتأمينات الاجتماعية الذي يطالب بخدمة تصل الى خمسين عاماً بالتمام والكمال حتى يأخذ معاشاً تقاعدياً كاملاً وبحيث ينقص جزء من هذه الاجزاء الخمسين عن كل عام لم يحققه المؤمن عليه في الخدمة، هذا المواطن يعمل ثماني ساعات في اليوم الواحد حسب النظام المادة 147 بما في ذلك العمل في يوم الخميس فليس له عطلة الا يوم واحد فاذا ما جمعنا عدد ساعات العمل في الاسبوع وجدنا انها تصل الى ثمان واربعين ساعة على اقل تقدير وعند صاحب العمل الذي يخشى الله فلا يكلف عماله بساعات اضافية ودون مقابل فاذا قارنا مجموع ساعات العمل في الاسبوع بالنسبة للمؤمن عليه مع ساعات العمل في الاسبوع بالنسبة للخاضع لنظام الخدمة المدنية والتقاعد المدني وجدنا ان الفرق ثلاث عشرة ساعة في الاسبوع الواحد لان الموظف يعمل خمسة ايام في سبع ساعات فيصبح المجموع خمساً وثلاثين ساعة اسبوعياً، فاذا اردنا ان نحسبها على مدار ايام العام ثم على مستوى جميع سنوات الخدمة للطرفين فاننا نجد ان المؤمن عليه يؤدي ساعات خدمته في ثلاثين عاماً تفوق ما يؤديه اخوه الموظف الحكومي في اربعين عاماً، ومع ذلك يطالب هذا المسكين الا وهو المؤمن عليه بالبقاء مسمراً في مواقع العمل خمسين عاماً حتى يضمن عطف التأمينات الاجتماعية فتصرف له معاشاً كاملاً بينما تكون ساعات العمل التي قضاها كادحاً تزيد عن سبعين عام عمل لموظفي حكومي يعمل 35 ساعة في الاسبوع فقط لا غير، هذا حسب النظام اما على ارض الواقع فان في المسألة اقوالاً كثيرة!,ولعل السبب في عدم شعور القائمين على انظمة التأمينات الاجتماعية بما يعانيه المؤمن عليه من جزاء طوال المدة والسنوات التي يحتاجها للحصول على معاش تقاعدي كامل هو ان القائمين على هذه المؤسسة من موظفي الدولة الذين ينعمون بساعات دوام اقل كزملائهم في بقية المصالح الحكومية، ويحسب معاشهم التقاعدي على اساس جزء من اربعين جزءاً ويأخدون يومين عطلة في الاسبوع، ولهم تقاعد مبكر بعد عشرين سنة خدمة قدره نصف راتب وحق التصفية لمن خدمته اقل من ذلك الى غيرها من المزايا التي يطالبون بالمزيد منها فما الذي يجعلهم يشعرون بمعاناة غيرهم اذا لم يعانوا مثلهم ولو ان المسؤولين والموظفين في التأمينات خضعوا للنظام نفسه فقد يكون لذلك اثر ايجابي في رفع هذه المعاناة واقتراح تعديلات جوهرية في النظام ولكن ذلك لم يحصل ولعله يكون عن طريق مجلس الشورى باذن الله!.
باكستان الدولة الحية!
تطبيقاً للمثل القائل لا يفل الحديد الا الحديد قابلت باكستان التفجير النووي الهندي الخماسي بمثله وبعد ايام قليلة ولم تصغ اسلام اباد الى التهديدات والتحذيرات الغربية بل ولا حتى الى الوعود البراقة بمكافأة سخية تقدم لها في حالة تخليها عن برنامج التفجير النووي المضاد وهكذا مضت باكستان في طريقها بخطى واثقة وتركت من يحتج ومن يندد ومن يهدد ومن يتوعد يصرخون حتى جفت حلوقهم فسكتوا واقعوا في الارض اما الذي حصل بعد ذلك فهو ما نقرأه اليوم عن تقارب هندي - باكستاني تسعى اليه نيودلهي نفسها بعد ان تركت لغة التهديد والعجرفة واخذت تتحدث لجارتها بصوت هادىء وواضح ولو ان باكستان استمعت الى نصائح من سموا انفسهم بالاصدقاء وهم من اعدى الاعداء وتخلت عن برنامجها النووي رغبة او رهبة لما حظيت باحترام احد ولوجدت نفسها ذليلة مهانة مهددة لا تقوى على شيء ولكنها اختارت لنفسها طريق الكرامة والقوة ونفدت برنامجها النووي بعد ان ارغمت على دخول هذا النادي الرهيب حماية لشعبها من الارهاب النووي الهندي, وعملت على صيانة هذا البرنامج من الغيث او الاعتداد لا سيما بعد ان اخذ اعداء المسلمين وعلى رأسهم الصهاينة والغرب واعداء باكستان نفسها كالهند يروجون لما يسمون بالقنبلة الاسلامية بهدف استفزاز مشاعر الأمم الاخرى ضد باكستان والمسلمين مع التهديد الصهيوني بضرب المفاعل النووي الباكستاني بالتعاون مع الجيران.
نعم,, لقد كانت باكستان دولة اسلامية حية وجدت نفسها مجبرة على الدخول في سباق نووي مع جارتها الكبرى التي تكن لها ميراثاً من الاحقاد فركبت الأسنة لانه لم يكن هناك بد من ركوبها وحققت لنفسها ما ارادت وتركت الآخرين يعوون ويهددون، فلم تجد الهند بداً من تقديم الاحترام لخصمها اللدود المعتز باسلامه وكرامته وبذلك كفى الله المؤمنين القتال وسلمت باكستان واهلها من الضغط والتهديد والشعور بالهوان, وان في ذلك عبرة لمن عاشوا يملأون الدنيا صياحاً وضجيجاً دون فعل او فائدة وعدوهم يقدر بمئات الملايين بينما اسرائيل تنتج في كل عام عشرات القنابل النووية وتفجرها في ارضهم وبحارهم وتهددهم بها ليل نهار بل وترفض التوقيع على المعاهدة العالمية للحد من الاسلحة النووية بينما يسارع بالتوقيع عليها من لا يملكون فشكة نووية صاغرين او خائفين او بادعاء الاعتدال والمحبة للأمن والسلام العالميين وكيف يمنح الآخرون السلام خائفا او خانعا او ذليلا؟!.
|