Monday 12th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأثنين 26 ذو الحجة


قضية العولمة وجهود الغرف التجارية
عبد الرحمن بن علي الجريسي *

ينظم مركز تنمية المنشآت والاستثمار بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض اليوم الاثنين محاضرة عامة تحت عنوان (المنشآت السعودية في ظل العولمة) يلقيها كل من السيدين (كيفين تايكر) كبير الاقتصاديين بالبنك السعودي الامريكي والدكتور عبد الله بن سعد الدوسري مستشار الغرفة لشؤون منظمة التجارة العالمية والشؤون الاقتصادية.
لقد اشتق مصطلح العولمة في الناحية اللغوية من كلمة العالم وهذا الاشتقاق ترجمة عن اللغة الانجليزية لمصطلح Globalisation المشتق من كلمة Global اي دنيوي كوني عالمي شامل فالعولمة من الناحية الاقتصادية تعني اندماج الاقتصاديات الوطنية في اطار السوق العالمية بما يؤدي الى تغيير نمط وكميات تدفق الموارد العالمية من كافة عناصر الانتاج بما تشمل من رؤوس اموال وتقنيات وايد عاملة اضافة الى ناتج هذه العناصر من تجارة وخدمات، فالعولمة انما تمثل عملية الصيرورة الجارية لتحول العالم فالعالم على حد قول عالم الاجتماع الكندي مارشال ماك لوهان اخذ في التحول الى قرية كونية صغيرة فالمغزى النهائي لهذا التحول هو الوصول الى عالمية الانتاج القائم على اساس التحول في الاتجاه الذي يستطيع فيه هذا الانتاج من تحقيق ميزته النسبية وكذلك تحويل العالم الى سوق كبيرة مفتوحة تهيمن عليها قوانين العرض والطلب الكونية وتتراجع في ظلها التأثيرات القطرية والقومية.
بهذا المفهوم نجد ان العولمة انما هي في الاساس ممارسات لصيفة بالشركات عابرة القارات باعتبار انها تمارس انشطتها على اساس تدويل Internationalisation الاقتصاد الا ان هذه الممارسات قد اخذت ابعاداً جديدة وسعت من النشاط الاقتصادي لهذه الشركات في اطار عالمية الانتاج والسوق ومن ابرز الصور والاشكال التي صاحبت هذه الممارسات: العلاقات المتداخلة بين المنشآت في مختلف دول العالم وهذه قد تأخذ شكل الترخيص بممارسة النشاط او انجاز البحوث التطويرية المشتركة (خاصة بين الدول الصناعية) او التعاقد على عمليات التمويل والامداد لفترة طويلة المدى كذلك سرعة وسهولة الانتقال المباشر لرؤوس الاموال وتدفقها نحو مختلف دول العالم اضافة الى الثروة التقنية الهائلة التي ساعدت على سرعة تدفق المعلومات، الى جانب الاتفاقيات التي تم التوصل اليها بشأن تحرير التجارة العالمية كذلك فقد لعبت الاصلاحات بشأن دور الدولة في كثير من دول العالم التي كانت تلجأ للقيود المشددة على حركة التجارة ورؤوس الاموال دوراً كبيراً في تسريع عمليات العولمة واخذت تنتشر في هذه الدول - على غير ما كان سابقاً- الكثير من الاستثمارات الاجنبية المباشرة وفي كافة المجالات الخدمية والانتاجية فعلى سبيل المثال: نجد ان كثيرا من متاجر التجزئة الكبيرة في امريكا قد اخذت تقيم لها فروعاً في مواقع مختلفة بكافة انحاء العالم وكذلك الأمر بالنسبة لشركات الوجبات السريعة وغيرها من منافذ تقديم الخدمات المباشرة, ومن حيث النتائج المتوقعة لهذه العولمة هناك من يبرزون السلبيات سواء في الدول النامية او المتقدمة فاذا كانت المخاوف تثار في البلدان النامية من تهميش موقعها وتقليص دور حكومتها في التخطيط وتوجيه الاقتصاد حسبما تقتضيه المصلحة الوطنية والأمن القومي فان هذه الدول اخذت تلجأ لحماية نفسها عن طريق اقامة الاتحادات الاقليمية باعتبار ان الاقليمية Regionalization يمكن ان تساعد في التخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن عملية العولمة من هنا ظهرت التكتلات الاقتصادية الاقليمية كذلك فإن الدول النامية تخاف على صناعتها التي لا تزال في طور النمو خاصة وانها غير منتجة للتقنية وللمعارف التقنية وانها تعتمد على الصناعات (في معظم الأحوال) كثيفة العمل وفي مقابل هذا يرى البعض -في دول اوروبا - ان امكانية استفادة تدفقات الاستثمارات الاجنبية (خاصة الغربية) من المواقع كثيفة العمل سيساهم الى جانب عوامل اخرى في زيادة معدلات البطالة بالدول الأم لهذه الاستثمارات ولكن ربما يكون هذا في حالة الصناعات التي تعتمد على ايد عاملة كثيفة.
