Monday 5th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأثنين 19 ذو الحجة


(الجزيرة) تطرق ظاهرة القسوة والمبالغة في عقاب الصغار
أطفال غرباء في منازلهم وآباء يحطمون المستقبل!!
د, اليحيا: بالترغيب والمدح والقدوة الحسنة نعالج أخطاء أبنائنا

تحقيق : سعد الخرجي
حياتنا العامة في تعاملاتنا الاجتماعية تتميز بالتراحم والتواد والالفة وهذه هي السمة التي تميزنا عن سوانا من الامم والقاعدة التي لم تكن حديثة لدينا، اننا اسرة متماسكة في توادها وتراحمها واذا كان هذا التواد والتراحم بيننا فإن العلاقة بين الابناء وآبائهم تكون اعمق واكثر في توادها ولكن هناك حالة شاذة دخلت الى هذه العلاقة وطغت عليها بشيء من القسوة كما هو في الكثير من البلدان الغربية التي اصبحت ظاهرة القسوة على الابناء والاطفال تهدد المجتمع لاستفحال امرها وعلى الرغم من ندرة مثل هذه الظاهرة في مجتمعنا الا ان وجودها يقلق الكثير من الناس.
ومن هذا المنطلق توجهت (الجزيرة) لدراسة الاسلوب التربوي الخاطىء الذي ربما يقع فيه مربي الطفل دون اهتمام وعدم مبالاة بما سيحدث في مستقبله بسبب هذا الاسلوب فالبعض يقصد تربية ابنه ولكنه لا يعلم ان هذه القسوة لها تأثيرات جانبية قد تؤثر على حياة هذا الطفل مستقبلا لان هناك من يعاقب اطفاله بالضرب والحبس والكي والحرمان والتخويف لان الطفل يتأثر بمن حوله سواء كان المجتمع صالحا او فاسدا والكل يتساءل لماذا الاطفال يميلون للعنف سواء كان في الشارع او المدرسة اوفي المنزل وبالطبع الجواب جاهز لأن الطفل يعامل بعنف وبقسوة ومبالغة في العقاب ويحاول الطفل هنا ان ينتقم لنفسه مما حدث له حتى ولو كان في الغير.
معاملة الأطفال بقسوة
تولد العنف لديهم
في هذا السياق يقول عبدالعزيز بن يوسف العساف لقد اصبح من المعتاد ان نرى كثيرا من الاطفال يميل الى العنف سواء كان في المنزل او الشارع او المدرسة وهذه الظاهرة انما سببها معاملة الاطفال بقسوة والمبالغة في العقاب وكثيرا ما نسمع عن بعض الاطفال يحطم اثاث المنزل او حتى يقوم باشعال النار في الاثاث وهؤلاء الاطفال عندما يكبرون ويستمرون على هذا الحال سوف يكونون والعياذ بالله شرا ووبالا على اسرهم ومجتمعهم والسبب وراء هذا العنف هو قسوة الاباء الامهات.
قصة مؤلمة بسبب العنف
ويسرد لنا سعد عبدالله نغيمش السبيعي هذه القصة المؤلمة حول عنف الاباء مع الابناء فيقول: لقد وصلت القسوة بأحد الآباء ان قيد اليدين والقدمين لاحد ابنائه بقسوة ومدة طويلة حتى ماتت الاطراف واجريت عملية بتر اليدين والقدمين لهذا الطفل المسكين الذي فقدها الى الابد ويضيف ويالها من قسوة وغلاظة ويا من تضرب ابناءك وتقسو عليهم هل تريد تأديبهم ام انك تنفس عن ضغوطك النفسية ومشاكلك الشخصية وسوء تعاملك؟
التربية الإسلامية السليمة
وحول هذه النقطة يقول احد الاباء: اذا كان الاب يريد حقا تأديب الابناء وتربيتهم التربية السليمة فلنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة حين يقول (لا تنزع الرحمة الا من شقي) وكان صلى الله عليه وسلم قد رأى رجلا يضرب صبيا فقال له: (الله اقدر عليك من قدرتك على هذا الطفل) ونهى عن ذلك وكان عليه الصلاة والسلام يهذب النفوس ويدعو الى الرفق والرحمة حتى بالحيوان فقد علمنا ان امرأة دخلت النار في هرة حبستها وكذلك رجل دخل الجنة بسبب اعطائه الماء لكلب عطشان ويتساءل أليس ابناؤنا احق بالرحمة والشفقة؟!
عجباً لحال الآباء
ويتعجب عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن التويم لحال الاباء فإذا كان خارج المنزل او في العمل او جلسات السمر مع اصدقائه فإن حاله يسر الجميع فهو مبتسم مبتهج رقيق المشاعر مرهف الحس وذو ذوق رفيع اما اذا دخل المنزل انقلب حاله الى تجهم وكشر عن انيابه يزمجر ويصدر الاوامر هنا وهناك والويل واشد العقاب اذا خالف احد ابنائه اوامره ولو عمل شيئا على غير هواه يثير جو الكآبة والخوف في منزله وبين ابنائه,, واضاف فهل يا ترى من يفعل ذلك له عقل او ذو رشد؟
ضعف الشخصية سبب عنف الأب
ويرجع الاختصاصي الاجتماعي احمد القرني اسباب معاملة الابناء بالقسوة والعنف الى ضعف في شخصية الاب ومحاولة منه لتحقيق ما فشل فيه خارج المنزل وهو مرض الاكتئاب النفسي المصحوب بنوبات عدوانية وقسوة او مرض ازدواج الشخصية او استحواذ الشيطان على الاب فأنساه ذكر الله وحسن الخلق.
القسوة مع الطفل أسلوب خاطىء
اما الاستاذ سليمان بن سعد الاحمد فقد قال: انه مما يؤسف له ان بعض العائلات من الوالدين او من احد الاقارب يتخذ من اسلوب التخويف طريقة للتقويم والتحكم بتصرفات الطفل اعتقادا بأنه اسلوب تربوي وهذا خطأ جسيم يلزم التنبيه له ومن هذه الاساليب التخويف بابداء الاستياء الشديد والغضب الحقيقي مع التهديد بالعقاب من قبل الوالدين بسبب بعض التصرفات التي تصدر من الاطفال واشار الى ان استخدام مثل هذا الاسلوب لردع الاطفال يؤدي الى نتائج عكسية فالتخويف بعقاب الطفل جسديا قد يولد لديه ردود فعل سيئة كالعنف مستقبلا في فترة المراهقة او حتى عندما يصبح مسؤولا في المجتمع او عندما يصبح رب اسرة.
القسوة تجعل الطفل غير قادر على الاتصال
ويستطرد الاستاذ نايف بن محمد الشريف حول النتائج العكسية التي قد تحدث للطفل مستقبلا فيقول: قد يحدث له الاكتئاب وعدم القدرة على الاتصال ومواكبة الحياة الاجتماعية وكذلك باقي انواع التخويف قد تزيد من حدة الرعب فيكون شخصا مضطربا مستقبلا حتى في دراسته قد يلجأ لشتى انواع سوء التصرف سواء كان باستعمال العقاقير المهدئة او المخدرات او غيرها من الطرق غير المشروعة وهذا مما يجعله مريضا يلزمه العلاج لدى اختصاصي الامراض النفسية ويؤكد ان الاطفال عادة ما بين سن الثالثة والرابعة من العمر يخافون من الظلام والوحوش وبعض الحشرات ولكن هذا الخوف يتلاشى ويزول مع تجديد الثقة والاطمئنان وهذا يتم باستيعاب الطفل للمعلومات عن تلك الاشياء المخيفة بالنسبة له وبالتالي يتعامل معها بشكل حقيقي وطبيعي.
نماذج أخرى للتخويف
وحذر الاستاذ محمد بن مجري السبيعي من تخويف الطفل من دخول بعض الاماكن لوجود بعض الحيوانات وذلك لردع الطفل من التعامل معها والاقتراب منها بسبب ما لديه من الاستطلاع والمعرفة لما حوله وحذر ايضا من التخويف الذي قد لا ينتبه له الوالدان وهو السماح للطفل بمشاهدة الافلام التلفزيونية المرعبة والتي قد تؤدي الى تشويش ادراك الطفل وزيادة حدة الخوف لديه وبالتالي الرعب والاضطراب مما قد يؤثر على نشاطه اليومي وحتى على نومه وتغذيته ايضا ومن الحالات التي يمكن ذكرها من نتائج التخويف والرعب لدى الاطفال حالة طفل يرفض دخول دورة المياه وذلك لخوفه منها لان والده كان يعاقبه بحبسه داخل دورة المياه.
الطفل يعتمد على الفطرة الصحيحة
ويعلق على هذا الموضوع محمد بن جري العتيبي قائلا: ان معرفة طبيعة الانسان طفلا كان او راشدا ضرورية للسير في العملية التربوية حيث ان الطفل منذ صغر سنه يعتمد على الفطرة الصحيحة الا انه يتأثر بمن حوله سواء كان المجتمع الذي حوله صالحا ام فاسدا ولهذا فإن المجتمع يؤثر تأثيرا كليا على الطفل والا ما رأينا انحلال الفطرة في المجتمعات الفاسدة ويخطىء بعض الناس عندما يظن ان تربية الطفل باستعمال التسلط والتخويف اسلوب تربوي بل ان ذلك قد يضره اكثر مما ينفعه لأن هناك وسائل متعددة وتكون نتائجها افضل لتربية الطفل.
معاناة أسرية متكررة
وبعد ان استمعنا الى آراء ومقترحات بعض من يعيشون في صميم المجتمع نستمع الان لبعض الوقائع والمشاكل الاسرية التي تتكرر مشاهدها دائما في المنازل عن طريق تأديب الاطفال بالعنف والقسوة.
تقول الاخت (ن,ع) ان زوجي عصبي ويثور لاتفه الاسباب وهذه ليست المشكلة ولكن المشكلة تكمن في ابني البكر (س) الذي يبلغ من العمر العاشرة, فزوجي يعامله معاملة قاسية جدا وكلما اخطأ ابني حتى ولو كان خطأ تافها ينهال والده عليه بالضرب واحيانا بدون سبب يذكر,, وكلما ناقشته عن اسباب ذلك قال دعيني ارب الولد.
اما الاخت (أ,ي) فتقول ان صديقتي لديها طفلان اكبرهما عمره خمس سنوات والآخر ثلاث سنوات وهما يعانيان من قسوة والدتهما الزائدة عليهما لدرجة انها تحبسهما في غرفة مظلمة واحيانا اخرى في دورة المياه ودائما تستخدم معهما اسلوب التخويف والتهديد وتبين انه رغم المشاكل الكثيرة التي حدثت بينها وبين زوجها بسبب عدم رحمتها لاطفالها الا انها لم تتغير.
المعالجة التربوية
لسلوك الطفل الخاطىء
وعن الاساليب التربوية السليمة الواجب اتباعها لعلاج سلوك الاطفال اذا صدر منهم مخالفة او اردنا ان نوجههم الى الطريق الصحيح استضفنا الدكتور عبدالله بن خالد اليحيا (اختصاصي امراض نفسية) الذي قال ان هناك كثيرا من الطرق الواجب اتباعها لمعالجة تصرفات ابنائنا حال خطئهم ووقوعهم في المحظور ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مايلي:
- وعظ وتلقين الطفل وذلك بتبيين الصالح وغير الصالح.
- الترغيب والترهيب ويعتمد ذلك على المدح والتشجيع.
- القدوة حيث ان الطفل يميل بشكل كبير الى التقليد لقرنائه المخالطين له ولمن هم اكبر منه سنا علما ان التقليد اقوى واسرع وسائل التربية الخلقية وخصوصا في مرحلة الطفولة.
دعوة إلى الآباء والأمهات
ولا يسعنا في الختام الا ان نوجه الدعوة الى الاباء والامهات الذين يتخذون من العنف والقسوة مع ابنائهم منهجا في تربيتهم ونقول لهم تعالوا معا لكي نربي ابناءنا تربية سليمة وصادقة حتى نعد جيلا خاليا من العنف والعدوانية والامراض النفسية.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
جامع الملك عبد العزيز
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved