تعليم 21 فن صناعة المستقبل د, عبد العزيز بن سعود العمر |
المستقبل,, ليس هو نتيجة اختيارنا لمسار من بين مسارات بديلة يقدمها لنا الحاضر,, بل هو مكان صنع اول ما صنع في اذهاننا، ثم سوف يصنع مرة اخرى بالعمل الجاد.
المستقبل,, ليس مكاناً (ما) نتجه اليه ولكنه مكان نصنعه, الطرق اليه لا نبحث عنها، بل نصنعها أيضاً، وعملية صناعتها تحدث تغيراً في كل من الصانع والمكان المستهدف.
توقفت كثيرا عند هذا التعريف للمستقبل )Costa 1995( متأملاً ما فيه من مضامين جميلة, ان الحديث عن المستقبل لا يمكن ان ينفصل عن الحديث عن التعليم، بل هو حديث عن التعليم, فإحداث التغيرات المجتمعية التي تنقلنا للمستقبل يتطلب بالضرورة احداث التغييرات الملائمة في مؤسساتنا التعليمية, هذه التغييرات لا تتم في فراغ وانما في ضوء ما يتوفر لنا من مؤشرات نستشرف من خلالها ملامح المستقبل,, اننا يجب ان ننظر ونتأمل باستمرار في الصورة التي نأمل ان تؤول اليها مستقبلاً مؤسساتنا التعليمية لكي نطمئن الى ان بحثنا المتعجل او المتسارع عن الوسائل التي توصلنا للمستقبل لم يفقدنا الرؤية نحو ما نستهدفه.
بناء المستقبل لا يبدأ من الأرض ليتجه نحو السماء، كما هو المعتاد عند إقامة المباني المادية، ولكنه بنيان يبدأ من عنان السماء ليصل لاحقا بأساساته الصلبة في الارض.
المستقبل يبدأ بتصور ذكي يدور في الذهن ويراود النفس ويتراقص في الخاطر, المستقبل يبدأ بحلم,, ان شئت, اننا لا يمكن ان نبني مستقبلاً نتمناه وتشرئب اليه اعناقنا دون ان نرسم له في اذهاننا صورة وردية تلهب حماسنا وتدفعنا للوصول اليه غير عابئين بأن يقول الناس عنا إنهم يبنون قصوراً في الهواء .
نعم,, بناة المستقبل يبنون قصوراً في الهواء ولكنهم يستطيعون بإخلاصهم وصدق نياتهم اولاً ثم بحرفنتهم وبما حباهم الله من بصيرة وشفافية متناهية ان يصِلوها بأساسات صلبة ضاربة في الأرض, الا ترون معي ان بناة المستقبل يضطلعون بمسؤوليات جسام ليحققوا مهام تبدو في نظر كثير من الناس مستحيلة, ان الفجوة بين ما يدور في أذهانهم وواقعهم المعيش لا تحبطهم بل تشعلهم مثلهم في ذلك مثل الطالب الذي يزداد تشوقاً لكسب تحدي التعلم عندما يكتشف التعارض او الفجوة بين ما يشاهده امامه في التجربة وما توقع ان يشاهده حسب تصوراته ومفاهيمه.
|
|
|