ولم تكن هذه المخاوف بلا اساس فاهتمام الشركات متعددة الجنسية بتطوير التجارة الدولية والذي تمخض عنه قيام منظمة التجارة العالمية قد ساهم في نمو التجارة ما بين (1990 - 1995) بمقدار 5% في حين حقق الناتج القومي لشتى دول العالم خلال الفترة من نفسها معدل نمو نسبته 0,5% فقط,
من ناحية اخرى فانه من الصعب تجاهل منافع العولمة وما يصاحبها من ازالة القيود امام التجارة والاستثمار وانتقال رؤوس الأموال فسريان قوانين السوق من شأنها ان تؤدي الى تخصص بلدان العالم في انتاج البضائع والخدمات كل منها حسب الميزة النسبية التي تتمتع بها وهذا من شأنه خفض تكاليف الانتاج على المستوى العالمي مما يعود بالفائدة على المستهلك الذي سوف يحصل على بضائع وخدمات افضل وبأسعار ارخص.
فنحن مثلاً في مجلس التعاون قبل التخفيضات الأخيرة كنا ننتج النفط بمعدل يصل الى اكثر من 13,6 مليون برميل يومياً والغاز بمعدل 13 بليون قدم مكعب يومياً ولدينا احتياطات ضخمة من النفط تتعدى ال400 بليون برميل ومن الغاز 720 الف بليون قدم مكعب كما ان تكاليف انتاج هذه الخدمات منخفض جداً ولهذا فان انتاج السلع البتروكيماوية على ضفاف الخليج يتمتع بميزة نسبية في اطار عمليات التجارة الدولية، وكذلك الامر بالنسبة لبعض الصناعات والمنتجات الوطنية في مواجهة المنافسة الخارجية الأمر الذي يتطلب من اجل تقوية هذه الصناعات وتعزيز مكانتها التسويقية - تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول مجلس التعاون واقامة الاتحاد الجمركي بينها والذي يتوقع ان يبدأ اعماله - باذن الله - في اوائل عام 2001م مما يساعد على زيادة المقدرات التنافسية لدول المجلس في مواجهة الدول الاخرى الى جانب رفع معدلات التبادل التجاري بين هذه الدول مما يساعد على تعظيم فوائد العولمة ويخفف من الآثار السلبية التي قد تنجم عن رفع القيود امام التجارة العالمية وتدفق الاستثمارات المباشرة ذات القدرة التنافسية العالية.
واخيرا فانه وانطلاقا من ايمان الغرف التجارية الصناعية السعودية ومنها الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بأهمية قضية العولمة لكافة رجال الاعمال والمسؤولين في منشآت القطاع الخاص لذا جاء توجه الغرفة قائماً على المضي قدماً في عقد مثل تلك الندوات والمحاضرات القيمة والتي مما لا شك فيه لها انعكاساتها الايجابية على منشآت القطاع الخاص من خلال اطلاعه على كافة المسجدات الاقتصادية على الساحتين العالمية والاقليمية.
* رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
ملحق الجبيل
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تغطيات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved