*- الرياض -الجزيرة - واس
في الرابع والعشرين من شهر مارس الماضي بدأت غارات حلف شمال الاطلسي على المنشآت العسكرية الصربية متزامنة مع حملة عسكرية برية ينفذها الجيش الصربي ضد البان اقليم كوسوفو الذين يزيد تعدادهم عن مليوني نسمة.
وفي الغارات الجوية الملتلاحقة والتهجير القسري لسكان هذا القليم نحو مخيمات في الدول المجاورة يجعل المجال مناخاً امام كارثة اقتصادية للالبان المهجرين وللصرب وللدولتين المتجاورتين هما مقدونيا والبانيا اضافة الى تلك الازمات التي تلحق بجمهورية البوسنة والهرسك التي لم تفق بعد من ازمة الحرب الاهلية الشرسة التي حطمت فيها البنى التحتية وهجرت مئات الالاف من البوسنيين.
لقد اظهرت دول اوروبا الشرقية واوروبا الوسطى من المعسكر السوفيتي السابق خالية الوفاض مع ديون متراجمة بملايين الدولارات.
وامام مئات الالاف من اللاجئين سوف تتأزم الاحوال الاقتصادية وتخشى تلك الدول من استمرار القتال في حالة اتساع موجة الحرب فان اوروبا سترى نفسها وسط كارثة تشبه الى حد كبير تلك الكارثة التي حلت بها ابان الحرب العالمية الثانية.
لقد خسر الالبان المهجرون منازلهم في العاصمة الاقليمية بريشتينا كما دمر الصرب قرى البانية في اقليم كوسوفو فهناك ما يزيد عن مليون نسمة بدون مأوى كما دمرت الغارات الاطلسية القدرات الدفاعية والهجومية ومراكز الشرطة والمطارات وبعض مباني الوزارات والمؤسسات الحكومية وتلك الخسائر التي لحقت بالبنى التحتية تقدر جميعها بملايين الدولارات.
والقطاع الخاص في يوغوسلافيا الآن لا يمكنه المضي قدما في بناء المؤسسات التجارية والصناعية فقد عاشت صربيا حصاراً عالمياً بسبب مواقفها المتشددة في البوسنة والهرسك ثم في كوسوفو مما يلزم حكومة ميلوسوفيتش للعودة الى النهج الاشتراكي والعودة الى الشيوعية من الناحية الاقتصادية فالحكومة بحاجة الى التجهيزات الصناعية والمؤسسات التجارية لتكون راس مال يساعد على استمرار الحرب اضافة الى ما تنتظره صربيا من دعم وعون متواصل من المتعاطفين معها مثل روسيا واليونان ومقدونيا.
ومع استمرار هذه الحالة المتزايدة فان رؤوس الاموال الصربية سوف تضطر للهجرة من يوغوسلافيا السابقة بكاملها والبحث عن مصادر مساندة بل ان فرص العمل سوف تتقلص وترتفع نسب ومعدلات البطالة في صربيا مما يجعل حكومة يوغوسلافيا امام خيارين لا ثالث لهما.
اما توقيع المعاهدة واقتراض مبالغ مالية الاصلاح ما افسدته الحرب او المضي قدما لتحويل البلاد الى دولة للفقراء.
لقد نسبت وكالة الانباء اليوغوسلافية الى مسؤول كبير في الحكومة القول بأن الاقتصاد اليوغوسلافي يسير بشكل مرض وان الكهرباء متوفرة في حين تبدو بوادر نقص في الامدادات النفطية.
ووصف اقتصاد بلاده بانه منذ عام 1992 يعيش حالة حصار دولية وانه تبعاً لهذه الحالة واستمرارها فان الاداء الاقتصادي يعد جيداً لكن الواقع يتناقض مع هذا التصريح.
فقد وصف المنشآت الصناعية والعسكرية بانها تعمل بالرغم من القصف المستمر من حلف شمال الاطلسي على تلك المنشآت في حين يعلن الناتو بانه قد تم تدمير القوة الدفاعية والهجومية وقصف عدد من الطائرات المقاتلة كما ضرب محطات توليد الطاقة الكهربائية وخطوط الامداد والتموين للقوات الصربية.
واذا كان هذا هو الحال في الدولة التي تتعرض للقصف خلال 24 ساعة منذ 24 مارس الماضي فكيف يمكن القول عن اقتصاديات الدول المجاورة والتي تعاني من وطأة تدفق اللاجئين الالبان ولكن ما هو اثر الحرب في دول العالم الاخرى.
اما دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا فقد ذكرت وكالات الانباء تحسن او ثبات في اسواق المال في كل من الاردن وتونس والمغرب ودول منطقة الخليج وايران وتركيا.
اما في اوروبا وامريكا وجنوب شرق اسيا فقد ارتفعت مؤشرات اسواق المال في كل من الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا والمانيا بنسب متفاوتة ما بين 0,05 الى 1,21 في المائة خلال الثلاث شهور الماضية.
اما اسعار صرف العملات الرئيسية فقد تفاوتت في صرفها مقابل الدولار الامريكي.
وقد تم صرف الدولار الامريكي ما بين 120 و118 يناً وانخفض اليورو امام الدولار بنسب طفيفة على مدى ايام الشهر الماضي.
اما اسعار المعادن النفيسة فقد تم بيع اوقية الذهب ما بين 279 دولار في حين بلغ متوسط سعر البيع 279,60 دولار ووصل سعر البيع الى 279,90 دولارأً.
اما اسعار الفضة فقد تراوحت ما بين 5,04 الى 5,50 دولاراً للاوقية.
ويرى اقتصاديون ان اسواق المال ومؤشرات اسعار اسهم الشركات العالمية واسعار الذهب سوف تشهد تحسناً في حال استمرار حرب البلقان.
الا ان اقتصاديين اخرين يرون ان حرب البلقان في حال استمرارها قد تلحق اضراراً كثيرة في مسارات اقتصاديات الدول ذات العلاقة المباشرة بالحرب مما ينتج عنه سلبيات في اسواق المال الاقليمية العالمية.
وذكرت مصادر اقتصادية وعسكرية ان تكلفة قصف يوغوسلافيا قد تصل الى ملياري دولار بالنسبة للقوات الامريكية وانه يخشى من ان يتسبب ذلك في اثارة الجدل حول ميزانية الدفاع الامريكية.
ووفقاً للحسابات التي قام بها مركز التقييم الاستراتيجي والمالي وهو جهة غير حزبية فقد تم انفاق حوالي 500 مليون دولار خلال الاسبوعين الاولين من الحملة.
وجدير بالذكر ان المركز استند في حساباته بالاساس على تكلفة صواريخ الناتو التي تم اطلاقها على يوغوسلافيا منذ بدء الحملة في 24 اذار مارس الماضي ولا يشمل هذا الرقم الاموال التي انفقتها الدول الاعضاء الباقين في الناتو المشاركين في القصف.
كما لا تشمل التكلفة كذلك مساعدات الاغاثة الى مئات الالاف من لاجئي كوسوفو الذين يقوم جنود الصرب والقوات الصربية شبه العسكرية بطردهم من منازلهم.
ولكن مع تعهد الرئيس كلينتون بأن القصف سوف يستمر وسوف يكون متواصلا وبلا هوادة فقد تتزايد التكلفة حتى تصل الى ما بين اثنين الى اربعة مليارات دولار.
ولم يصدر البنتاجون بعد اي ارقام حول التكلفة المتوقعة غير ان الصواريخ كروز تتكلف مابين مليون الى مليوني دولار لكل منها بينما تتكلف رحلة الطيران لقاذفة الشبح بي 2 من ولاية ميسوري في امريكا الى يوغوسلافيا ما قيمته 300 الف دولار من الوقود.
كما ان دفع نصيب الولايات المتحدة في عملية القوات الحليفة سوف يستلزم تشريعاً طارئاً للانفاق يسنه الكونجرس وسوف يقتطع ذلك من فائض الميزانية المتوقع.
|