نحن يا سادة,, في زمن رمادي الهوية,.
اختلطت فيه اوراق,, واهتزت قيم,, وهزلت ذمم,, وبارت شيم,, نحن في زمن (ثملت) فيه أفئدة بْ(كأس النعيم),, ففقدت,, نعيم التوازن,, ونعمة البصيرة!.
* *
,,نحن في زمن رمادي الفلسفة,.
تسعى في دروبه,, اشباح,, من القبح المادي,, والتردي المعنوي تطل عبر بعض وسائل اعلامه التي,, طغت عليها أعاصير ملونة من لذات الحس,, ومتع البصر، وغزتها الشعوذة الفكرية باسم الحرية والتعددية,, في السياسة والثقافة والاجتماع وحتى في بعض ثوابت المعتقد، فتشوه الفكر، وساء الظن,,وفسدت القلوب!.
* *
نحن في زمن رمادي الهوى,.
صار فيه الفقر عاراً,, والعوز,, عيباً,, والحاجة,, إثماً,, والعفة,, فشلاً! اصبح الحفاظ على الموروث الصالح تخلفاً! والقفز المزيف فوق حواجز التفوق ذكاءً!.
وأمسى تمرير الوسائل,, وتبرير غاياتها,, مهارة,, بل واحترافاً! وبات الكذب,, والنفاق,, والتزلف والرياء,, حكمة وحصافة وحلما!.
* *
,,نحن في زمن رمادي الفكر,.
يمارس في ظله الزيف باسم حرية الرأي,, فيظلم,, وتزهق انفاس الحرية حين تتعالى زخات الرفض وتهيمن فتنة الخلاف على عقلانية الحوار وصوابه,, فتموت الحرية دهساً تحت اقدام المتحاورين,, اعني (المتحاربين) بالألفاظ والجمل غير المسؤولة!.
* *
ومرة تلو الأخرى,, نثبت نحن بعض العرب لأنفسنا ولمن حولنا اننا ما فتئنا (نستورد) ممارسات الفكر من الغرب (ونستهلكها),,ولكن على نحو يسيء لنا ولها معاً، ليقال عنا اننا متطورون فكراً,, لكننا في غمرة ممارسة (التقليد) للآخر، نخلط احياناً بين تراكمات الذات القبلية في اعماقنا وبين بديهيات حرية الفكر,, القائمة على التسامح والتعامل بعقلانية وحلم مع الاختلاف!.
* *
,,نحن في زمن رمادي,, الخُْلق،
يرى احدنا الخطأ بأم عينيه,, فيؤثر الصمت,, لا ينكره,, لا بيده ولا بلسانه ولا حتى بقلبه,, فإذا سئل عن صمته، اجاب بعذر اقبح من الفعل: (لعل لفاعل الخطأ عذراً وأنت تلوم!) فتقول له: (ولكنه خطأ واضح فاضح لا عذر فيه او له!) فيرد بطامة اخرى: (استر أخاك ولو كان مخطئاً)!!,مرة اخرى,, تختلط الأوراق بين التستر والستر، ويغدو التستر على الخطيئة فضيلة!.
وبعد,, فإنني التمس من القارىء الكريم العذر والفهم معاً عما اسلفت في حديث اليوم، وما تضمنه من بوح صريح,, فما كانت هذه الأنفاس البريئة لتغادر محار النفس لولا سطوة الزمن,, والوجدان في آنٍ,, وأزعم انها تصور بصدق بعض احوال بشر هذا العصر الرديء، طرحتها لا تشاؤما منه او زهداً فيه، رغم رماديته، ولا نفوراً من بعض أهله,, او تنكراً لهم، رغم ماديتهم، بل محاولة متفائلة ومخلصة,, لإيقاظ وجدان من له وجدان منهم,, كي يصلح من حاله ما استطاع، مستلهماً في ذلك الحكمة الربانية الخالدة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)!
عبد الرحمن بن محمد السدحان