إن حضارة الامم، ورقيها ينبعثان من روافد عديدة يقف في طليعتها التقدم العلمي ومستوى التعليم لدى ذلك المجتمع، فبالعلم تسود الامة، وبه تحافظ على كيانها ومن ينابيعه تستطيع ان تصنع تراثاً مجيداً وبه ايضاً تعتمد على نفسها بل وتبلغ الذروة حتى يشار اليها بالبنان فما سادت امة وبلغت شأواً عظيماً الا وتجد انها متسلحة بسلاح العلم.
ولقد ادرك هذا الامر المسؤولون في هذه البلاد ووعوه وايقنوا باهمية العلم وانه مفتاح التقدم والرقي، وباب الحضارة الشامخة فبذلوا قصارى جهدهم لتحقيق الغاية المنشودة والهدف السامي وجعل المجتمع مجتمعاً متعلماً وهذا الامر لايخفى على ذي بصر, ولم تقف همة المعنيين بامر التعليم عند هذا الحد بل اشرعوا الابواب وفتحوا المجال لكافة التخصصات الدقيقة التي اثمرت بتوفيق الله ثماراً يانعة آتت اكلها فكما نرى التطور العلمي المذهل الذي جعل فينا اطباء مهرة ينافسون امهر اطباء العالم وجعل فينا مهندسين ذوي مستويات عالية واوجد لدينا باحثين استطاعوا ان ينالوا كبرى الشهادات العالمية مما جعل المواطن السعودي يشعر بالفخر والاعتزاز وهو يرى ابناء وطنه يجارون المتميزين العالميين.
وهذا بالطبع راجع الى الارضية الصلبة التي رسا عليها ميدان التعليم في بلادنا, لذلك ارى انه من واجبنا الحفاظ على هذه الاصالة والتميز وان نشحذ همم الجيل القادم لجعله جيلاً فعالاً مدركاً أهمية مايتلقى ومؤمناً بمسئوليته تجاه ما يتميز به وان نعودهم على احترام معلميهم وتقديرهم حتى تكون هذه هي الركيزة الاساسية التي ينطلقون منها الى تحقيق طموحاتهم وغاياتهم النبيلة السامية ولذلك نرى ولله الحمد افواج الخريجين من مختلف التخصصات نهاية كل عام ومن مختلف مناطق المملكة.
ولكن وللاسف الشديد ومنذ قرابة عشرين عاماً او اقل فإن خريجي بعض المحافظات يعدون على اصابع اليد الواحدة, فنرى المتفوقين علمياً يتوجهون الى كافة التخصصات العلمية ثم يصطدمون بالواقع المرير وهو صعوبة تلك الكليات العلمية مما يجعلهم يحولون مسارهم الى كليات اخرى فاصبح ذلك عادة سنوية، ولان معرفة الداء جزء من معرفة الدواء فاقول إن هذه المشكلة لها اسباب ومن اهم اسبابها في نظري:
1-عدم تهيئة الطالب التهيئة العلمية التي تجعله معتمداً على نفسه فيجد الطالب ابواب النجاح مشرعة امامه مما يجعله يقصر عن اي مجهود.
2-مساءلة المدرس الجاد الذي يعطي كل ذي حق حقه وجعله في دائرة ضيقة ليعدل طريقته لتتوافق ورأي ادارة التعليم لينجح طلابه كلهم ومن ثم تأتي شهادات الشكر والتقدير.
3-يكاد يكون دور الموجهين مفقوداً وذلك لأن أغلب الموجهين حديثو التجربة فانعكس ذلك سلباً على الطالب.
4-عدم وضع برامج خاصة للمتفوقين نهاية كل عام دراسي للاطلاع عن قرب على الكليات العلمية وتعريفهم بها وشرح وافٍ عن انظمة الدراسة الاكاديمية لتكون نواة لدخولهم هذا الميدان.
هذه ابرز الاسباب في نظري والله من وراء القصد.
صالح الطريقي
الزلفي