نروح,, ونرجع الى وزارة الصحة, والحق الذي يجب ان اقوله شخصياً ان الوزارة الجليلة بشخص وزيرها الشاب الناجح المتدفق بالعطاء لم توجه لي اي رد سلبي او تشمّ منه رائحة الضيق بالنقد على كثرة ما تناولتها لائماً او طامحاً، او لافتا نظر المسؤولين فيها الى مسألة تؤرقني كمواطن هذه حقيقة يجب أن تقال, لا أكثر!.
من البديهي ان (المواطن) مطالب بأداء ما عليه من واجبات, في عمله وفي بيته وفي الشارع العام, وفي الطائرة او وسيلة النقل الجماعية (إذ: ممنوع التدخين) وامام شرطي الدورية, وعند اشارة المرور, وفي تسديد فواتير الخدمات اولاً بأول, وفي احترام حرية الآخرين, وعدم ممارسة حريته الشخصية بشكل يؤذي انوف الآخرين, وفي الحفاظ على البيئة وعدم قطع الاشجار والزهور, وفي سلوكه في القيادة, واشياء لا نستطيع عدها, ولكن من الضروري ان (يعرف المواطن) حقوقه ولا يتنازل عنها من اجل (حب خشوم) او (فزعة رجاجيل), لأنه متى صار يفرط بحقوقه يصبح غير مؤتمن على المكاسب الوطنية للشعب والوطن!.
نحن بدأنا الموضوع من منتصفه ووضعنا زبدته في الوسط، لذلك نعود الى وزارة الصحة إذ صارت (تسعر) الدواء بالوحدة لا بالعبوة, خصوصاً في بعض انواع (الأمبولات) فيكتب على الكرتون سعر العبوة الكاملة, وسعر الأمبولة الواحدة, وهذا امر ضروري جداً ويعمل به في جميع الدول, فالمواطن ليس مضخة للأموال يشتري علبة من الدواء بمائتي ريال (200) بينما هو لا يحتاج الى اكثر من ربعها فيدفع خمسين إذن, فلو فرضنا ان مواطنا احتاج في لحظة تعب جسدي طارىء الى حقنة مسكنة للالتهابات (كمضادات الروماتزم) مرة واحدة فإنه سيشتري علبة بأربعين ريالاً فيها خمس حقن, سيرمي نقوده للبائع ويرمي مرة واحدة الحقن الأربع المتبقية, وهذا: هدر! للمال: وللدواء.
الآن ما يحصل هو ان الصيدلي (يبيع بكيفه ومزاجه) تريه سعر الوحدة على الكرتون فيقول بكل وقاحة: انا لا ابيع الا بالكرتون, طيب الا تعرف ان هذا قرار من وزارة الصحة؟! فيرد: ونا مالي ومال الوزارة, روح شوف لك صيدلية ثانية تبيعك بالحبة! هكذا,, بكل برود القى عن كاهله العبء, تعليمات الكفيل فوق قرار الوزارة, يا سلام! المواطن الذي حدث له الموقف يروي الحكاية هكذا, يقول فقط كنت بحاجة الى حقنة )Vit B complex( واحدة لأن طبيبي نصحني ان آخذها كلما شعرت بأوجاع في العصب حتى لا أصبح زبونا يومياً على ادوية الروماتزم التي تضر على المدى البعيد بوظائف الجسم, وعندما رفعت صوتي عليه كما يفعل هو ركض الى التليفون ونادى الدوريات الأمنية! ولأنه لم يقل سوى: تعالوا عند مستوصف كذا, توقعت انهم لن يجيئوا، لانه لماذا يجيئون عند مستوصف كذا؟! ما القصة؟ وخرجت والعفاريت (تتنطط) في وجهي فقال منتصرا: تعالى! ما تهربش!.
وحين حركت سيارتي واذا بالجيب (حق) الدوريات تقف, فنزلت، ونزل منه الرقيب, وتبادلنا تحية (الله اعلم بها) قلت للرقيب القصة، وافهمته ان من حق المواطن حسبما هو مكتوب على هذا الكرتون ان يشتري حبة واحدة, فقال: وهو وش يقول؟!,, فصرخ الصيدلي الهمام: دا يا استاز (مخاطباً الرقيب) دوا عصبي (لاحظ) لازم يتوخد ب(الكورس) و(الكورس) يحدده الطبيب ستة شهور, اكثر, اقل, اي انه يريد ايهام العسكري بأنه طبيب ايضاً، وامام هذه اللهجة العلمية قال الرقيب لي (يحكي المواطن) يا رجال, شف صيدلية ثانية هو يقول انه ليس راضياً ان يبيع, قلت للرقيب بمرارة: وهل تسمح له كونك سلطة تنفيذية ان يخالف قانون الوزارة؟!: قال: والله ما اعرف هالأشياء, تبون الى الضابط هيا - تبون تسامحون (لاحظ) انتم احرار, وذهبت بخفي حنين مهترئين ملعون جدهما!.
قضية تطاول الصيدلي هذه قضية اخرى.
مبادرته الغير وجلة بمناداة الشرطة, قضية اخرى.
ليس هذا حادث اصطدام او (هوشة) او ان المواطن قسره على أخذ حقنة ولم يدفع ثمنها لا, القضية ان المواطن (أهين) وسلب صيدلي من (بتوع دبلوم الصيدلة) حقاً من حقوقه, والشرطي يتعامل مع الواقعة على انها خصومة شخصين بين الاثنين, فيعرض عليهما ان (يتسامحا) و,,(كل يصلح سيارته)! يا سادتي: يجب الا نفرط بحقوقنا, والا يتعامل رجال الأمن مع هذه المسائل التي تتكرر بصورة اخرى هذا التعامل السلبي, بل يجب ان يبادر الى المطالبة بحق المواطن ولو لم يعطه الصيدلي درسه العلمي في (الكورس ومش الكورس)! ان الذي يفرط بحقه يسهل عليه التفريط بواجباته حتى ولو على حساب الوطن الذي يجب ان يعرف كل قادم اليه ان مواطنيه كرماء ومتسامحون ولكنهم ليسوا أغبياء!.
|