Monday 12th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأثنين 26 ذو الحجة


وجهة نظر
استقرار دخل الدول المصدرة للنفط (2)
د, محمد يحيى اليماني

يتفق الاقتصاديون على ان استقرار الدخل وامكانية التنبؤ بالتغيرات فيه امر ضروري لصياغة ووضع الخطط والاستراتيجيات واتخاذ القرارات السليمة، والناظر لحالة الدول المصدرة للنفط يجد أن دخولها عرضة للتقلبات الشديدة والمفاجئة ويرجع السبب الى كون عوائد النفط تشكل نسبة كبرى من دخل هذه الدول يضاف الى ذلك ان اسواق النفط سريعة التأثر بالعديد من العوامل التي تؤثر في الاسعار والكميات سواء في المدى القصير او الطويل, وهذه العوامل هي من الكثرة والتشعب بمكان تصبح السيطرة عليها جميعاً امراً بالغ الصعوبة، لكن هذا لا يعني ان تقف الدول المصدرة للنفط موقف المنتظر لما سيحدث ومن ثم تبدأ في التصرف وفي الواقع فانه مثلما توحد العديد من العوامل المؤدية الى عدم استقرار عوائد النفط ومن ثم عدم استقرار دخول الدول النفطية ان هناك عوامل في الجهة الاخرى من الممكن ان تعمل على استقرار دخول هذه الدول او على الاقل للتخفيف من حدة التقلبات, وفي هذا الاطار تبرز الحاجة الى اعادة هيكلة منظمة اوبك وتطوير آليات عملها بما يتناسب مع سوق النفط الحالي والطريقة التي تدار بها وهنا لا تفترض المثالية فالتنظيمات مثل اوبك لا يتوقع ان تكون تصرفات جميع الاعضاء سليمة تماماً بل المقصود هو الوصول بالتصرفات غير السليمة الى ادنى مستوى لها عن طريق العمل على تعظيم نقاط الالتقاء والاقلال من نقاط الاختلاف, ومن المتوقع ان يؤدي التعاون والتنسيق المستمران بين الدول المصدرة للنفط سواء الاعضاء في اوبك او غير الاعضاء الى نتائج افضل من حيث استقرار السوق وبالتالي استقرار دخول الدول المصدرة للنفط.
ويتحقق استقرار دخل الدول المصدرة للنفط بدرجة اكبر عندما تتنوع مصادر الدخل اذ ان التقلب في احد مصادر الدخل لن يؤدي الى تقلب شديد في الدخل ككل ويمكن تنويع مصادر الدخل عن طريق التوسع في تصنيع النفط ومشتقاته وعن طريق انشاء صناعات اخرى ليس لها علاقة مباشرة بالنفط لئلا تتأثر بالتقلبات الحاصلة في سوقه متى ما كان ذلك ممكناً,, ويستلزم تنويع مصادر الدخل التعرف على المصادر المحتملة للدخل ومن ثم العمل على تنميتها وتطويرها ويستحسن ان تكون مصادر الدخل هذه مصادر مستقرة نسبياً لا كتلك التي تعتمد على تصدير المواد الأولية والتي ستعاني حتماً مما يعاني منه سوق النفط من مشاكل.
ومصادر الدخل المستقرة نسبياً مرتبطة بدرجة كبيرة بقطاعات التصنيع والخدمات وبمختلف اشكالها، وتتطلب هذه القطاعات استثمارات ضخمة وطويلة الأجل لتصبح مصدراً للدخل,
ويفترض ان يكون مصدر هذه الاستثمارات عوائد النفط التي يجب ألا تتوجه جميعها نحو الجوانب الاستهلاكية لان ذلك يعني اعتماد المجتمع على مصدر قابل للنضوب في توفير دخله وتوفير ما يحتاجه من اساسيات الحياة وهذا بدون شك تصرف غير منطقي,
فالاصل ان البترول رأس مال تكون للمجتمع عبر الاف السنين فهو حق للجيل الحالي وللاجيال اللاحقة فلا يصح استنزافه واستهلاكه بل المفترض احلال استثمارات مربحة تدر دخلاً للمجتمع بدلاً عما يستخرج من نفط,
ولو نظرنا الى واقع الدول الصناعية الغنية التي يتمتع افرادها بمستويات معيشة عالية لوجدنا ان مصادر الدخل الرئيسية في تلك المجتمعات ليست المواد الخام بل الاستثمارات وعوائدها.
وعليه فانه يمكن اعتبار النفط مصدراً لتمويل وتوفير الاستثمارات والتي تعد عوائدها مصدراً اكثر استقرارا للدخل بالنسبة للدول المصدرة له ومما يساعد على تنويع مصادر الدخل ادراك اهمية الادخار وتوجيهها نحو الاستثمارات المختلفة وتقع المسؤولية في هذا الجانب بالدرجة الاولى على المصارف والتي هي مطالبة بايجاد منتجات مصرفية مقبولة لدى افراد المجتمع تحقق الغرض.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
ملحق الجبيل
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تغطيات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved