بحضور قوي للمملكة,, لإنجاح مؤتمرهن الثاني السوق العربية المشتركة,, والخيار الصعب لسيدات الأعمال العرب البحث عن حصة العرب في 100 تريليون دولار,, هائمة,, في العالم |
القاهرة - مكتب الجزيرة - علي السيد
بحضور فعال من قبل المملكة العربية السعودية ومشاركة وفود من 15 دولة عربية اخرى اختتم المؤتمر الاقتصادي الثاني لسيدات الاعمال العرب فعالياته التي عقدت بالقاهرة في الفترة من 9 الى 13 مارس الماضي وقد سيطرت قضية السوق العربية المشتركة على كافة فعاليات المؤتمر بصورة غطت على الجدل الدائر حول الشكل القانوني لهذا التجمع الوليد وهل سيتم تصعيده الى مجلس اقتصادي عربي جديد ام يكتفى بكونه اتحادا لسيدات الاعمال العرب؟.
ولم تكن مصادفة ان يلتقي مؤتمر سيدات الأعمال العرب مع مؤتمر العمل العربي الذي عقد في ذات التوقيت بالجامعة العربية حول قضية السوق العربية المشتركة والتأكيد على انها اصبحت ضرورة لا اختيارا لهذه الاسباب التي تتناولها الجزيرة .
التقت سيدات الأعمال العرب حول هدف واحد هو ان السوق العربية المشتركة تمثل في المرحلة الراهنة ضرورة الاختيار ويزيد من قيمة هذه الضرورة التحديات الجديدة التي تهدد مستقبل الشعوب العربية وهي تحديات متشعبة في اطار التشابك الاقتصادي الدولي، حيث اصبح لا معنى لاقتصاديات منفردة خصوصاً بعدما تمكنت الشركات العابرة للقارات ان تتحكم في اركان الاقتصاد العالمي,وفي الوقت الذي تتجذر فيه الخلافات العربية هناك كتلة من الأموال السائلة تهيم في العالم على مدار العام بحثاً عن الكسب السريع وتقدر بحدود 100 تريليون دولار في حين ان حجم التجارة الدولية لا يتعدى في العام الواحد 3,5 تريليونات دولار فقط لذلك اصبح من العبث ان تدعي اي دولة منفردة حصانة من تأثير السوق المالية الدولية.
ويذهب سيدات الاعمال العرب, في هذا الصدد الى حقيقة هامة وهي ان الدول التي تعيش خارج تكتل في عالم اليوم اصبحت قليلة، فالعالم يضم ما يربو على مائة تكتل تتداخل وتختلف في فاعليتها ودرجات التكامل داخلها ولعل اكثر هذه التكتلات قرباً من البلدان العربية واكثرها اثارة ومكمناً للتمنيات العربية هي تجربة الاتحاد الاوروبي,فمع القرب الجغرافي والتلاحم التاريخي تتم 42% من التجارة العربية مع الاتحاد الاوروبي، ولقد كانت هذه التجربة الاوروبية مهمة لبعض الجهود العربية وتبعث فيها دوافع التحدي في نفس الوقت اذ بدأت التجربة الاوروبية مع ميثاق روما عام 1957 بين 6 بلدان فقط ثم اصبح العدد 7 ثم 9 وارتفع الى 13 ثم 15 دولة.
وينوه سيدات الاعمال العرب هنا الى ان التجربة الاوروبية رافقها قيام طموح الوحدة في البلدان العربية حيث قدمت اوروبا نموذجاً مثالياً لمنهج الوحدة الوظيفية الذي يجعل نمو المصالح المتبادلة دافعاً لمزيد من الاندماج حتى قيام الاتحاد الاوروبي عام 1992 ثم اقرار عملة موحدة في مطلع العام الجاري وفي نفس الوقت كانت هذه التجربة تتقاطع مع المصالح العربية منذ بدايتها حتى الآن فقد قدمت دعماً رئيسياً لاسرائيل في البداية ثم كان لخطوات التكامل المتتالية التي انجزتها اثار سلبية على مصالح الدول العربية التجارية وضد رعاياها المهاجرين في اوروبا.
الفرصة سانحة
ويزيد من حماس سيدات الاعمال العرب لهذا الخيار ان فكرة السوق العربية المشتركة لم تكن في تقديرهن فكرة جامحة في طموحها عند تبنيها عام 1964 فقد كانت آمال الوحدة السياسية العربية قوية آنذاك وامام هذا الهدف الكبير وبدا طموح الوحدة الاقتصادية طبيعيا ويرى البعض الآن ان ذلك الطموح كان قفزاً على الواقع افتقر الى التدرج في بلوغ الهدف وان الاوضاع الدولية والاقليمية الراهنة تقتضي الاخذ بهذا التدرج دون تباطؤ.
وانطلاقاً من ذلك يؤمن سيدات الاعمال العرب بأن الفرصة سانحة لتدشين مراحل السوق العربية المشتركة والتي تبدأ بمرحلة منطقة التجارة الحرة وخلالها تحتفظ كل دولة من دول التجمع الاقتصادي بنظام تعريفتها الجمركية ازاء الدول خارج التجمع مع ازالة القيود الجمركية من رسوم وغيرها على تبادل السلع داخل منطقة التجارة الحرة,ثم تأتي بعد ذلك المرحلة التالية والمتمثلة في الاتحاد الجمركي وخلالها يضاف الى ازالة القيود الجمركية ما بين الدول الاعضاء الاتفاق على معاملة جمركية واحدة تجاه السلع من خارج التجمع, وتبنى بذلك سوراً جمركيا موحداً تجاه الغير لتصل بعدئذ الى السوق المشتركة.
ويسمح خلال هذه المرحلة بانتقال عناصر الانتاج جميعها بين الدول الاعضاء ومن بينها الموارد المالية والبشرية وكذلك تنسيق السياسات المالية والنقدية وبما قد يؤدي الى توحيد العملة المتداولة داخل التجمع لتصل الى الاتحاد الاقتصادي.
لماذا الآن؟
وفي ختام مؤتمرهن بالقاهرة تؤكد سيدات الاعمال العرب اصرارهن على تبني هذه القضية المصيرية التي يمثل تأجيلها هدراً متعمداً للموارد والخيارات العربية وتشير سيدات الاعمال العرب في هذا الاطار الى ان الوطن العربي يمتد امتداداً فسيحاً من المحيط الى الخليج ليغطي 10,4% من اليابسة في هذا العالم ومع ذلك لا يمثل سكانه البالغ عددهم قرابة 280 مليون نسمة الا نسبة 4,4 من سكان العالم .
ورغم القدرات والموارد العربية المتنوعة الا ان متوسط نصيب الفرد العربي من الدخل هو بين الدخول المتوسطة للفرد في العالم فهو يبلغ قرابة 2100 دولار سنوياً نظراً لان الناتج المحلي الاجمالي العربي في حدود 580 مليار دولار سنوياً وحجم هذا الناتج متواضع نسبياً اذ لا يزيد عن مثيله في بلد مثل البرازيل فضلا عن انه عرضة للتذبذب لاثر عوائد النفط فيه, وتأثر هذه بالسوق العالمية التي تحدث صدمات غير محسوبة في الاقتصادات العربية كان بعضها ايجابيا في عامي 1973 و1978 ثم سلبيا خاصة في عام 1986 ثم السنوات الأخيرة.
ويمكن ادراك حجم هذا التأثر من ان عوائد الصادرات البترولية لجميع البلدان العربية كانت عام 1996 ما يزيد عن 121 مليار دولار وقد بلغت هذه العوائد اقصاها عام 1980م بقيمة 296 مليار دولار الا انها تدنت بعد ذلك الى 69 مليار دولار عام 1988,ويضاف الى هذا التحول تحد عالمي آخر يتمثل في اثر التجارة العربية في التجارة العالمية وهو اثر ضعيف ومخيف اذ ان نسبة الصادرات العربية الى الصادرات العالمية لا تتجاوز 3,2% اما نسبة الواردات فهي اقل من ذلك حيث تدور في فلك 2,8%.
ومع هذا الوضع المقلق فان الوضع الأكثر مدعاة للأسف يتمثل في التجارة البينية العربية التي لا تمثل سوى 9,3% من اجمالي التجارة الخارجية العربية.
ووسط هذه الاوضاع القاتمة تتمسك سيدات الاعمال العرب بخيط رفيع من الأمل بعبور هذه المرحلة حيث تشير المؤشرات الى ان الاداء الاقتصادي العربي يتعافى في الفترة الاخيرة وانه بدأ يستعيد توازنه المفقود من اثر كارثة الخليج حيث تم كبح جماح التضخم وتراجع معدله الى 6% فقط, كما تم التقليل في عجز الموازنات العامة للعديد من الاقطار العربية.
|
|
|