عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعتنت الدولة - وفقها الله - بالمتفوقين والموهوبين، وحرصت على تنمية المهارات الكامنة في نفوس طلابنا، ومن هذا المنطلق اقيمت تجربة فصول المتفوقين في ادارة التعليم في محافظة الزلفي وهي تطبق لعامها الثالث، وقد لاحظت استياء كثير من المعلمين وكذلك الطلاب من هذه الفصول، فكتبت مقالا نشر في منتصف رمضان المنصرم في هذه الصفحة العزيزة من صفحات صحيفتنا العزيزة (الجزيرة) بعنوان: (فصول المتفوقين بين نجاح النظرية وفشل التطبيق) دونت فيه ملاحظاتي على هذه الفصول، وبعد فترة جاءتني قصاصة من احدى صحفنا فيها تأييد لهذه الفصول وتأكيد على نجاح التجربة، وبعدها بأيام قليلة قرأت مقالا صغيرا في حجمه قليلا في عدد كلماته كتبه طالبان من الطلاب المنتمين لهذه الفصول بعنوان: (أنقذونا من فصول المتفوقين) لذا رأيت ان المسألة يجب ان تخلص من الاجتهادات الفردية التي قد تجني على ابنائنا فنظرت في اقوال التربويين وحاولت ان اخلص بفائدة نستفيدها ممن سبقنا في هذا المجال,,وقبل ان ندخل في الموضوع يجب ان نعرف الخيارات التي يطرحها التربويون لتكوين الفصل الدراسي وهي:
1- دمج جميع الطلاب حتى غير القادرين (المعاقين) مع تقديم خدمات اضافية مساعدة.
2- دمج جميع الطلاب حتى غير القادرين (المعاقين) مع تقديم طرق تدريس مختلفة.
3- الفصل الكلي بحيث تقسم الفصول حسب المستويات.
4- وضع نصف الفصل من الطلاب المتفوقين Giftet Student والنصف الآخر من الطلاب العاديين.
هذه الخيارات التي يطرحها التربويون في تكوين الفصل الدراسي فأيها سنختار؟! وأيها يلائم وضع مجتعنا؟ فإذا كان الخيار هو فصل الطلاب المتفوقين عن غيرهم فما الخدمات التي قدمت لهم؟ وما البرامج التي وضعت لهم؟ وهل ندرسهم نفس المناهج التي ندرسها غيرهم؟
أولا : خصائص فصول المتفوقين:
وبالنظر في خصائص ومعايير فصول المتميزين في ولاية كاليفورنيا بأمريكا عندما كانت المناداة إلى تطبيق هذه الفصول نجد تمييز الطلاب المتميزين عن غيرهم بعدة معايير:
1- تصميم مناهج خاصة لهم وان يكون لهذه المناهج عمق.
2- تصميم طرق تدريس خاصة.
3- توفير الوسائل والمعامل.
4- التركيز على الحوار والمناقشة وتدريس اعلى مستويات التفكير الناقد.
5- التركيز على الاستقلالية لدى الطالب، فوظيفة المعلم انه مساعد للطالب فقط.
6- تكثيف المهارات الاساسية من خلال المناهج.
7- ايجاد فرص للابداع والخيارات.
وقد أشارت الباحثة Suzanne Jakson 1995 في رسالتها للماجستير والتي بعنوان: تطبيق دمج الفصول الدراسية، إلى ان فصول المتفوقين - بعد النظر إلى المعايير العالمية في الفصل - يجب ان يكون حجمها صغيرا جدا 12-17 طالبا.
وإنني هنا اطرح تساؤلا لعلي أجد اجابة واضحة له: هل نظرنا إلى هذه المعايير عند تطبيقنا لهذه الفصول في مدارسنا؟!
ثانيا : من هو الطالب المتميز؟!
وإذا أردنا ان نطبق هذه الفصول فيجب ان نحدد الطالب المتميز وفق ضوابط عالمية:
1- الذكاء الخارق (بناء على مقاييس الذكاء والاختبارات الموجودة في نظريات علم النفس).
2- التحصيل العالي ويقاس بناء على اختبارات مقننة ملائمة للمرحلة التي يدرسها الطالب فالطالب لابد ان يحصل على مجموعة مهارات في كل مرحلة دراسية يمكن قياسها بناء على هذه الاختبارات مثل اختبارات: (ايوى، انديانا، استنفورد) وغيرها من الاختبارات.
3- القدرات الاكاديمية الخاصة، فالدرجة ليست مقياسا فريدا لتميز الطالب.
وهنا أقول ايضا هل راعينا هذه الضوابط؟
وإذا كانت الاجابة: اننا لم نضع معايير لفصل المتفوقين، كما اننا لم نضع ضوابط للطالب المتميز، فأين التجربة التي تستحق الدراسة؟!
إن ابناءنا امانة في اعناقنا ويجب علينا نحن التربويين ان نبحث عما يفيدهم، فقد اجرى Birch وزملاؤه دراسة 1984 عندما كانت المناداة بفصل الطلاب المتفوقين وجدوا من خلالها ان التحصيل والتفاعل والتجانس الاجتماعي لدى الطلاب افضل عند الدمج كان هذا عندما كانت المناداة بالفصل قبل 14 عاما، بل ان هذه الدراسة اوصت بدمج الطلاب غير العاديين (المعاقين) بغيرهم.
ثالثا: ان المتأمل في الأبحاث والدراسة التربويين يجد ان التربويين يدعون إلى Inelusive Clasroom أي: دمج الطلاب المتميزين مع غيرهم وهذا لا خلاف فيه بين التربويين بل تكاد تجمع الدراسات التربوية على هذا الامر، وبالامكان الرجوع إلى بعض هذه الدراسات ومنها:
1- دراسة Jemes Bake 1995 مقدمة لنيل درجة الماجستير.
2- دراسة Suzanne Jakeson 1995 مقدمة لنيل درجة الماجستير.
3- دراسة Maryauce Ann Maher 1996 مقدمة لنيل درجة الماجستير.
4- دراسة Barry 1990 مقدمة لنيل درجة الماجستير.
5- دراسة Medonnell 1991 المنشورة في مجلة Remedial and Special Education.
إن هذه الدراسات وغيرها كثير تدعو إلى دمج الطلاب المتميزين مع غيرهم ولقد علت اصوات التربويين تنادي بدمج الطلاب مع بعضهم وعدم التفريق بينهم بعد تطبيق هذه الفصول، وما زالت النداءات والتوصيات الى يومنا هذا تدعو إلى عدم فصل الطلاب المتميزين، ففي مؤتمر جمعية المناهج والاشراف التربوي الذي عقد في سان فرانسسكو في ولاية كاليفورنيا في الفترة 6-8 مارس 1999م تم عرض جملة من الاوراق التي تنادي بدمج المناهج الدراسية التي تحقق مبدأ دمج الطلاب العاديين مع الطلاب المتميزين في فصول واحدة، كما ان المؤتمر اشار إلى ان تميز الطالب بمهارة واحدة لا يعتبر تميزا بل يجب مراعاة جميع المهارات.
إن الخلاف الموجود عالميا ليس في دمج الطلاب العاديين مع المتفوقين، بل في دمج الطلاب المعاقين مع الطلاب الاسوياء بل ان بعض الباحثين يرى دمج المعاقين مع غيرهم تخفيفا لمعاناتهم، وتربية لهم على كيفية التعايش مع المجتمع، وحتى لا يحسوا بالفرقة والتخفيف من مشاعر النقص التي يحسون بها.
إذن فالاولى ان نناقش قضية فصل طلاب فصول التربية الفكرية عن غيرهم من الطلاب في مدرسة مستقلة، فإنني اقول يجب ان تكون هذه الفصول تابعة لبقية المدارس لا أن تكون منعزلة كما هو الواقع الآن.
محمد بن علي الموسى
متوسطة وثانوية الملك خالد الزلفي