السهباء احدى قرى منطقة الخرج الذي كان يدخل في نطاق جغرافية اليمامة ومن اعمالها وهو لا يبعد عن مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية الا نحو ثمانين كم تقريبا - ومن الخرج - بل من السهباء التي كانت تعد في أعلى بلاد بني سعد من تميم بدأ الشاعر المشهور جرير بن عطية بن حذيفة- الملقب بالخطفى بن بدر بن سلمة بن تميم بن مرة، وكنيته ابو حزرة حيث سمى ابناً له حزرة على وزن فَعلََة وحزر الشيء خرصه وقدره سواء كان كيلاً ام وزناً ام مسافة- قلت بدأ رحلته التي ذكرها في قصيدة فائية امتدح بها يزيد بن عبد الملك وهجا فيها آل الملهلب ومطلعها
انظر خليلي بأعلى ثرمداء ضحى والعيس جائلة اغراضها خنف |
وهي قصيدة طويلة تبلغ نحواً من ثمانية وخمسين بيتاً أثنى فيها على منطقة الخرج عامة وحبذها على غيرها وكيف لا يكون منه ذلك وهي بلد المياه والنخيل والارض الخصبة
يا حبذ الخرج بين الدام فالأدمى فالرمث من برقة الروحان فالغرف |
أما بداية رحلته ومنطلق اولى خطواته الى توماء بالشام فكانت السهباء
كلفت صحبي أهوالاً على ثقة لله درهم ركبا وما كلفوا ساروا اليك من السهبا ودونهم فيحان فالحزن فالصمان فالوكف |
وعلى ظهور الجمال واصل هو وصحبه السير حتى وردوا نهر بردى حيث آلوا على انفسهم الا يردوا ماء غيره
لا ورد للقوم ان لم يعرفوا بردى اذا تجوب عن اعناقها السدف (1) |
ثم بعد وردهم بردى واصلوا السير ليلاً وصبحوا توماء التي يظهر من قوله انها بلدة سكانها نصارى
صبحن توماء والناقوس يقرعه قس النصارى حراجيجاً بنا تجف |
وبهذا البيت يتخلص من وصف الرحلة والطريق وما قاساه من تعب ومشقة ليبدأ في امتداح يزيد
يا بين الأروم وفي الأعياص منبتها لا قادح يرتقي فيها ولا قصف اني لزائركم وداً وتكرمة حين يقارب قيد المكبر الرسف |
والحقيقة انها رحلة ممتعة بالنسبة لقراءتنا لها, لكنها بالنسبة للشاعر جرير وصحبه كانت شاقة جداً ومتعبة كيف لا, ودليلهم النجم وعرباتهم الجمال والنياق وزادهم التمر والماء حيث لا قطار ولا زفت ولا سيارة وانما ناقة وجمل ونعل وجادة بين سهل وجبل.
(1) بردى النهر المشهور بالشام, والتجوب: التكشف والسدف: الظلمة.
(2) توماء من أعمال دمشق وقيل تيماء, والحراجيج: الضوامر واحدها: حرجوج.
أحمد عبدالله الدامغ