توجهت كالمعتاد لاحضار ابني من مدرسته المتوسطة، ولقد تزامن حضوري للمدرسة مع وقت خروج الطلاب وقدر لي ساعتها ان اشاهد نفرة خروج الطلاب من المدرسة، وكان مما شد انتباهي مشهد تلك السيقان الصغيرة الغضة وهي تعدو بأقصى ما يمكنها من سرعة باتجاه بوابة الخروج من المدرسة, كنت اقرأ في وجوههم الباسمة علامات السعادة والرضا (رغم الارهاق والجوع) لقد كان واضحاً مدى سعادتهم بالافراج عنهم، لكن هذا المشهد يتغير تماماً في الصباح، حيث ترى هؤلاء الطلاب وهم يتجهون لدخول المدرسة من نفس البوابة صامتين مطاطئي الرؤوس يتحركون بخطى متقاربة ومتثاقلة وكأنهم يساقون الى المدرسة (لقد مضى زمن مدرستي تفتح بدري واخذ فطوري واجري) اوحي هذا المشهد لي بتخيل نفسي اقف محاضراً امام مستمعين تم اجبارهم على الحضور دون ان يكون لديهم ادنى اهتمام في سماع ما اقول, انه وبلا شك موقف صعب وممل لا يتمناه انسان، لكن ما بالك بانسان يُلقي يومياً خمس محاضرات من ذلك النوع.
والسؤال الذي يطل برأسه الآن ما سبب هذا الجفاء بين الطلاب والمدرسة؟ ولتقريب الاجابة على هذا السؤال دعونا ننثر الاسئلة التالية والتي قد يكون لها علاقة مباشرة بالمشكلة: هل المنهج ممل وطويل ويميل للتنظير الجاف؟ هل تغيب عن مدارسنا عناصر التشويق من وسائل وانشطة تعليمية؟ هل معلمونا غير قادرين على صنع البيئة التعليمية الملائمة التي تثير فضول الطلاب وتشد اهتمامهم؟ هل البيئة المادية في مدارسنا (المقاعد والمكان والتهوية والاضاءة,, الخ) منفرة؟ هل هناك في المدرسة ما يخيف الطلاب ويقلقهم بحيث يجعل التعلم بالنسبة لهم امر ثانوي بجانب سلامتهم؟ هل دخل المعلم متدن بحيث اثر على جديته ونظرته لمهنته، وهل تزيد انصبتهم عما هو متعارف عليه في اماكن اخرى؟ هل تجد المدرسة المساندة الفنية المتتابعة من القطاع المعني بذلك؟ واخيراً، هل يغيب القرار الاداري الحازم الذي يقرر الحدود الدنيا التي يفرضها العمل التربوي ويلزم الجميع بتجاوزها (واظن ان اجابة السؤال الأخير هي بالايجاب) اعتقد ان الاجابة على هذه الاسئلة سوف تحدد ابعاد المشكلة وتشخصها وتقدم مشروع الحل لكن في كل الأحوال يجب ان تتجاوز اهدافنا مجرد اسعاد الطلاب فقط الى تعليمهم وهو الأهم.
د, عبد العزيز بن سعود العمر