دعك من المصطلح كما تعرفه المعاجم وكتب الفن، وتأمل الاصل اللغوي له في العربية تجريد كما في اللغات الاجنبية حيث يبدأ بمقطع صوتي سابقه (ab - 1) التي تعني حسما من، حذفا عن، بعيدا عن نزعاً من، ,, إلخ abstract بينما بقية الكلمة تعني يسحب، يجر، يأخذ، ينزع، يجرد .
فلو تخيلت رجلا يلبس ثيابا ثقيلة فوقها معطف فيبدو كشجرة الجميز الضخمة، يبسط ذراعيه بمحاذاة كتفيه، وتصورت ان اشعة معينة قد سلطت عليه فاختفى المعطف، ثم سلطت أشعة اقوى فبدأ الجسم بنحالته، ثم أشعة أقوى فبدأ هيكلا فحسب ثم، أشعة أقوى اخترقت العظام واخفت طبقات منها، سترى بلا شك ان شجرة الجميز اصبحت دائرة بحجم قطعة معدنية هي الرأس، يتدلى منها خط كخط قلم رصاص (مرسم) هو طول القامة ينشق في آخره الى الرقم (8) هو الساقان وخط أفقي هو الذراعان المبسوطتان,, كذا تكون الأشعة قد جرّدت شكل الرجل من كل شيء فلم يبق إلا قلب الجوهر، مجرد خط، الذي اذا سقط منه جزء لم يعد في الإمكان رده الى أصله.
هذا هو الأساس في فلسفة التجريدية في التشكيل، الوصول بالشكل الى حده الأدنى الذي لا شيء بعده إلا الصفر، لتكون كل أشكال الحياة إما خطا رأسيا او خطا أفقيا ومن هذين الخطين ينسج الفنان فضاء لوحته.
لماذا هو التجريد؟ لأن الأشكال التامة بملامحها المحددة (عمرو كما نعرفه او زيد) لا تدل إلا على نفسها فحسب وتجريدها يطلق المدى امام كل المعاني,, كذا نشارك كمتلقين الفنان في عمله يترجم هو الأشكال الى وجودها التجريدي، ونرد نحن التجريد في مخيلتنا الى أصله وفق ما يرى كل منا، يتعدد المعنى بعددنا وكل المعاني ربما مما لم يدر ببال الفنان.
|