Tuesday 6th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الثلاثاء 20 ذو الحجة


ترانيم صحفية
ماذا يمثل المسنون في حياتنا؟!

يمر الفرد بمراحل عمرية تمثل دورته الانسانية ابتداء من الطفولة فالمراهقة فالشباب ثم الشيخوخة وفي كل مرحلة عمرية يمر الفرد بتغيرات نفسية تهز من أركان شخصيته لتبرزها في كل فترة بشكل يتناسب مع متطلبات تلك الفترة فالشاب يفرض شخصيته في عمله وفي منزله بجهده وتعبه وتعامله الجيد مع الآخرين ولكن عندما يدخل مرحلة الشيخوخة تبدو عليه علامات الضعف والاهتزاز النفسي خصوصاً عندما يجد نفسه قد انزاح من امتلاكه منزلا كبيرا الى احتجازه في حجرة في احد أركان هذا المنزل لأن المنزل كاملاً اصبح يعيش فيه ابناؤه وزوجاتهم وأطفالهم،أما هو فلم يعد يمثل في الواقع من حيث القوة والسيطرة شيئا فأبناؤه أصبحوا رجالا وبناته ايضا وهو قد اصبح عاجزا حتى عن المشي أو أبسط ما يمكن ان يقوم به لنفسه، لقد تجاوز السبعين عاما وكلمته لم تعد مسموعة لدى من حوله بعد ان كان هو الآمر الناهي.
كثير من الناس يسلكون مثل هذه السلوكيات من حيث استخفافهم بكبار السن واعتقادهم بأن رأيهم ومشورتهم لم يعد لها أية فائدة لأنها لم تعد تواكب الوقت الحالي الأمر الذي يدفع هؤلاء الشباب الى تحسيس اجدادهم أو آبائهم ممن دخلوا سن الشيخوخة بأنه لم يعد لهم الدور السابق مما يحبط هؤلاء الكبار نفسياً ويصيبهم بالاكتئاب ويجعل ذلك مدخلا الى كون هذا الرجل المسن عرضة للكثير من الأمراض التي يسيطر عليها الوهم النفسي قبل ان يكون لها أية أسس عضوية فينغلق المسن على نفسه ويعتزل عن مشاركته لمن في المنزل وطبعا مثل هذا الأمر إنما يولد الفرقة والجفاء ونقص أواصر الارتباط مما يدفع الأطفال المقيمين في المنزل الى عمل ذلك بآبائهم اذا دخلوا سن الشيخوخة، هذا جانب وهناك جانب آخر وهو عملية الاستخفاف بهؤلاء الكبار عند تحدثهم والتقليل من دورهم أمام المحيط الاجتماعي لهذه الأسرة فنجد ان كثيرا من الأفراد يجعلون من آبائهم كبار السن ليس موقفا بل مواقف لإثارة الضحك من خلال السخرية والاستهزاء,, وتجريح هذا الرجل المسن بمثل هذا الاسلوب أمر قد يجعله في النهاية يحقد على ابنائه فلا ينالون رضاه ومن المعروف طبعا ان رضا الوالدين والحرص على العمل من أجله أمر واجب قد لا يقدره الفرد اذا لم يفكر فيه واقعيا وبشكل جاد.
وكثير من الناس حجتهم في رفض آبائهم واجدادهم أنهم افراد اصبح التعامل معهم صعباً وأنهم يحتاجون الى زمن أو وقت طويل للتفاهم معهم لذلك فضلوا دائما السير من حولهم دون محاولة ادماجهم معهم في واقعهم وحياتهم بأي شكل من الأشكال وانما اتخذوا لهم طريق النفي لأنه في اعتقادهم لا وقت لديهم - كما ذكرت- لتحملهم,, مثل هؤلاء يا ترى ماذا يتوقعون من ابنائهم ان يفعلوا بهم؟! وحتى لو لم يكن هؤلاء الذين يسخرون منهم آباءهم أو أجدادهم، أليس من غير اللائق ان يقوم الأفراد بمثل هذه السلوكيات، فأحيانا نجد البعض يجلسون في مجلس لتبادل الأحاديث واذا جلس بينهم شخص مسن مثلا وأخذ يسأل عن أي شيء مما يدور في هذا الحديث فإنهم فورا ما يقومون بتسكيته ودحض مشاركته مما يقلل من شأنه ويكسر نفسه ويحبطها ويجعله يجلس في زاوية، لا يتحرك منها,.
اعتقد ان هناك فرقاً بين هؤلاء وبين الذين يدمجون المسن من أقاربهم في أحاديثهم ويجعلونه يشاركهم ويعطونه من المعنوية ما يجعله يقربهم ويزيد من حبه لهم وحتى لو كان هذا المسن متعباً -كما يقولون- في التعامل إلا ان الفرد الشاب يجب ان يدرك صعوبة التعامل مع هذه المرحلة ويراعيها ويحتويها ليعلم أطفاله كيف يحتوونه وكيف يحبونه ويراعونه,,
ولا اعتقد انه أمر كبير ان يرعى الابن والديه أو يحتضنهما بل بالعكس هو أمر واجب فرضه الدين الإسلامي ولكن لابد ان تدفعه العاطفة قبل كل شيء والزوجة الصالحة هي التي تدفع زوجها الى البر بوالديه لا ابعاده عنهما والعكس ايضا صحيح.
نجلاء أحمد السويّل

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved